" الإمارات للسياسات"يناقش افاق مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" الصينية‎

اكدت "الطاولة المستديرة حول أفق الشراكة بين الصين والإمارات في إطار مبادرة "حزام واحد، طريق واحد"" التي نظمها مركز الإمارات للسياسات ان المبادرة التي طرح  لأول مرة في عام 2013، لم تكن في بدايتها واضحة للجميع، حتى في الداخل الصيني، وقد تطوّر فهم المبادرة وحدودها خلال السنوات الماضية بشكل متنام. ويؤكد الباحثون الصينيون على أن هذه المبادرة كونية بالأساس، وتهدف إلى إشراك جميع الدول في المنطقة والعالم؛ إذ تقوم على أساس الحاجة الإنسانية للتعاون المتبادل بين الأمم والشعوب.و لا تقتصر المبادرة على خطوط التجارة البرية والبحرية، بل تشمل أيضاً مجالات عديدة، مثل تسهيل تبادل الأموال، وأنظمة التقييم المصرفي (إذ تهدف الصين إلى تدويل العملة الصينية، وإقامة مؤسسات مالية دولية موازية للمؤسسات القائمة حالياً مثل صندوق النقد الدولي). كما تشمل المبادرة تنمية التبادلات الثقافية التي تعزز التفاهم بين الشعوب، وتشمل أيضاً التعاون في المجالات الأمنية، ومحاربة الإرهاب، ودعم الاستقرار. وسعت الصين عبر المبادرة التي خصصت لها نحو 4 تريليون دولار إلى تحقيق أهداف جيوسياسية واستراتيجية كبرى. واكدت الطاولة انه لا يمكن فهم المبادرة الصينية دون النظر في هذه الأهداف؛ حيث تتطلع الصين إلى تحقيق مفهومها للأمن الصيني في أربع دوائر: الداخل الصيني، وعلى حدود الصين المترامية، وفي الجوار الآسيوي، والنظام الدولي بوصفها قوة عالمية. وتريد الصين التخفيف من مخاطر المرور بالممرات المائية المحسوبة على النفوذ الأمريكي. و وفقاً للمناقشات تسعى الصين إلى ربط اقتصاديات العالم باقتصادها، وهي تحاول أنْ تقدّم نفسها كنموذج اقتصادي عالمي، خاصة للدول النامية. كما تسعى لتصريف الفائض في الإنتاج الصناعي الصيني، وفتح أسواق جديدة في العالم كما تحاول إضعاف التحالفات الاقتصادية القائمة التي ترى أنها تخدم النفوذ الأمريكي، وهي ترى أيضاً أن تعزيز النمو الاقتصادي من شأنه تقليل التطرف والإرهاب وتحقيق الاستقرار. وتلفت المداولات الى انه لا ينبغي نسيان أن الغرض من المبادرة التي تأسست بنهاية 2013 كان متصلاً بالصعوبات الاقتصادية التي رافقت الأزمة المالية العالمية 2008؛ إذ رأت الصين أن هناك انكفاء غربياً عن العولمة التي تحققت المعجزة الاقتصادية الصينية في ظلها، وكان هذا التفكير الصيني منطلقاً أساسياً في "مبادرة الحزام والطريق"، عبر تعزيز التكامل العالمي من خلال ثلاثة مبادئ هي: الحوار المشترك، والبناء المشترك، والمنفعة المشتركة. تركز الصين في المبادرة على مصادر الطاقة، ومناطق التجارة الحرة، والأسواق المفتوحة، والمناطق الصناعية الكبيرة، وفي منطقة الخليج تحديداً تظهر الصين اهتماماً بتأمين الطاقة، وترغب بالاستثمار المتبادل في قطاعي النفط والغاز، وهي مهتمة بتحسين جودة الإنتاج للنفط، وبناء مصافٍ للاستفادة من صناعات ما بعد استخراج النفط، كما أنّ أمن النقل مهمٌ جداً للصين، لتأمين مسارات تصدير واستيراد النفط والغاز. وترى