الفساد في مجال الخدمات الصحية

الفساد في مجال الخدمات الصحية

الباحث - عادل عبدالله حميد

إن الفساد في مجال الخدمات الصحية يمس حياة الإنسان مباشرة ويعيق سعادته ورفاهيته. 

ولا يقتصر مساس الفساد لحياة الإنسان على حرمانه من سهولة الحصول على الرعاية الصحية ووفرة المستشفيات المؤهلة فحسب، بل يمتد إلى عمليات التزوير والغش والتلاعب في الأدوية والاتجار في الأعضاء البشرية والأجهزة والمعدات الطبية التي قد تقود إلى موت الأبرياء.

ينفق العالم سنويًا أكثر من ثلاثة تريليونات من الدولارات على الخدمات الصحية يتم تمويلها من قِبَل المساعدات الإنسانية والضرائب المحلية؛ وتشكل التدفقات الكبرى لهذه الأموال هدفاً مغرياً وعنصراً جاذباً لسوء الاستخدام والغش والتلاعب.

إن التنوع في النظم الصحية المتبعة على نطاق العالم وتعدد الأطراف المشاركة فيها وكذلك ندرة السجلات الجيدة التي يتم الاحتفاظ بها في العديد من دول العالم والتعقيدات المنظورة في التمييز بين أساليب الفساد وعدم الكفاية والأخطاء البسيطة كلها أمور تجعل من الصعب تحديد التكاليف الإجمالية الشمولية للفساد في هذا القطاع ؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً وهي الدولة التي تصرف على الرعاية الصحية 15.3% من إجمالي دخلها القومي برنامجان للرعاية الصحية العامة بالولايات المتحدة ، وهما "ميديكير" و"ميديك إيد"، يقدران أن ما نسبته 5 – 10% من ميزانيتهما تضيع في عملية "زيادة أعباء الدفع المالي".

وقد جرى تطوير هذا البرنامج الصحي في عهد الرئيس باراك اوباما لتفادي فرص الفساد فيما عرف بـ"أوباما كير".

أما في كمبوديا، فقد قدَّر الممارسون في القطاع الصحي الذين تمت مقابلتهم لأجل "تقرير الفساد العالمي 2014" أن ما يزيد على 5% من موازنة الصحة يضيع على الفساد حتى قبل أن تغادر الحكومة المركزية.

في نيجيريا، تم ضبط حالات تم فيها استبدال الماء بمادة الأدرينالين الخاصة بإنقاذ الحياة بالإضافة لعملية شعشعة (إحلال) المكونات النشطة الأخرى بالماء من قِبَل أولئك المزيفين ، وهو الأمر الذي يُحدث ضعفًا ويترك أثراً سلبياً على مقاومة الأدوية الخاصة بمرض الملاريا ، مرض السُّل وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز ) ؛ الذي وبحسب ما ذكره موقع DW دويتشه فيله نقلا عن موقع "فرانكفورته روندشاو" الألمانيين ؛ أنه في عام 2018م ، تم تسجيل 37 مليون و900 ألف حالة إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في جميع أنحاء العالم، وأصيب في عام 2018 وحده 1.7 مليون شخص بالفيروس، بالإضافة إلى ذلك ، توفي 770 ألف شخص مصاب بهذه الحالة المرضية في جميع أنحاء العالم عام 2018م.

في الفلبين، توصلت دراسة أجريت على أداء الرعاية الصحية إلى أن البلديات الفقيرة والمتوسطة الدخل تعلن وبشكل رسمي عن فترات طويلة من الانتظار في العيادات العامة أكثر من عيادات البلديات الغنية ، وأن هناك درجة أعلى من تكرار رفض (اللقاحات) خصوصًا عندما يكون الفساد متفشيًا ومنتشرًا على نحو لا يمكن مكافحته.

في المكسيك وكينيا أساء الموظفون العموميون استعمال سلطتهم في توجيه وتحويل الأموال إلى مشروعات "مفضلة" يؤثرونها على غيرها ، بغض النظر عما إذا كانت تنسجم مع السياسة الصحية العامة أم لا.

في المملكة المتحدة، أبلغت وحدة مكافحة الاحتيال في الخدمات الصحية الوطنية أنها قد أوقفت - ومنذ عام 1999 - حالات فساد تبلغ قيمتها أكثر من 170 مليون جنيه إسترليني  ، حيث ارتفع إجمالي المنافع المالية لوحدة الخدمات الصحية الوطنية التي تتضمن كذلك استعادة قيمة الخسائر الحاصلة نتيجة للتحايل والفساد أربع مرات ، وهو يكفي لبناء 10 مستشفيات جديدة.

