اعتمد سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكمًا لإمارة دبي، دورة موازنة لثلاثة أعوام؛ من العام 2020 وحتى 2022، بإجمالي نفقات قدره 196 مليار درهم، وذلك استمرارًا لنهج حكومة دبي في تعزيز الاقتصاد الكلي للإمارة.
وجاءت دورة الموازنة للأعوام الثلاثة لتلبّي طموحات المستقبل، وتؤكد عزم دبي على المضي في إسعاد المجتمع وتحفيز ريادة الأعمال. وتُبرز الخطة المالية مدى اهتمام حكومة دبي بإتاحة أعلى درجات الاستقرار الاقتصادي والتحفيز لقطاعات الأعمال بالإمارة، بإعطاء صورة واضحة للأهداف الاقتصادية للحكومة خلال الأعوام الثلاثة القادمة، ما يدعم التخطيط متوسط الأجل للقطاعات الاقتصادية بالإمارة ويتيح رؤية واضحة للقطاع الخاص العامل فيها.
وفي السياق ذاته، اعتمد سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم القانون رقم / 12/ لسنة 2019 بشأن موازنة العام المالي 2020، بإجمالي نفقات قدره 66.4 مليار درهم، لتصبح أكبر موازنة في تاريخ دبي، وتأتي لتلبي طموحات الإمارة في تحفيز الاقتصاد الكلي ودعم إقامة "إكسبو 2020 دبي" لتكون الدورة الاستثنائية والأبرز في تاريخ أضخم معارض العالم وأعرقها.
وتواصل دبي في موازنة العام المالي 2020 الاهتمام بالخدمات الاجتماعية، التي تشمل الصحة والتعليم والثقافة والإسكان الاجتماعي، علاوة على تطوير صندوق المنافع الاجتماعية ودعم الأسر وتحفيزها، الأمر الذي جعلها واحدة من أفضل المدن للمعيشة في العالم.
وقال عبدالرحمن صالح آل صالح، المدير العام لدائرة المالية بحكومة دبي بهذه المناسبة، إن "وضع الخطط المُحكمة" كان من أبرز وصايا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العشر للإدارة الحكومية، وأن حكومة دبي، مُمثَّلة بدائرة المالية، استلهمت هذه الوصية في إطلاق دورة الموازنة 2020-2022، مؤكّدًا سعي الدائرة إلى التطوير المستمر لأداء الموازنة العامة من أجل تأكيد الاستدامة المالية والعمل على تحفيز ريادة الأعمال في الإمارة، عبر تعزيز محفزات قطاع الأعمال بالإمارة للسنوات الثلاث القادمة.
وأكّد آل صالح أن انتهاج حكومة دبي نهج التخطيط المالي متوسط الأجل لثلاث سنوات وإعلان خطة مالية هي الأولى في تاريخها، قد جاء تنفيذًا لرؤية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي.
وأضاف أن دبي تطوّر خطتها المالية سنويًا، لإتاحة محفّزات اقتصادية ذات أثر في جذب مزيد من الاستثمارات والعمل على تحسين مركز تنافسية الإمارة، وتنفيذ استحقاقاتها ومستهدفاتها من الخطة الاستراتيجية 2021 وما بعدها، موضحًا أن موازنة العام المالي 2020 اعتُمدت بإجمالي نفقات يفوق نفقات العام الماضي بنسبة 16.9 في المائة، دعمًا لرؤية دبي 2021 ولمعرض إكسبو 2020 دبي، فضلًا عن المضي قُدمًا في دعم الاقتصاد الكلي للإمارة.
وقال معالي المدير العام لدائرة المالية إن حكومة دبي قد تستطيع تحقيق فائض تشغيلي قدره 1.96 مليار درهم نتيجة تبني سياسات مالية منضبطة، ما يساهم في تطوير برامج البنية التحتية للإمارة ويؤكد سياسة الاستدامة المالية التي تنتهجها الإمارة.