الطاولة ان لدى الصين والدول العربية اهتمامات مشتركة في تشجيع قطاعات الصناعة في الدول العربية؛ لحل مسألة البطالة في الدول العربية، وتخفيض الفائض في الإنتاج الصيني الداخلي. وفي السنوات الأخيرة بدأت دولة الإمارات تركز على الصناعات التقليدية والتصنيع الابتكاري، وهو ما تسعى إليه الصين لتحقيق الاستدامة عبر توظيف التكنولوجيات الجديدة، وهو مجال مهم للتعاون المستقبلي بين الإمارات والصين. كذلك تظهر الصين اهتماماً في مشاريع البنية التحتية، وفي مجال تمويل مشروعات في الدول الفقيرة، مثل الدول الأفريقية. من أبرز تحديات المبادرة وفقا للمشاركين أنها مرتبطة بسياقات جيوسياسية معقّدة، فالاضطرابات والحروب التي تعيشها كثير من الدول والأقاليم التي تمر عبرها المبادرة تؤثر في طبيعة التجارة والتعاون الاقتصادي، ويمثل الشرق الأوسط تحدياً للمبادرة نتيجة المرحلة الانتقالية التي يمرّ بها النظام الإقليمي. وتناولت الجلسة الثانية الشراكة بين الصين والإمارات، وناقشت الآليات والأطر اللازمة لإنجاح التعاون الاقتصادي بين البلدين في إطار المبادرة، وطرحت خلال الجلسة الأفكار الآتية:   تولي الإمارات أهمية كبيرة لتطوير التعاون الثنائي مع الصين في مختلف المجالات، وتدرك الإمارات أهمية الصين كقوة اقتصادية وسياسية عظمى ، وهي اليوم أكبر مُصدّر للسلع في العالم. ترتبط الإمارات بشبكة خطوط برية وبحرية وجوية مع مختلف دول المنطقة، خاصة مصادر الخام في أفريقيا. وضعت الصين معايير محددة لتصنيف الدول المرشحة للانضمام إلى المبادرة بحسب الأهمية، واحتلت دولة الإمارات مكانة جيدة في هذا التصنيف؛ و اشتملت المعايير على قياس أهمية مذكرات التفاهم والاتفاقيات الموقعة بين الصين وهذه الدول، إضافة إلى مستويات الثقة السياسية المتبادلة، وإمكانات الربط البحري والبري والكهربائي، وحجم الاستثمارات المتبادلة، وتبادل العملات، وتطلعات التعاون المشترك ومنها التعاون الثقافي. تتمتع الإمارات بإمكانات اقتصادية وموقع جغرافي مميز وعلاقات اقتصادية مع الصين وباقي دول المنطقة والعالم . الإمارات مركز ماليّ مهم، ولديها بنية تحتية ولوجستية وموانئ مهمة في الخليج وبحر العرب، والتبادل التجاري قوي بين الإمارات والصين، ويصل إلى نحو 60 مليار دولار.  هناك آفاق واسعة لمستقبل العلاقات الإماراتية-الصينية؛ و يقول المشاركون انه على الرغم من أهمية الجانب الاقتصادي الواعد للمبادرة الصينية، يتعين على الصين عدم إغفال الجوانب السياسية والأمنية، وذلك بالعمل على تبديد المخاوف بشأن الأبعاد السياسية والاستراتيجية للمبادرة. يرى الباحثون من جمهورية الصين بأن الإمارات لديها موقع مميز كمركز تنوع اقتصادي، ومنصة لوجستية . يحذر باحثون من المخاطر المستقبلية للاستثمار في المبادرة ومن وجهة نظر هؤلاء هناك شكوك في إمكانية استمرار النمو الصيني قياساً على النموذج الياباني، . تناولت الجلسة الثالثة تأثير التنافس الجيوسياسي في المنطقة على المبادرة، وطرحت في الجلسة أفكار في مقدمتها ان الصين تراهن على انسحاب أمريكي تدريجي من الشرق الأوسط، .  

التعليقات