"ردود الفعل الإيرانية المتوقعة بعد مقتل سليماني"

"ردود الفعل الإيرانية المتوقعة بعد مقتل سليماني"

د.سميه عسله

يتسائل الجميع عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن ردود الفعل الايرانية المتوقعة بعده استهداف و مقتل قاسم سليماني و ابو مهدي المهندس. فالبعض يتوقع أنها مجرد تهديدات لفظية لحفظ ماء الوجه امام الشعب الايراني في الداخل وعناصر الحرس الثوري التابعة للنظام الإيراني،والبعض الأخر يرى أن رد الفعل الايراني سيكون قاسي جدا ومؤلم لأمريكا وللمنطقة.

في الحقيقة ومن خلال تصريحات رموز إيرانية دينية وعسكرية معروفه خلال الايام الماضية نجد أنه حتى الأن لا يوجد أي تحركات فعلية على الأرض سوى إعلان الخامنئي أمس التخلي عن الاتفاق النووي وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي في خطوة هي التالية لتشغيل معمل فوردو النووي ومضاعفة إعداد أجهزة الطرد المركزي الحديثة فيه، وهو المعمل النووي الأخطر في ايران كونه موجود تحت الأرض يصعب استهدافه ويشرف على تطويره خبراء روس كانت قد ارسلتهم روسيا الى طهران بعد إعلان الأخيرة مضاعفة تخصيب اليورانيوم الفترة الماضية، أما عن تحليلي لهذا القرار الإيراني بالتراجع عن الاتفاقية النووية فخطورته تتمثل في اقتراب إيران من حاجز 10% من تخصيب اليورانيوم فعليا وهذا ما يؤهلها لأنشاء رؤوس نووية تحمل على الصواريخ الباليستية التي كانت قد امدتها بها روسيا مع اشتعال الأزمة في الخليج، وهي صواريخ طويلة المدى بمعنى أن إطلاق الصاروخ من إيران كان باستطاعته استهداف تل أبيب، ولكن ما لا يدركه النظام الايراني انه ورغم الدعم الروسي له ولكن في حقيقة الامر روسيا تقف على مسافة واحدة من كافة الأطراف ، ومسألة بيع صفقة صواريخ الى ايران لا تخلو من كونها صفقه تجاريه في المقام الأول لمصلحة روسيا اقتصاديا. 

والامر الاخر ان ارسال خبراء روس للمعامل النووية الإيرانية ليس للتطوير بقدر ما هو عين روسيه مراقبة ومسيطرة ومتحكمة في معدل تطور السلاح النووي الإيراني. 

وأشير إلى أنني كتبت مقال حينها ومع بداية ارسال خبراء روس الى طهران قولت فيه ان الان يصعب على أمريكا استهداف المعامل النووية الايرانية لوجود خبراء روس داخلها، ولكن لم يمر وقت طويل ورصدت تصريح للرئيس بوتن يقول فيه "لن نسمح بضرب ايران ولكن سنحافظ على امان اسرائيل". 

اذا هذا ما يؤكد على ما ذكرته سابقا بأن روسيا تقف على مسافة واحدة من كافة الاطراف وعلى طهران ان لا تعول كثيرا على الموقف الروسي.

رد الفعل الايراني المتوقع أيضا على صعيد الاذرع التابعة لها داخل دول المنطقة ظهر في تصريح مقتدى الصدر الذي لم يخرج علينا صوت وصورة منذ أن اصطحبه قاسم سليماني الى طهران في اعقاب فشله في ادارة التظاهرات في العراق لصالح إيران. 

