تجرى غدا الأحد، انتخابات الرئاسة فى روسيا، لاختيار الرئيس الذى سيحكم البلاد حتى عام 2023، ويتنافس فى هذه الانتخابات 8 مرشحين فى مقدمتهم الرئيس الحالى فلاديمير بوتين الذى يخوض الانتخابات لأول مرة كمرشح مستقل، وليس باعتباره زعيما روحيا لحزب روسيا الموحدة.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن بوتين هو المرشح الأوفر حظا في تلك الانتخابات، وأن فرص منافسيه تبدو معدومة تقريبا، ومنها استطلاع حديث أظهر أن نحو 69 فى المائة من الروس مستعدون للتصويت لبوتين، وهي النسبة التي تعكس معدلات تأييد ظلت ثابتة تقريبا خلال السنوات الأخيرة رغم تعرض روسيا لهزات طفيفة في مراحل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الطاحنة التي عاشتها.
ومن الأمور الجديدة التي تميز انتخابات الرئاسة الروسية هذه المرة، أنه سيكون بإمكان المواطنين التصويت في أي مركز انتخابي، وليس فقط في المراكز القريبة من مكان الإقامة الرسمية، حيث تم تسجيل 111 مليونا و425 ألفا و443 ناخبا داخل الأراضي الروسية وخارجها، يحق لهم التصويت، ويسمح القانون بالتصويت مبكرا، قبل 20 يوما من تاريخ الانتخابات، للعاملين في محطات الأبحاث في منطقة القطب الشمالي، ولأفراد طواقم السفن التي تنفذ رحلات في البحر يوم الانتخابات، وسكان المناطق النائية، وقبل 15 يوما من تاريخ الانتخابات يبدأ التصويت المبكر في الخارج.
ويحتاج المرشح إلى الحصول على نسبة 50 بالمائة زائد واحد من إجمالى الأصوات الصحيحة للفوز في الجولة الأولى، وفي حال عدم حصول أي مرشح على هذه النسبة تعاد العملية الانتخابية مرة أخرى بعد 21 يوما، وتكون الجولة الثانية بين المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.
وتطغى الملفات الإقليمية والدولية للمرة الأولى في تاريخ روسيا على الوعود الانتخابية للمتنافسين فى الانتخابات، وفى مقدمتها القضية السورية التى كانت حاضرة بقوة فى الحملات الانتخابية، إلى جانب قضيتى أوكرانيا والقرم.
ويتنافس في انتخابات عام 2018 الرئيس بوتين الذى يسعى إلى مواصلة سياسته الحالية، مع زيادة النفقات الاجتماعية، وتعد إنجازاته الواسعة خلال عقدين كان فيهما صاحب القرار الأول في البلاد خير دليل على جدارته بالاستمرار فى منصب الرئيس، ومرشح حزب "الاتحاد الشعبى العام الروسي" القومي المحافظ سيرجى بابورين وهون، ويستند برنامجه الانتخابى إلى النواحي الاجتماعية، حيث تعهد، في حال توليه السلطة، بإدخال تعديلات دستورية بغية إنشاء نظام قضائي مستقل وجعل التعليم والخدمات الاجتماعية مجانا، كما تعهد بإقرار سلسلة قوانين من أجل فك اعتماد اقتصاد البلاد على القطاع النفطي، ومرشح "الحزب الشيوعي الروسي" بافيل جرودينين، ويحمل برنامجه الانتخابي اسم "20 خطوة" ترسم الطريق لإجراء سلسلة إصلاحات اقتصادية واجتماعية تغيير نهج البلاد الاقتصادي واستعادة سيادة روسيا الاقتصادية بهدف ضمان رفاهية الشعب.
