وزير الصحة: سرعة اتخاذ القرار كان في صالح الإمارات خلال أزمة كورونا

استضاف مجلس محمد بن زايد ثالث محاضرته الرمضانية ــ عن بعد ــ تحت عنوان "نقف معا .. استجابة الرعاية الصحية لكوفيد ــ 19"، بمشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وتحدث خلال المحاضرة الضيوف، معالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع والدكتور علوي الشيخ عضو مجلس علماء الإمارات المتحدث الرسمي عن قطاع العلوم المتقدمة والدكتور توم لوني مختص في علم الأوبئة.

وقال معالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع، إن تجربة " كوفيد ـ 19 " جديدة على العالم أجمع وعلى الإمارات أيضا ومن لم يكن مستعدا اضطر أن يعيش أوقاتا صعبة.

وأضاف معاليه أنه "لله الحمد وبوجود قيادة متميزة في الإمارات استطعنا أن نتقبل المرحلة الأولى والثانية بدءا من اكتشاف أول ثم التطور في البحث والكشف والتقصي والمتابعة .. حيث عملت كل الفرق في الجهات الصحية دولة الإمارات لحقيق الهدف الأسمى وهو حماية كل من على هذه الأرض من " الفيروس ".

وأكد معاليه أن الاستعداد كان هو السلاح الأهم والجاهزية وسرعة اتخاذ القرار كان في صالح الإمارات خلال المراحل التي تجاوزناها وإن شاء الله لن يكون هناك أي تحد لا تستطيع الدولة أن تواجهه.

وقال إنه "على المستوى الشخصي وخلال هذه المرحلة من أهم ما اكتسبته وتعلمته ومثل إضافة لي..هو تعرفي على أشخاص في قطاعات مختلفة وروح المحبة والبذل والعطاء والتعاون والفريق الواحد التي كانت سائدة .. وبوجود عدو واحد استطعنا أن نتكاتف جميعا لمواجهته".

وأضاف أن الشيء الآخر هو أنه عندما نرى أن ما عملنا عليه خلال السنوات الماضية من خطط عمل على ورق وجاهزية وغرف طواريء ومتابعة.. كانت حاضرة اليوم وأسهمت في أن تكون كل الجهات في الدولة مستعدة في وقت التحدي.. خطط العمل التي كانت على ورق أصبحت هي ما ننفذه الآن في الواقع ..تعلمنا دروسا جديدة واستفدنا من التجربة .

وقال: أشكر أخواني العاملين في القطاع الصحي الذين قدموا أداء مشرفا لجميع من على هذه الأرض  .. فقد تضافرت جهود كل القطاعات للوصول إلى هذا الأداء المشرف والناجح في مواجهة التحدي .. شكرنا لهم لن يفيهم حقهم .. وأشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على دعم سموه القطاع الصحي واهتمامه بكوادره وتواصله معهم وكل العاملين في الخط الأمامي في مواجهة تحدي كورونا .. نشكره سموه نيابة عن كل فرق العمل الوطنية .. ونتمنى استمرار مجلس محمد بن زايد في أداء دوره الهام في التواصل مع جميع من على هذه الأرض.

من جانبه قال الدكتور توم لوني: " سأحدثكم خلال محاضرة اليوم، عن عضو مهم ولكنه مجهول في طواقم الرعاية الصحية في دولة الإمارات..هؤلاء الأفراد هم الدروع الصامتة التي يعتمد عليها محرك النظام الصحي في عمله أثناء الوباء، إلا أنهم لا يعملون في المستشفيات ولا يعالجون المرضى ولا هم مؤهلون لوصف الأدوية أو إجراء الجراحات.. ومع ذلك فإن هؤلاء الأفراد يعملون بلا كلل جنباً إلى جنب مع أعضاء آخرين من القوى العاملة الصحية أمام الكمبيوتر حتى الساعات الأولى من الصباح ، حيث يقومون بجمع البيانات وتحليلها وتفسيرها، وهذه هي البيانات التي استخدمتها القيادة والحكومة الإماراتية لاتخاذ قرارات فورية وضعتها موضع التنفيذ حول إجراءات الصحة العامة للحد من انتشار الفيروس وحماية المجتمع الإماراتي.

وأشار إلى أنه قبل ظهور وباء كورونا، ربما لم تكونوا قد سمعتم عن علماء الأوبئة من قبل.. سأخبركم بما يفعلونه ولماذا هم مهمون خلال الوباء..أخصائي الأوبئة هو عالم يعمل في طب الصحة العامة ويدرس أسباب الأمراض وتوزعها ومكافحتها، وفي هذه الحالة فيروس كورونا والذي يسببه فيروس سارس  كوفي-2.

وأكد أن دور علماء الأوبئة ، أو " رجال البيانات " كما يفضلون أن يطلق عليهم أحياناً، هو المساعدة في تتبع التغيرات اليومية في عدد وتوزع حالات العدوى مما يسمح لحكومة الإمارات العربية المتحدة باتخاذ قرارات تستند إلى البيانات في الوقت المناسب بشأن تدابير الصحة العامة للحد من انتشار المرض. وساعة بعد ساعة ويوماً بعد يوم، يقوم أخصائي الأوبئة إلى جانب فريق العمل الإماراتي المعني بمكافحة وباء كورونا بمراجعة وتحليل ومحاولة استيعاب الحجم الهائل من البيانات التي يتلقونها.