من جانبه، أكّد عارف عبدالرحمن أهلي، المدير التنفيذي لقطاع التخطيط والموازنة العامة في دائرة المالية، أن موازنة العام المالي 2020 جاءت تلبية لمتطلبات خطة دبي 2021 وما بعدها، قائلًا إنها تعبّر بشفافية عن الموقف المالي المستقر للإمارة، من خلال تنفيذ سياسات مالية منضبطة تعتمد على أفضل الممارسات الدولية في هذا الشأن.
وشدّد أهلي على أن تحقيق فائض تشغيلي هو ما يحقّق للإمارة الاستدامة المالية المنشودة، مضيفًا أن دائرة المالية "تسعى لتطوير البرامج المعنية برفع كفاءة الإنفاق الحكومي من خلال إطلاق برنامج الشراء الموحَّد، وتحفيز الشراكة مع القطاع الخاص، بجانب سعيها الدائم لتطوير الموازنة ومراجعتها".
ومن المتوقع أن تحقق حكومة دبي إيرادات عامة قدرها 64 مليار درهم بزيادة تبلغ 25 في المائة عن العام المالي 2019 وذلك على الرغم من القرارات الاقتصادية التحفيزية التي أقدمت عليها الإمارة والتي كان من شأنها خفض بعض الرسوم وتجميد الزيادة في أي رسم لمدة ثلاث سنوات وعدم فرض أي رسم جديد من دون خدمة جديدة.
وتعتمد هذه الإيرادات على العمليات الجارية في الإمارة، وهو الأمر الذي انتهجته دبي طوال العقد الماضي في عدم الاعتماد على إيرادات النفط، التي تمثل 6 بالمئة من إجمالي الإيرادات المتوقعة للعام المالي 2020، والحرص على تطوير هيكل الإيرادات الحكومية، ما من شأنه تعزيز الاستدامة المالية للإمارة.
وتمثل الإيرادات غير الضريبية، المتأتية من الرسوم، ما نسبته 60 بالمئة من إجمالي الإيرادات المتوقعة، في حين تمثل الإيرادات الضريبية 29 بالمئة، وتمثل إيرادات عوائد الاستثمارات الحكومية ما نسبته خمسة بالمئة من إجمالي الإيرادات المتوقعة.
وأكّد جمال حامد المري، المدير التنفيذي لقطاع الحسابات المركزية في دائرة المالية، أن الدائرة لا تدّخر جهدًا في ترسيخ مقومات التنافسية الحكومية للإمارة، مشيرًا إلى حرصها المستمر على تطوير برامج من شأنها النهوض بأداء المالية العامة وتحقيق التميّز المالي.
وأضاف أن من شأن نجاح دبي هذا العام في المرحلة التنفيذية لتطبيق معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام، دعم عملية صناعة القرار الحكومي، وضمان استمرارية الكفاءة المالية الحكومية، والارتقاء بجودة التقارير المالية وشموليتها، وذلك انسجاماً مع خطة دبي الاستراتيجية 2021، حتى ترسِّخ مكانتها ركيزة داعمة لنهج الريادة في العمل الحكومي القائم على الكفاءة والمساءلة والإبداع، فضلًا عن أن هذا التطوّر سيجعل دبي أول حكومة في المنطقة تطبق المعايير الدولية للمحاسبة الحكومية، وسيكون له أكبر الأثر في تنفيذ الموازنة وتطوير سبل الأداء الحكومي المتميز".
ويُوجّه إعلان حكومة دبي عن أكبر موازنة في تاريخها رسالة واضحة لمجتمع الأعمال بأن دبي تنتهج سياسة مالية توسّعية، ما يضفي ثقة كبيرة على اقتصاد الإمارة ويساهم في جذب مزيد من الاستثمارات المباشرة إليها. وتخدم هذه الموازنة متطلبات النمو السكاني والاستحقاقات المترتبة على استضافة إكسبو 2020 والتطوير المستمر للبنية التحتية، وجميع الأهداف الأخرى الواردة في خطة دبي 2021، والرامية إلى رفع مستوى رفاه المواطنين والمقيمين في الإمارة وسعادتهم، بما يلبي توجيهات القيادة الرشيدة.