إن الفساد في مجال الخدمات الصحية يشمل تقديم الرشاوى لأولئك القائمين على تنظيم العمل الصحي والمهنيين الطبيين المختصين. كما يشمل مجالات التلاعب في المعلومات حول التجارب الدوائية ، تحويل الأدوية ، الإمدادات الطبية ، المشتريات وفواتير شركات التأمين.

وهناك عوامل عديدة تجعل من جميع النظم الصحية – سواء كانت ممولة من القطاع العام أو الخاص في الدول الغنية والفقيرة – عُرضة للفساد ومنها:

• انعدام المعلومات الدقيقة حول الأمراض والأدوية والمعدات الطبية لدى النظم الصحية والمهنيين بالقطاع الصحي.

• عدم توفر دراسات التنبؤات الصحية التي تكشف مَنْ سيقع مريضاً في لحظة ما ومتى سيقع المرض وما هي أنواع الأمراض التي يواجهها الناس وماهية العلاجات المناسبة والمؤثرة .

• إن التعقيد في النظم الصحية والعدد الكبير من الأطراف المنخرطين والمشاركين فيها ، يضاعف الصعوبات والمشاكل في عملية استنباط المعلومات وتحليلها واكتشاف ومنع الفساد. كما تعتبر العلاقات القائمة بين الموردين الطبيين ومزودي الرعاية الصحية وصانعي السياسات علاقات مبهمة وغير شفافة ويمكن أن تؤدي إلى عمليات تحريف وتشويه في سياسات الصحة العامة.

أشكال الفساد في مجال الخدمات الصحية:

• الاختلاس والسرقة من ميزانية الصحة أو العائد من رسوم المستخدمين.

• الفساد في المشتريات بالانخراط في الرشاوى والمبالغ المستردة من عملية المشتريات والفشل في تعزيز وتشجيع المعايير التعاقدية بالنسبة للجودة. بالإضافة إلى الصرف المالي بالمستشفيات وعمليات البناء والإنشاء وشراء التقنيات الباهظة الثمن.

• الفساد في أنظمة الدفع التي تتضمن الممارسات الفاسدة والتنازل عن الرسوم أو تزوير مستندات ووثائق التأمين لمرضى معينين أو استخدام ميزانيات المستشفى لمنفعة ولصالح أفراد معينين مفضلين ؛ وتقديم الفواتير الخاصة بشركات التأمين بطريقة غير قانونية ، والتزوير في سجلات وقيود الفواتير ، ودفاتر الإيصالات أو سجلات الانتفاع والاستغلال ، أو ابتداع مرضى وهميين غير موجودين بالحقيقة.

• الفساد في سلسلة الإمدادات الطبية حيث يمكن تحويل المنتجات أو سرقتها عند نقاط معينة في نظام التوزيع.

• الفساد عند نقطة أداء الخدمة الصحية حيث يمكن أن تتخذ أشكالاً عديدة مثل ابتزاز أو قبول الدفعات تحت الطاولة مقابل الخدمات التي يفترض تقديمها مجانًا أو طلب الدفعات مقابل امتيازات خاصة أو علاج معين وابتزاز أو قبول الرشاوى للتأثير على توظيف القرارات .

- في دولة الإمارات العربية المتحدة .. نسمع صوت الوطن فيزداد عندنا الأطمئنان .. 

يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم :  «أعدكم أنا وأخي محمد بن زايد بألا نسمح بالفساد أبداً».

ففي ظل الظروف والتحديات التي يعيشها العالم حاليا جراء تفشي فيروس كورونا حول العالم ، يظهر معدن القادة الحكماء ويظهر معدن الأوفياء والمخلصين من الشعب رجالاً ونساء .

فعندما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم : « شكراً خط دفاعنا الاول .. شكراً لتضحياتكم .. وسهركم .. وبذلكم من أجل الوطن .. أنتم حماة الوطن اليوم وسياجة وجنودة المخلصين .. أدعو الجميع لتوجيه الشكر لهم ..والثناء والتقدير لجهودهم المتواصلة ليل نهار ..أطباء وممرضين ومسعفين وإداريين في قطاعنا الطبي في الدولة .. شكراً لكم » .

وعندما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: « أريد أن أطمئن كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة أن الإمارات - بعون الله - قادرة على تأمين الدواء والغذاء إلى ما لا نهاية.. فالدواء والغذاء خط أحمر.. وبفضل الله تعالى الدولة آمنة ومستقرة.. وجاهزيتنا مستدامة لمواجهة التحديات كافة ».

فنحن بذلك يتناغم في دواخلنا صوت الوطن ويزداد عندنا الأطمئنان. نشكر الله كثيرا على وجود هؤلاء القادة الحكماء من حولنا ، وهم يستحقون منا كل المحبة والإخلاص والتفاني .

ختاماً ..

نذكركم بقول الله تعالى:

الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الرعد

الكاتب والباحث الإماراتي

عضو اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات

عادل عبدالله حميد

التعليقات