وقال إن هذه البيانات تسمح لحكومة الإمارات العربية المتحدة بتبني منهج علمي واتخاذ قرارات بناءً على بيانات الوقت الحقيقي وقد تضمنت هذه القرارات على سبيل المثال إغلاق المجال الجوي للبلدان ذات العبء العالي من العدوى وانتقال المؤسسات التعليمية إلى التعلم عبر الإنترنت والعمل من المنزل في جميع القطاعات وحملات التعقيم على الصعيد الوطني، زيادة عدد الاختبارات اليومية للفيروس، وحماية السكان ذوي الأولوية بمن فيهم كبار السن وأصحاب الهمم.

وأكد الدكتور توم لوني أن الهدف الرئيس لعالم الأوبئة هو جمع بيانات دقيقة وموثوقة عن انتشار الفيروس وهذا يتطلب استراتيجية اختبار شاملة ومنهجية.. وقد استثمرت حكومة دولة الإمارات موارد كبيرة في زيادة قدرة الاختبار اليومية إلى أقصى حد حيث تم تصنيفها من بين أفضل دول العالم في كفاءة الاختبارات.

وبين أن حكومة الإمارات لم تدخر جهداً في سعيها للعثور على جميع الحالات الإيجابية حيث اعتمدت نهجاً شاملاً " لتعقب واختبار وعلاج" المصابين ما ساعد على التقليل من انتشار الفيروس في دولة الإمارات.. ويتضمن هذا النهج اختباراً واسع النطاق ومنهجياً لسكان دولة الإمارات، وبمجرد تحديد الحالات الإيجابية المؤكدة، يتم إجراء تعقب صارم وشامل للعثور على جميع الأفراد المخالطين للحالات الإيجابية المؤكدة.

وقال إنه يتم عزل هؤلاء الأفراد كحالات إيجابية مشتبه فيها حتى يتم استلام نتيجة الاختبار.. ويستمر نهج الاختبار والتعقب والعلاج في جميع الحالات المشتبه فيها والمؤكدة للتعرف بسرعة على أي شخص مصاب بالفيروس وعزله. 

ونوه بأن وزارة الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات طورت تطبيقاً على الهاتف المتحرك وعلى شبكة الإنترنت لتسهيل مبادرة الاختبار والتعقب والعلاج .. وبفضل قرار حكومة دولة الإمارات التركيز على الاختبار الشامل في وقت مبكر جداً من ظهور الفيروس، أصبح لدى فريق العمل الإماراتي المعني بمكافحة فيروس كورونا البيانات المطلوبة " لنمذجة التفشي " والتنبؤ بقدرات الرعاية الصحية التي قد يزداد عليها الطلب بسبب ارتفاع عدد الحالات الإيجابية ودخول المستشفيات.

وأضاف الدكتور توم لوني، أنه تم استخدام البيانات الوبائية عن عدد الحالات اليومية في وقت مبكر جداً من تفشي المرض في دولة الإمارات للتأكد من أن الخط الأمامي للقوى العاملة في الرعاية الصحية لديه إمدادات كافية من معدات الحماية الشخصية مثل الكمامات والقفازات والمعاطف الطبية وأيضاً معدات العناية الحرجة وأنواع مختلفة من أجهزة التهوية المطلوبة، في حال واجهت دولة الإمارات ارتفاعاً في الحالات الخطيرة أو الحرجة.

وقال إنه أخيرا تغير العالم كثيراً خلال الأشهر الأربعة الماضية ولن تكون الحياة كما كانت عليه في السابق أبداً، لكن الحياة مليئة بالتحديات ومن خلال المحن التي نعيشها ثمة فرص جديدة .. وبالتالي في حين أن وباء كورونا يمثل حالياً فترة صعبة في حياتنا إلا أنه وقت مناسب للتفكير في حياتنا وسلوكياتنا الصحية ونمط حياتنا، والأهم من ذلك علاقاتنا مع أفراد الأسرة وأصدقائنا.

 من جانبه قال الدكتور علوي الشيخ، إن افتراضية هذا المجلس حتمتها الظروف التي يمر بها العالم ولا يخفي على أحد ما يعيشه العالم من تحدي وأزمة قد لا تذكر لها مثيل في التاريخ الحديث سمواء في نطاقها الجغرافي حيث لاتوجد دولة لم تتأثر بهذا الوباء أو في آثار وتداعيات الأزمة على العديد من المستويات ..فالأزمة وإن كانت صحية في أصلها إلا أنها لها تداعيات تمس قطاعات كثيرة سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو الأمني أو السياسي.