وقد قال أمس مقتدى الصدر أنه الآن يعاد تنشيط جيش المهدي وتشكيل أفواج المقاومة الدولية وتشمل حزب الله العراقي و اللبناني وعصائب اهل الحق والحوثي وحركة النجباء وتنتظر الأوامر لإخراج امريكا من العراق أولا ثم الثأر لمقتل قاسم سليماني ،وهذا في حقيقة الأمر يعكس ان إيران لا تهتم لمقتل سليماني في حد ذاته بل تدير الحدث بما يخدم مصالحها السياسية والعسكرية بإخراج القوات الأمريكية من العراق، مما يجعلنا نرجح أن النظام الايراني ساهم بمعلومات تفيد تحركات سليماني لتسهيل استهدافه من قبل امريكا فمقتل الاخير مصلحه مشتركه للطرفين ،دونالد ترامب يريد الحفاظ على ماء وجهه امام الشعب الامريكي الذي لا يثور إلا في حالتين الاولى هي تأثر الاقتصاد الامريكي والأخرى هي مقتل جندي امريكي بأي مكان بالعالم وهذا ماحدث بعد مقتل جندي امريكي باستهداف ايراني لقاعدة كركوك وحادث اقتحام السفارة الأمريكية بالعراق،أما عن الخامنئي فهو يرى ان سليماني اصبح خطر يهدده كونه أصبح بنك معلومات ومخزن أسرار تفضح النظام الايراني ومتظاهرين العراق يطالبون برأسه بعد قتله ل الالاف من أبنائهم مما جعل الخامنئي خائف من سقوطه بأيديهم.

إذا ومن خلال ما سبق ذكره يمكننا ان نتوقع ان رد الفعل الايراني القادم لن يكون بهذه القوة و الفظاعة إذ ما توصلت الولايات المتحدة الى اتفاق مع طهران وقد عرض الرئيس ترامب أمرين على روحاني اولا ان يتم عقد اتفاقية نووية جديدة والاخرى هي دفع ثمن القاعدة الامريكية في العراق لانسحاب القوات الامريكية، وكلاهما اتوقع انه سيتم رفضه من قبل ايران لعدة اسباب ان الخامنئي الآن مطالب بالقصاص لمقتل سليماني وإن لم يفعل فستهتز صورته وسيخسر ما تبقى من أتباعه داخل إيران والسبب الاخر ان الوضع الاقتصادي لايران بفعل العقوبات الامريكية لا يؤهلها ابدا لدفع قيمة قاعدة امريكية بالعراق، لابد وان الرئيس ترامب كان يسخر من روحاني حين طلب ذلك منه بالضبط كما سخر منه واهانه عندما تداولت الصحف طلب ترامب عبر دبلوماسيين ان لا يتعدى الثأر حد مقتل سليماني، وكأنه يشبه سليماني الفأر الميت فلا داعي للمغالاة في الأخذ بالثأر، وهذا ما يجعلني اتوقع وبنسبة كبيرة أن يتم تنفيذ عمليات ارهابية على مساحة جغرافية غير محدودة وفي أوقات مختلفة وهذا لا يعني أنه سيكون غدا فمن خلال تصريحات رموز ايران نفهم أن الثأر يطبخ على نار هادئة وأنه غير محدود برقعة جغرافية محددة وأنه سيستهدف امريكا اولا ثم حلفائها في المنطقة وهم دول الخليج وهذا ما اشار اليه خامنئي وهو يبكي بحرقة أثناء تشييعه لقاسم سليماني حيث توعد الشيطان الاكبر واتباعه والمقصود بها أمريكا واتباعها بأنه لن يشعر جندي أمريكي بالامان داخل الشرق الاوسط بأكمله، وهذا ما يجعلنا نعتقد اننا سنعود الى سيناريو حروب المضائق المائية من جديد وانه سيكون هناك استهدافات لمضيق هرمز مما سيأثر على الشرق الاوسط بأكمله، وهذا لا يعني ان اوروبا ستصبح في مأمن من نشاط الخلايا الارهابيه والنائمة التابعة لإيران كورقة للضغط على اوروبا لربما لتحييد موقفها من النزاع الامريكي الايراني او لجعلها تتعاون تجاريا مع ايران بما يخترق العقوبات الامريكية عليها.

ولكن في كافة الاحوال يجب ان نؤكد على ان النظام الايراني الان يبحث عن تغطية سياسية لجرائمه القادمة داخل المنطقة،من خلال حشد موقف المجتمع الدولي لادانة حادث مقتل سليماني واستهداف مطار بغداد كما يروجون له.

التعليقات