ومن بين المتنافسين أيضا، مرشح "الحزب الليبيرالي الديمقراطي الروسي" فلاديمير جيرينوفسكي، الذى يخوض المعركة الانتخابية للمرة السادسة، متعهدا بإدخال إصلاحات اجتماعية وسياسية جذرية في مجالات مختلفة، خاصة إلغاء العقوبة الجنائية بتهمة "التطرف" و"مخالفة قانون التظاهر" والتي تحمل حسب رأيه صبغة سياسية، ويقترح حل مجلس الاتحاد الروسي وتسليم جميع صلاحياته إلى "الدوما" (مجلس النواب) ليصبح البرلمان الروسي أحادي الغرفة، ما يساهم فى تفعيل دوره السياسي، ومرشحة عن حزب "المبادرة الاجتماعية" الليبيرالي، كسينيا سوبتشاك، وهى إعلامية معارضة تقود حملاتها الانتخابية تحت شعار "مرشحة ضد الجميع"، وتسعى إلى إدخال تغييرات ليبيرالية في سياسات البلاد الداخلية والخارجية، مع تقليص نفوذ الكنيسة الأرثوذكسية، وإقامة علاقات شراكة مع الولايات المتحدة وأوكرانيا وسحب القوات الروسية من سوريا، والإفراج عن "المعتقلين السياسيين"، ومرشح حزب "شيوعيو روسيا" مكسيم سورايكين الذي أطلق على برنامجه الانتخابي عنوان "عشر ضربات ستالينية إلى الرأسمالية" ساعيا إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات المطلوبة لـ"استعادة الاقتصاد الاشتراكي"، من خلال تأميم المؤسسات الكبرى في مجال الدفاع والنفط والغاز، لمضاعفة ميزانية البلاد مرتين وزيادة رواتب الموظفين، ومرشح حزب النمو بوريس تيتوف، ويستند برنامجه على توفير الحريات الاقتصادية الأوسع عن طريق الحد من اعتماد الاقتصاد على قطاع السلع الأساسية وتطوير مجال الأعمال والتجارة والتشجيع على المنافسة في السوق.
فيما تعهد مرشح عن حزب "يابلوكو" (التفاحة) الديمقراطي المنتمي إلى اليسار الوسط، جريجورى يافلينسكي بتطوير اقتصاد البلاد والتنحي عن "المغامرات الجيوسياسية"، وتطبيع العلاقات مع الغرب، والاعتراف بعدم شرعية انضمام القرم إلى روسيا، وسحب القوات الروسية من سوريا، و"التوقف عن جميع أنواع الدعم للانفصاليين في أوكرانيا".
ويعد نجاح بوتين في تلك الانتخابات مضمونا بدرجة كبيرة، حيث خرجت أصوات من النخبة الروسية تؤيد بقاءه في كرسي الرئاسة، باعتباره الشخص المناسب في هذه المرحلة، فهو القيادى الذى لا يمكن منافسته، ما يعني أن بوتين يسير بثقة للتربع مجددا على كرسي الرئاسة لولاية جديدة هي الثانية على التوالي، والرابعة منذ وصوله إلى المنصب في عام 2000، ومن المفترض أن تكون الفترة الأخيرة وفقا للدستور الروسي، حيث لا يحق لرئيس الدولة أن يشغل هذا المنصب لأكثر من ولايتين متتاليتين.
وتواجه تلك الانتخابات عدة مشكلات قبل إجرائها، حيث صرحت مفوضة الاتحاد الأوروبي العليا للسياسة الخارجية فيديريكا موجيريني بأن الاتحاد الأوروبي لن يعترف بنتائج الانتخابات التي ستُجرى في شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى توقع تدخل أمريكي في سير العملية الانتخابية، بحسب ما صرح به نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف، ولضمان عدم التدخل إلكترونيا فى انتخابات الرئاسة الروسية، فقد اتخذت السلطات الروسية جميع التدابير لمواجهة أى تدخل محتمل فيها، خاصة أن روسيا تعرضت لحملات منظمة للتشكيك فى نزاهه الانتخابات قبل وقت طويل من إجرائها.
التعليقات