وأشار إلى أن الأزمات حسب طبيعتها وتعريفها تتسم بكثرة الالتباس والتساؤلات في الأمور وهو ما عيشه اليوم مع أزمة كورونا المستجد .. والأسئلة المطروحة من قبل الدول ما هو الطريق الأنسب لمقاومة الوباء وكيف ينتقل الفيروس من شخص إلى آخر وماهو العلاج الأنسب وكيف نعيد عجلة الاقتصاد إلى ماكانت عليه .. كل هذه الأسئلة لابد من إيجاد أجوبة لها .. والصعوبة تكمن فياختلاف الآراء والتباسها حول أفضل الحلول ..من جهة والحاجة الماسة إلى السرعة والاستباقية في اتخاذ القرار من جهة أخرى .. وفي ظل هذه الظروف التي تتطلب السرعة والاستباقية في اتخاذ القرار تبرز أهمية أن تكون لنا منهجية واضحة في العمل تعتمد على الدليل العلمي وهذه المنهجية تتطور مع تطور وتغير الدليل .. وهذه المنهجية المستندة على الدليل العلمي توفر إطارا تنظيميا للتفكير واتخاذ القرار لاسيما في ظل تسارع المتغيرات.

وأكد أن قيادة الدولة أدركت منذ بداية الأزمة الدور المركزي للعلوم والدليل العلمي في اتخاذ القرار المبني على الأسس العلمية ..فقد دأبت على تفعيل اللجان العلمية والفنية لدعم اتخاذ القرار بما يتوافق مع مستجدات البحث العلمي .. مثال لجنة الإمارات لأخلاقيات البحوث الطبية الخاصة بجائحة كورونا " كوفيد ـ 19 " والفريق التقني لمكافحة الجائحات ومكتب العلوم المتقدمة ومجلس علماء الإمارات واللحجنة المختصة في مجمع محمد بن راشد الأكاديمي .. كما سخرت الجامعات الوطنية بالتعاون مع المؤسسات الصحية طاقاتها ومواردها البحثية لاطلاق عدة دراسات تزيد من فهمنا لطبيعة الفيروس ونمط انتقاله في المجتمع والتنبؤ بهذا النمط .. تشمل هذه الدراسات على سبيل المثال تسجيل التسلسل الجيني الكامل للفيروس من عينات المصابين في الدولة وتحديد التغيرات الجينية في هذه العينات ومقارنتها بالتغيرات الجينية في عينات فيروسية في الدول الأخرى.

وقال الدكتور علوي الشيخ إن هذا النوع من الدراسات مهم ويساعد في تتبع كيفية انتشار المرض بين الدول وكذلك تسجيل المتغيرات الجينية في أكبر عدد من العينات ورصدها في قاعدة بيانات عالمية يوفر للمجتمع العلمي العالمي معلومات ثرية تزيد من فهمه لطبيعة الفيروس ومتغيراته الوراثية.. وهذا له أثر كبير في تطويرعلاجات أو لقاحات ضد الفيروس في المستقبل.

وأشار إلى تضافر الجهود بين الجامعات والمؤسسات الصناعية في الدولة لتسخير الطاقات نحو صناعات محلية تسهم في مكافحة الفيروس مثل تصنيع أقنعة الوجه الواقية بتقنية ثلاثية الأبعاد وتطوير  نماذج أولية لأجهزة التنفس الصناعي للتحضير لتصنيعها محليا ..وقال إن هذه الجهود ليست غريبة على دولة الإمارات فهذه الأرض الطيبة التي غرس فيها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آن نهيان .. مبدأ أن الإنسان قبل البنيان .. وقد أسس بعد قيام الاتحاد جامعة الإمارات أول جامعة وطنية والتي هي مبعث فخرا لكل إماراتي..فالذي نراه اليوم هو حصاد استثمار الدولة منذ نشأتها في بناء الإنسان.

وقال إنه من الدروس المهمة التي تعلمناها خلال هذه الأزمة هو أن تأهيل الكوادر العلمية والطبية لتقف مع غيرها من الكوادر الوطنية صمام أمان ضد التحديات التي يواجهها العالم.

وأضاف: " أنني أقول هذا الكلام من واقع تجربة شخصية حيث قضيت 18 عاما في الولايات المتحدة لدراسة الطب والتخصص في أمراض القلب وكهربائية القلب والدراسات العليا في الأبحاث السريرية .. تلك المدة كانت ابتعاثا ودعما من دولة الإمارات .. ولم تكتف الدولة بهذا الكرم والجود بل أتاحت لي الفرصة بعد عودتي إلى الإمارات لأسهم في مسيرة التطوير والبناء وأنا على يقين أن الكثيرين من أبناء الإمارات وبناتها عاشوا التجربة نفسها من أطباء وعلماء وممرضين وهم أمثلة حية تجسد منهجية الإمارات في بناء الإنسان.

وأكد الدكتور علوي الشيخ، أن هذه البحوث التي نراها اليوم من الجامعات والمستشفيات والجهات المختصة تعزز إجراءاتنا في مكافحة الوباء وتزيد من الجاهزية للتحديات التي قد نواجهها في المستقبل وستقوي البنية التحتية للبحث العلمي في الدولة وتعزز ثقافتنا المجتمعية حول أهمية البحث العلمي في تقدم المجتمعات.

التعليقات