"الملالي" يقتل المتظاهرين ويساوم على الجثث

"الملالي" يقتل المتظاهرين ويساوم على الجثث

د.سميه عسله

بعد إعتراف كبار المسؤولين الإيرانيين بأنهم هم من قتلوا المتظاهرين بزعم أنهم "مخربين" ومندسين وليسوا بمواطنين إيرانيين على حد تعبيرهم، ورغم أن النظام الإيراني كان قد أعلن مؤخرا أن عدد القتلى المحتجين لا يتجاوز 12 قتيلًا، إلا أنه تم الكشف عن هذا الكذب والتضليل؛ حيث قام نظام الملالي بإخفاء العدد الحقيقي لقتلى الاحتجاجات، بل وصل الأمر إلى أن قوات الأمن الإيرانية وبقيادة وزارة الداخلية قاموا بأخذ جثث القتلى لمساومة ذويهم، كما خطفت الجرحى من المستشفيات، وهذا ما كشفت عنه الصحيفة البريطانية «ديلي تليجراف» في 23 نوفمبر 2019، معلنة وفقًا لمصادر إيرانية تصريحات أسر الضحايا أن عناصر الحرس الثوري الإيراني يقومون "بسرقون الجثث" من المشرحة؛ لإخفاء الحجم الحقيقي للقمع الحكومي.

سرقة الجثث

وأعلنت الصحفية البريطانية، أن الحرس الثوري يقوم بسرقة جثث الضحايا الذين تم قتلهم خلال المظاهرات الشعبية الأخيرة من المستشفيات وثلاجات الموتى؛ لإخفاء حجم المجازر التي ارتكبها النظام الإيراني ضد المتظاهرين من أبناء شعبه، كما قاموا أيضًا بخطف الجرحى، وأشارت الصحيفة في تحقيق مطول عن الاحتجاجات التي اندلعت في معظم المدن الإيرانية الأسبوع الماضي إلى أن أسرة أحد الضحايا، بينت للصحيفة أنها لم تستطع إيجاد أحد أفراد الأسرة، رغم أنه أدخل المستشفى بعد إصابته برصاص الحرس الثوري خلال تظاهرة في مدينة "شيراز" الإيرانية.

وقد قالت الأسرة، أن نجلهم الشاب يدعي "مهدي" وقد شارك في التظاهرات بشكل سلمي دون أن يحمل أي سلاح، كان فقط يتضامن مع رفاقه مطالبا بحرية إيران فقط دون أي مطالب أخرى، كما نقلت الصحيفة عن ممرضة في المستشفى قولها: "إن هذا الصبي تم إدخاله المستشفى بحالة خطرة وأنه عولج وتم أخذه من قبل الأمن هو ومرضى آخرين إلى مكان آخر".

رصاص مسنن

قامت إحدى الممرضات الإيرانيات بالبوح لمصدر خاص موثوق فيه بتفاصيل ما تراه من علامات على جسد الشباب المتوفي بأعيرة نارية داخل المظاهرات، حيث بينت أن الرصاص الذي يتم إستخراجه من جسد الشباب من النوع "مسنن الحافة" وملوث بمادة سامة شديدة المفعول وسريعة الإنتشار، وأن طلقات الرصاص المسنن تستهدف الرأس والصدر تحديدا نظرا لأنهما أحد المناطق الخطرة والحساسة بجسم الإنسان والإصابة المباشرة لهما تؤدي إلى الوفاة على الفور، بل إن إستهداف القلب بهذا النوع من الأعيرة النارية السامة يؤدي إلى إنتشار السُم في كافة أنحاء الجسد خلال وقت قصير، وأكدت أن هذا النوع من الطلقات النارية المسننة هي الأعنف والأخطر من مثيلتها التقليدية، ذلك لأن السطح المسنن يقوم بتمزيق وإتلاف مساحة أكبر من الأنسجة الحية بجسم الإنسان بالتالي يزداد معدل انتشار السُم في الجسد.

شراء الجثامين

تفاعل عدد من النشطاء الإيرانيين على موقع التواصل الإجتماعي "توتير" مع هذه القضية، بل وأعلن عدد منهم أن نظام الخامنئي يرمي جثث القتلى من المتظاهرين في البحر، بل ويقوم بمساومة ضحايا الأسر، فوفقًا لما نشره أحد المغردين، أن هناك أسر قد قامت بشراء جثامين أقاربهم بما يقرب 3 مليون تومان.      

