الإمارات وباكستان.. علاقات استراتيجية لترسيخ التسامح والاستقرار بالمنطقة

تُشكّل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى باكستان، رابع لقاء يجمع سموه مع عمران خان رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية خلال الأشهر القليلة التي اعقبت تسلمه رئاسة الوزراء في 18 اغسطس 2018، ما يؤكد العلاقات بين البلدين أهمية استثنائية جرى توثيقها بشراكة استراتيجية وُصفت بأنها ضمانة استقرار للإقليم الذي يتصل فيه الخليج العربي والشرق الأوسط مع وسط آسيا بتحديات مستحقة.

خصوصية العلاقات الباكستانية الإماراتية  

تقوم العلاقة بين البلدين على هيكلية تستند الى علاقات سياسية واقتصادية والمصرفية والاستثمارية والتجارية وقطاعات الاتصالات والطيران المدني والطاقة المتجددة، كما وثقتها اللقاءات المتقاربة لقيادات البلدين، كانت بُنيت مع القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، وظلّت تتنامى وتتوسع بحرص متبادل ومصالح مشتركة أضحت فيها الإمارات أكبر شريك تجاري لباكستان في الشرق الأوسط، وواحدة من أكبر الحواضن الاجتماعية والتشغيلية للمواطنين الباكستانيين في العالم، مع معطيات تكاملية بين البلدين في مجالات الطاقة والأمن الغذائي، فضلا عن الحرص المشترك في مقتضيات تحصين هذه المنطقة تجاه مخاطر الإرهاب بمختلف أشكاله.

ويتفق البلدان في مبدأ الاستثمار بالذات، وفي تعظيم التميز بالقطاعات الحيوية، فقد شهدت الزيارات السابقة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان توقيع العديد من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات ومنها الإسكان والبنية التحتية والطاقة المتجددة والاتصالات والزراعة والقطاع المصرفي وغيرها.

وفي العام 2018 كان "المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان" وقع اتفاقية لتنفيذ المرحلة الثالثة من المشاريع التنموية بكلفة 200 مليون دولار تتوزع على 40 مشروعا في مجالات الصحة والطرق والتعليم والزراعة. كذلك كان لشركة "مبادلة" الإماراتية عقد انشاء مصفاة مشتركة في باكستان بكلفة 6 مليارات دولار.

وكان صندوق أبوظبي موّل 8 مشاريع تنموية في باكستان بقيمة 1.5 مليار درهم منها 931 مليون درهم على هيئة منح. علما بأن "المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان" كان ولا يزال يتابع حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال في باكستان، تضمنت خلال السنوات الخمس الماضية إعطاء مطاعيم وقائية لأكثر من 57 مليون طفل باكستاني، تنفيذا لمبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أطلقها عام 2011.

وفي موازاة هذا التنوع السخي في المساعدات الإنسانية المرفوقة بخريطة تنموية جرى تجهيزها لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في باكستان، فقد كان الأمن الإقليمي ومكافحة التطرف جزءا أساسيا من الشراكة الاستراتيجية التي تسهم في جهود التنمية المستدامة والأمن والاستقرار باعتبارها صلب الرسالة الإماراتية في علاقاتها الإقليمية والدولية.

وعلى المستوى الاقتصادي تأتي الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وباكستان مكملّة للنهج الذي ارتاده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وعقد فيه شراكات سابقة مماثلة مع الهند والصين باعتبارها القوى الاقتصادية الناشئة التي تضمن استدامة النمو في الحركة التجارية العالمية، وترى في الإمارات بوابة كفؤة للشرق الأوسط.

وتعد الشراكة الإماراتية الاستراتيجية مع باكستان، قوة تساهم في خلق قيمة مضافة مؤثرة في مجالات حماية الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب على امتداد المنطقة، فباكستان صاحبة تجربة طويلة في هذا المجال، والقيادة الإماراتية تؤمن بأن التنمية المستدامة هي الوجه الآخر للشرعية والاستقرار ولترسيخ مفاهيم التسامح والتعايش المشترك على كل المستويات الاقليمية والدولية.

التعليقات