وشكلت الرواتب والأجور ما نسبته 30 بالمئة من إجمالي النفقات الحكومية، وفقاً لمتطلبات قانون الموارد البشرية الجديد، كما شكّلت نفقات المِنَح والدعم ما نسبته 24 بالمئة، استيفاءً لمتطلبات التنمية البشرية وتقديم الدعم الكافي للمواطنين والجهات الحكومية التي تقدم خدمات عامة لسكان الإمارة.
واعتمدت الحكومة مبلغ 8 مليارات درهم، للحفاظ على حجم استثمارات في البنية التحتية يتلاءم مع طموحات دبي بأن تكون المدينة المفضلة عالميًا للإقامة، وذلك بالتزامن مع الانتهاء من بعض المشروعات وتفعيل قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص وتطوير آليات تمويل المشاريع في حكومة دبي من خلال وسائل تمويل طويلة الأجل.
وبلغت نسبة الإنفاق على المشروعات الإنشائية 12 بالمئة من الإنفاق الحكومي، في دلالة على مواصلة تطوير البنية التحتية لاستضافة إكسبو والتي ستظلّ فيما بعد قائمة لخدمة جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في الإمارة.
وأعلنت دبي للمرة الأولى عن احتياطي خاص نسبته 3 بالمئة من إجمالي النفقات المتوقعة، وذلك إعمالًا لمبدأ التحوّط والاستعداد لامتداد فترة إكسبو، وتحقيق أفضل استضافة في تاريخ إكسبو، كعادة دبي في حرصها على إبهار العالم.
وحافظت دبي على نسبة خدمة دين لا تتجاوز 5 بالمئة من إجمالي نفقاتها، نتيجة اتباع سياسة مالية منضبطة تضمن خلوّ تنفيذ الموازنة من أية معيقات مالية.
وأظهرت موازنة العام المالي 2020 مدى اهتمام الحكومة بالإنسان الذي يراه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الثروة الحقيقية للوطن. وجاء الإنفاق على قطاع التنمية الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والإسكان ورعاية المرأة والطفل وتبني مبادرات تطوير القراءة والترجمة وإعداد البرمجيات والاهتمام بالشباب والرياضة ليمثل 30 بالمئة من إجمالي الإنفاق الحكومي في موازنة 2020.
وتجسَّد اهتمام الحكومة بقطاع الأمن والعدل والسلامة عبر تخصيص 19 بالمئة من إجمالي الإنفاق لدعم هذا القطاع وتطويره وجعله قادرًا على أداء دوره بحرفية واستباقية حتى أصبح من القطاعات التي تفاخر بها الإمارة عالميًا، وذلك بفضل ما حققته الإمارة من تقدّم وازدهار جعلها وجهة مختارة للسائحين والراغبين في العمل والاستثمار.
كما دفع اهتمام دبي بالبنية التحتية وتطويرها المستمر نحو استحواذ هذا القطاع على نسبة قدرها 46 بالمئة من الإنفاق الإجمالي، ما يُظهر مدى جدية الإمارة في التعامل مع الاستحقاقات المستقبلية، ودعم المشاريع الصغيرة والاهتمام بريادة الأعمال وتعزيز البيئة الحاضنة للمشروعات متناهية الصغر ورعايتها.
كما اهتمت الإمارة بدعم قطاع الخدمات العامة والتميز الحكومي والإبداع والابتكار والبحث العلمي من خلال تخصيص 5 بالمئة من إجمالي الإنفاق الحكومي لتطوير الأداء وترسيخ ثقافة التميز والابتكار والإبداع.
التعليقات