بحضور وفود 70 دولة.. مكتوم بن محمد يشهد افتتاح "مجالس المستقبل العالمية"

شهد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، صباح اليوم، افتتاح فعاليات الدورة الرابعة لاجتماعات مجالس المستقبل العالمية التي تنظمها حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، بمشاركة 700 مستشرف وخبير ومسؤول من 70 دولة حول العالم، يلتقون في 41 مجلسا تركز على مستقبل القطاعات الحيوية وتعزيز الاقتصاد المستدام وضمان مستقبل أفضل للشعوب.

حضر الافتتاح إلى جانب سموه، كل من محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، الرئيس المشارك لمجالس المستقبل العالمية، وبورجيه برندي رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، وحصة بنت عيسى بو حميد وزيرة تنمية المجتمع وعهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للسعادة، وجودة الحياة مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء ومريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة دولة المسؤولة عن ملف الأمن الغذائي المستقبلي، وسارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للعلوم المتقدمة، وعمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الإصطناعي وعدد من المسؤولين والمشاركين.

وأكد محمد القرقاوي، في كلمته الافتتاحية لمجالس المستقبل العالمية أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، رسخ شغفا كبيرا بالمستقبل في كافة قطاعاته، من خلال رؤى سموه وتوجهاته لترسيخ منهج عمل حكومي وثقافة مجتمعية تتبنى التفكير الاستباقي والسعي لمواجهة التحديات المقبلة، وصناعة الغد اليوم.

وقال القرقاوي: "لدينا مقولة مشهورة في تراثنا تؤكد أن مفتاح المعرفة والحكمة هو السؤال، وخلال اليومين المقبلين سيكون لدينا أكبر تجمع للأسئلة الكبرى حول مستقبل العالم، لدينا 41 مجلسا للمستقبل وضمن كل مجلس هناك العشرات من الأسئلة التي تحتاج لإجابات ستساعد الحكومات والمنظمات الدولية الفاعلة عالميا في فهم المستقبل والاستجابة لتحدياته".

وأشار الرئيس المشارك لمجالس المستقبل العالمية، إلى أن من بين الأسئلة المهمة التي تسعى المجالس للإجابة عليها، ما يتمحور حول شكل النظم المالية المستقبلية، مستقبل الاقتصاد الرقمي، المستقبل الجيوسياسي العالمي، ومستقبل التجارة والاستثمار، ومستقبل العمل، والتعليم والنقل والطاقة ومستقبل الفساد والتخطيط الحضري وانترنت الأشياء، وغيرها".

وأكد أن هناك أسئلة أخلاقية كبرى لابد أن تجيب عليها البشرية في ظل النمو العظيم والمتسارع في التكنولوجيا الذي لا بد أن يواكبه نمو في الحكمة لاستخدام هذه التكنولوجيا لصالح البشرية، مشيرًا إلى ثلاثة أسئلة محورية للحاضر الذي يمر به العالم تشكل الإجابة عليها أساسا للمستقبل وداعما للجهود العالمية لجعله أكثر استقرارا وأمانا.

وتناولت الأسئلة أثر الثورة الصناعية الرابعة على الفجوة بين المجتمعات الغنية والفقيرة، في ظل وجود أكثر من 600 مليون إنسان حول العالم ما زالوا يعيشون فترة ما قبل الثورة الزراعية الأولى، وأكثر من مليار إنسان ما زالوا بدون كهرباء، وهي من نواتج الثورة الصناعية الثانية، مع الإشارة إلى أن 1٪ من سكان العالم يملكون أكثر من 50٪ من ثرواته، و50٪ من سكان العالم الأقل حظا يمتلكون أقل من 1٪ من ثرواته".

وقال محمد القرقاوي: "نعلم اليوم أن ملياري إنسان متصلون بشبكة الإنترنت ويستفيدون من ثورة المعلومات، لكن ماذا عن 4 مليارات إنسان غير متصلين بالإنترنت؟ ماذا سيحدث عندما ينطلق نصف العالم في إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوك تشين وغيرها ويبقى النصف الآخر بعيدا عشرات السنوات الضوئية عن غيرهم من المجتمعات؟".

وأشار الرئيس المشارك لمجالس المستقبل العالمية، إلى أن السؤال الثاني يتعلق بمستوى الثقة في الشركات والحكومات والإعلام وغيرها من القطاعات، قائلا: إن التكنولوجيا المتقدمة والمتطورة علم محايد، لكن أحيانا تؤدي استخداماتها بشكل خاطئ إلى العديد من التحديات، مثل تحديات مصداقية الأخبار في شبكة الإنترنت، والأمن الإلكتروني، والثقة بالتكنولوجيا.

ولفت إلى إن السؤال الثالث يتعلق بالحكومات، ومدى تأثير الثورة الصناعية الرابعة والتقنيات الجديدة في تقريبها من شعوبها، وما إذا ساعدت هذه التقنيات على فهم أفضل لاحتياجات المجتمعات وتلبية متطلباتها، مشيرا إلى أن نسبة الثقة في الحكومات حسب مؤشر إدلمان 47٪ فقط، أي أن نصف السكان لا يثقون في حكوماتهم.

وأضاف أنه حتى الدول الغنية التي تمتلك تقنيات متقدمة تغفل الحكومة أيضا عن تطوير وسائل لمعرفة نبض المجتمع، وقد رأينا تغييرات بسيطة في بعض السياسات أدت لانفجارات مجتمعية لم تكن الحكومات تتوقعها، في فرنسا تغيير بسيط في ضريبة الوقود، وفي تشيلي تغيير بسيط في تعرفة المترو، وفي هونغ كونغ سياسة جديدة لتبادل المجرمين مع الصين.