تسليم الجثث مقابل إلغاء الجنازة

ولم يقف الأمر عند المساومة المالية على تسليم الجثث لذويهم، بل إن عناصر الحرس الثوري طلبت من أهالي المتوفين التوقيع على إقرار عدم إقامة مراسم جنازة وعزاء للضحايا، مقابل إستلام الجثث ودفنها، وهذا ما عبر عنه أهل مدينة "شيراز" التي قام 100 مواطن من أهلها بالتجمع في مدخل المدينة لمنع عناصر الحرس الثوري من دخول المدينة، مما أدى إلى إسقاطهم جميعا قتلى برصاص الحرس الثوري.

وبحسب تقرير مركز "آبان" القريب من الحركة الملكية الإيرانية تزعم مصادر حكومية أنه خلال الفترة من 15 نوفمبر لغاية 22 نوفمبر خرج بين 650 ألفا إلى 900 ألف من المحتجين في مختلف المدن الإيرانية، حيث تم اعتقال حوالي 9400 شخص وسقط منهم 1360 قتيلا وتم رفع تقرير بهذا الخصوص إلى مجلس الأمن الوطني والجهات الأمنية والعسكرية.

وتفيد التقارير أن أغلب السجون والمعتقلات اكتظت بالمعتقلين وتم تفعيل بعض السجون والمعتقلات التابعة للشرطة والتي كانت طور البناء أو تم إغلاقها من قبيل سجن كهريزك السيئ الصيت ومعسكر سروش.

حجم الدمار

ووفقا لتقرير سري لمجلس الأمن الوطني نقلا عن قوات الأمن بوزارة الداخلية فإنه تم حرق 45 سلسلة متاجر و12 بيتا و921 فرع بنك و1385 جهاز صراف آلي و65295 لوحة إشارة مرور و160 محطة وقود 130 مكتبا تابعا لممثلي المرشد ومجلس خبراء القيادة وإمام جمعة، و48 مقرا ومعسكرا تابعا لقوات الأمن والباسيج والحرس الثوري و8 مساجد وحسينيات وتكايا و560 سيارة خفيفة 430 منها حكومية و130 خاصة و28 سيارة ثقيلة من قبيل الشاحنات والحافلات الحكومية و390 دراجة بخارية أكثرها حكومية و45 منها خاصة و1432 نقطة تفتيش وحراسة وخدمات التابعة للحدائق العامة وشركة الحافلات والبلديات والدوائر الحكومية وقوات الأمن.

وفي تقرير منفصل قدمته وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية إلى مركز دراسات البرلمان الإيراني ذكرت أن حجم الخسائر يتراوح من 1300 مليار إلى 2000 مليار تومان إيراني.

طريقة داعش 

وكما يبدو أن أيدلوجيات العنف عند جماعات الإسلام السياسي واحدة فما يقوم به الملالي، يشبه ما قام به زعيم تنظيم داعش الإرهابي في نوفمبر 2014، عندما أمر بحرق جثث المقاتلين الأكراد في مدينة عين العرب "كوباني"؛ رغبةً منه في الانتقام منهم، بل إن تنظيم داعش ألقى عددًا من الجثث بالمياه، وفقًا لوزارة حقوق الإنسان العراقية، تم العثور على أكثر من 50 جثة، تم إلقاؤها في بئر للماء من بينها جثث تعود لنساء وأطفال.

بداية الانهيار

فرغم القيود التي يمارسها النظام الإيراني تحاول المنظمات الحقوقية توثيق الجرائم بحق المعارضين الإيرانيين، وفي المقابل تعمل أجهزة النظام الإيراني ليس فقط على القمع والتنكيل بشتى أطياف المجتمع الإيراني المنتفض، وإنما على عزل الساحة الداخلية الإيرانية عن محيطها الدولي والإقليمي في ظل واقع ملتهب بكافة الدول التي حقق النظام نفوذًا داخلها، خاصةً العراق ولبنان.

بل إن الوصول بالنظام الإيراني إلى حد الاعتداء على حرمات الموتى ومساومة ذوي الضحايا سيشعل الأوضاع أكثر من ذي قبل ويصنع جيل متأهب للانتقام و العنف، وبدلًا من الحفاظ على النظام قد يتطور الأمر إلى بداية مرحلة الانهيار.

أظهرت مشاهد مصورة قناصين تابعين لميليشيا نظام ملالي طهران على أسطح المباني وهم يفتحون النار على المتظاهرين في الشوارع العامة، وتستمر سلطات النظام الإيراني بقطع الاتصالات وشبكة الإنترنت عن إيران، بالتزامن مع قمعها للمتظاهرين بالقوة، حيث تشير التقديرات إلى مقتل وجرح المئات منهم على يد الميليشيات التابعة للملالي بشكل مباشر.

التعليقات