812 عام على ميلاد مولانا جلال الدين الرومي معلم المحبة الصافية

في مثل يومنا هذا في عام 1207م، وُلد محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري، والشهير بمولانا جلال الدين الرومي، وبعد مرور أكثر من ثمانية قرون على ميلاده، لا زال قوي التأثير في الأدب الفارسي والتركي والعربي والأردي، كما أثر في التصوف، وطيلة سنوات حياته الـ 70 منح العالم أكثر من 40.000 قصيدة.

وتمت ترجمة العديد من مؤلفات جلال الدين البلخي إلى اللغات العالمية المعاصرة ومن ضمنها اللغات الأوربية. كما غنى نجوم موسيقى بوب غربيون مثل مادونا  ترجمات أشعار الرومي لتعظيمه قوة الحب، واعتقاده في الفائدة الروحية للموسيقى والرقص.

ولد جلال الدين الرومي في مدينة بلخ بفارس (أفغانستان الآن)، ثم ذهب ليعيش مع والده في بغداد، ثم سافر لعدة مرات ليستقر في نهاية المطاف عام1228  بقونية ليبدأ الوالد في إدارة مدرستها، ليتلقى الرومي العلم على يدي والده والشيخ برهان الدين، وبعد وفاتهما يبدأ جلال الدين في مزاولة مهنة التدريس.

في عام1244  وصل إلى مدينة قونية الشاعر الصوفي شمس الدين التبريزي، باحثاً عن شخص يجد فيه خير الصحبة وقد وجد في الرومي ضالته، ولم يفترق الصاحبان منذ لقائهما حتى إن تقاربهما ظل دافعاً لحسد الكثيرين على جلال الدين لاستئثاره بمحبة القطب الصوفي التبريزي، وفي عام 1248 اغتيل التبريزي ولم يعرف قاتله ويقال إن شمس الدين التبريزي سمع طرقاً على الباب وخرج ولم يعد منذ ذلك الحين.

حزن الرومي على موت التبريزي وأحبه حباً عميقاً خلف وراءه أشعاراً وموسيقى ورقصاتٍ تحولت إلى ديوان سماه ديوان شمس الدين التبريزي أو  الديوان الكبير.

وقد تم تصنيف أعمال الرومي إلى تصنيفات مختلفة وهي : الرباعيات ، ديوان الغزل ، مجلدات المثنوي الستة ، المحاضر أو الخطب ، الرسائل والمواعظ الستة الشبه مفقودة ، وجاء من أفضل كتب الرومي الآتي:

المثنوي، رباعيات مولانا جلال الدين الرومي، رسائل مولانا جلال الدين الرومي، المجالس السبعة (آفاق جديدة ورائعة في الرمزية الإسلامية)، كتاب فيه ما فيه (أحاديث مولانا جلال الدين الرومي)، غربال الروح (مختارات من غزلياته ورباعياته)، مختارات من قصائد جلال الدين الرومي وغزلياته، مختارات من ديوان شمس الدين تبريزي، مختارات من ديوان شمس الدين تبريزي، روائع من الشعر الفارسي، قصائد مختارة من ديوان شمس تبريز.

قام أتباعه وابنه سلطان ولد بتأسيس الطريقة المولوية الصوفية والتي اشتهرت بدراويشها ورقصتهم الروحية الدائرية التي عرفت بالسماح والرقصة المميزة.

وصفته البي بي سي سنة 2007 م بأكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة، وقال عباس محمود العقاد  :"يتنافس على نِسبة جلال الدين أربعة أوطان، وهي بلاد الأفغان، وبلاد فارس، وبلاد العرب، وبلاد الترك، التي اشتهرت ببلاد الروم. فهو قد وُلِد في بلخ من بلاد الأفغان، في بيتٍ عريقٍ من بيوت العلم والإمارة، ونظم بالفارسية والتركية والعربية، ونسبه عربي صميم إلى الخليفة أبي بكر الصديق، وعاش في بغداد حينا، وضريحه في قونية ، حيث وفاته؛ فلا جرم أن تتفتح الأبواب للتنافس عليه؛ بحجة من الحجج، لكل منافس يحرص على هذه الدرة النفيسة، وإنها في الحق لذخيرة للحضارة الإسلامية وللإنسانية، يأخذ منها مَنْ شاء من بني الإنسان بنصيب موفور".

وتعد قواعد العشق الأربعون: من أبرز الأدلة على تأثير جلال الدين الرومي في الثقافة الحديثة والمعاصرة، أن واحدة من أبرز وأشهر الروايات الحديثة استمدت أحداثها من السيرة الذاتية لمولانا الصوفي الشهير، وهي رواية (قواعد العشق الأربعون) للكاتبة التركية  ألف شفق، وتدور أحداث الرواية في خطين متوازيين أحدهما يدور حول علاقة الصداقة التي ربطت بين جلال الدين الرومي وشمس التبريزي، كما تبرز الرواية جانباً من تعاليم وأفكار الرومي الصوفية ، صدرت الرواية في عام 2010م وحققت نجاحاً مدوياً حيث وصل عدد النسخ المباعة منها في تركيا إلى أكثر من مليون نسخة، وفي الأعوام التالية تم ترجمة الرواية إلى العديد من اللغات الحية، وتصدرت الرواية قوائم الكتب الأكثر مبيعاً في العديد من الدول حول العالم.

وحتى مماته كان الرومي يقدم المواعظ والمحاضرات إلى مريديه ومعارفه وللمجتمع، ووضع معظم أفكاره في كتب بطلب من مريديه وتوفي في 17 ديسمبر 1273وحمل نعشه أشخاص من ملل خمسة إلى قبر بجانب قبر والده، وسمى أتباعه هذه الليلة بالعرس ومازالوا يحتفلون بهذه الليلة إلى الآن.

التعليقات