وأشاد القرقاوي، بمسيرة العمل والتعاون المتميزة بين حكومة دولة الإمارات، والمنتدى الاقتصادي العالمي، التي بدأت منذ أكثر من عشر سنوات، بهدف استشراف مستقبل العالم الإنساني، وتطويع مخرجات الثورة الصناعية الرابعة لخدمة البشرية، مشيرا إلى أن إطلاق مركز متخصص في دبي لاستشراف الثورة الصناعية الرابعة شكل إحدى أبرز ثمار التعاون.

وقال: "أسسنا مع المنتدى الاقتصادي، مركزا للثورة الصناعية الرابعة لاستشراف تحدياتها ومحاولة وضع أطر أخلاقية عالمية لها ومساعدة الحكومات على فهم تقنياتها والاستفادة من أدواتها، قمنا خلال العام الماضي فقط بتدريب أكثر من 10 آلاف موظف حكومي في العديد من دول المنطقة والعالم على أسس الإدارة الحكومية الجديدة والاستفادة من التقنيات في خدمة المجتمعات".

وفي السياق ذاته، أكد بورجيه برندي رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، أن التغير المناخي وحالة الاستقطاب والحروب التجارية والركود الاقتصادي الوشيك والتوترات الجيوسياسية، تفرض ضغوطا على المجتمعات وتهدد مستقبل الأجيال القادمة، لكن الأمل في بناء عالم أكثر تلاحما وسلاما واستدامة ما زال موجودا.

وقال برندي مخاطبا الحضور: "أقول لمستشرفي وخبراء العالم المشاركين في اجتماع اليوم، كلي ثقة في أن أفكاركم ستضع الأساس لرؤية مستقبلية متفائلة تلهمنا في عملنا نحو عالم مستدام يمكن تحقيقه انطلاقا من هذا الاجتماع الذي تحتضنه دولة الإمارات ويعكس التطور الذي وصل إليه التعاون بين المنتدى ودبي".

وأضاف رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، أن التوصيات التي ستقدمونها خلال انعقاد مجالس المستقبل العالمية ستشكل ركيزة أساسية في عمل المنتدى الاقتصادي العالمي في عدة مجالات مثل الأمن الإلكتروني والتنوع البيولوجي والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والتعليم والعمل والمهارات والصحة النفسية والمدن والتوسع الحضري والتحولات الجيوسياسية.

وأوضح أن الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية تعقد هذا العام في دورتها الرابعة تحت عنوان "شركاء من أجل عالم متلاحم ومستدام"، وتهدف إلى تيسير الحوار حول التكنولوجيا وحوكمة التجارة وتحفيز علم الحكومات والمؤسسات الدولية نحو تحقيق اتفاق باريس للمناخ وأهداف التنمية المستدامة.

وأكد برندي، أن العالم يواجه التحديات ذاتها، غير أن استجابتنا لهذه التحديات تتطلب التوحد والعمل المشترك، علينا أن ندرك أننا نعيش في عالم تقوده العولمة، وأن التحديات واحدة لذا لا بد أن تكون جميع تحركاتنا وجهودنا قائمة على هذا الأساس.

وتعقد حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، الدورة الرابعة لاجتماعات مجالس المستقبل العالمية في دبي بمشاركة نخبة من العلماء ومستشرفي المستقبل والخبراء من 70 دولة حول العالم لاستشراف مستقبل القطاعات الحيوية الأكثر تأثيرا في حياة الإنسان.

كما تشهد الفعاليات، عقد حكومة دولة الإمارات، عددا من الجلسات المستقبلية، ضمن مسار دولة الإمارات، تشمل الجلسات الاستراتيجية الخاصة، وحوار المستقبل مع الوزراء وجلسات نقاشات مستقبلية تستشرف مستقبل البيئة والاستدامة ومستقبل المهارات ومستقبل الطب والجينوم البشري، كما تعقد "الجلسات الاستراتيجية المستقبلية"، التي تتضمن جلسات حوارية يشارك فيها وزراء وخبراء ومستشرفون عالميون، يناقشون أهم التطورات والتوجهات المستقبلية في قطاع الاقتصاد وأهم الحلول التي تطبقها الحكومات.

وتغطي "الجلسات الاستراتيجية الخاصة" مواضيع مستقبل التجارة العالمية، و"حوار المستقبل مع الوزراء" ويناقش تأثيرات الظروف العالمية في مستقبل التجارة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى "جلسات نقاشات المستقبل" التي يستشرف المشاركون فيها مستقبل الأزمات المالية العالمية المقبلة وأهم التحديات التي تفرضها.

وتهدف مجالس المستقبل العالمية، إلى بحث مستقبل القطاعات الحيوية، ووضع رؤى استراتيجية تعزز جهود العالم في رحلة الانتقال إلى المستقبل، وتبحث العديد من المحاور التي تتضمن التحديات الحالية والمستقبلية، وأفضل الحلول لمواجهتها، وتستشرف التحولات المتوقعة وأهم الفرص التي يمكن تشكيلها والاستفادة منها في تصميم مبادرات المستقبل ضمن مجالات: الاقتصاد، والتكنولوجيا، والتحولات الجيوسياسية، والبنية التحتية، والصحة والمجتمع.

التعليقات