تمسك الفنانة التشكيلية سلوى المؤيد بتلابيب عدة مدارس فنية في الوقت ذاته إذ يمكن حسابها على الانطباعية والتجريدية والواقعية رغم حداثة دخولها لعالم الفن التشكيلي إذ ظلت طوال ٣٠ عامًا تمسك القلم وتمارس الكتابة والصحافة، قبل أن تضع في اليد الأخرى فرشاة تراود بها الفن عن هواية ظلت دفينة طوال سنوات.
حصلت سلوى المؤيد، المولودة في المنامة بالبحرين في 13 سبتمبر 1949، على ليسانس صحافة عام 1971 من جامعة القاهرة، وبعدها بعام واحد التحقت للعمل كصحفية بوزارة الإعلام مع زميلتها طفلة الخليفة لتكونا أول صحفيتين بحرينيتين محترفتين للمهنة في تاريخ البلاد، وظلت تمارس عملها كصحفية حرة لصحف بحرينية وعربية، مولية جل اهتمامها للقضايا الخاصة باحتياجات الطفولة والأسرة وغيرها من القضايا الاجتماعية التي تسعى من خلالها إلى تطور المجتمع البحريني.
وتحكي المؤيد، في حوار مع مجلة "بيزنس" قصتها مع الرسم، قائلة: "لم أكن أعرف أني قادرة على الرسم وتواصلت مع رسام لبنانى لدراسة الرسم بالمراسلة فطالبني برسم سكاكين وسيارات وتكرار ذلك مئات المرات فقلت له أني لا أجيد الرسم ولا أحبه، لكن أهوى التلوين وأرفض التكرار، لكنه كان يقول لى أني سأكون رسامة ذات شأن، ثم التقيت بصديقة لبنانية تحب الفن التشكيلى كنت أجلس معها لأشاهد ما ترسمه، وقلت لها يومًا أعطينى ورقة وثلاثة ألوان وجلست فى غرفتي يوما كاملاً ورسمت".
تتذكر سلوى وهي تبتسم: "عندما شاهدت ما رسمته قالت لي إن اللوحة بها تكنيك جيد وأبديت رغبتي لها في الدراسة، واتفقنا مع معلمة إسبانية لنتلقى منها دروسًا خصوصية، وتعلمنا منها الكثير في الرسم والتلوين، وعام 2010 قررت تلقي دورات فى الفن التشكيلي وأساليبه الجديدة، وكنت أسافر للقاهرة مرتين سنويًا خلال 3 أعوام وأنهيت رسم 60 لوحة مع قراءة نهمة لفان جوخ، والفنانين الإيطالي جوفانى براغولين، والأمريكى توماس كوك، لمعرفة كيف بدئوا وطوروا أنفسهم.
بفخر تقول المؤيد: حتى الآن نظمت معرضين فى البحرين منذ عام 1983 حينما اكتشفت ولعي بالفن التشكيلي.
تسترجع "المؤيد" بداياتها الصحفية قائلة إنها أحبت الكتابة منذ عمر الـ ١٢ عامًا ومنذ صغرها كانت تريد دراسة الصحافة للدفاع عن المواطن البحريني وتطوير الوطن، مضيفة: "كان والدى يقول لي يجب أن تدرسي في لندن أو أمريكا مثل أخوتك فقلت له سأدرس باللغة العربية، لأكون قريبة من المواطن البحريني وسافرت للدراسة في بلدي الثاني مصر، وفى عام 1971 حصلت على ليسانس الصحافة من جامعة القاهرة، لأبدأ العمل بالبحرين، وكنت أنا وطفلة الخليفة أول امرأتان سمح لنا المسئولون في ذلك الوقت بالعمل في وزارة الإعلام إذ كان العمل في الوزارة للرجال فقط".
وحول اختيارها للعمل الصحفي الحر، قالت: "كتبت العديد من المقالات التي صادفت تقديرًا من القراء حتى باتوا ينتظرونها وناديت بقوانين تخدم المواطن البحريني وكنت أهتم كثيرًا بالمشكلات الاجتماعية وأدخل الجمعيات الأهلية من أجل الإطلاع على مشاكل المواطن البحريني وكنت أطالب بقانون الأحوال الشخصية، وبدأنا هذا النشاط فعلاً سنة 1983 بلجنة الأحوال الشخصية التي رأستها لؤلؤة بنت محمد الخليفة رئيسة جمعيات الأمومة والطفولة وكانت قدوة لنا جميعًا وبمشاركة شقيقتي منى المؤيد وصديقتي شيخة المضاحكة والشيخة مريم حسن.
دخلت سلوى المؤيد معركة ضد القضاء البحريني حيث كتبت 17 مقالاً طالبت فيها بقانون للأحوال الشخصية، متهمة حينها القضاء البحريني في القضايا الأسرية بمخالفة الدين الإسلامي وبأنه متحيز للرجل ولا يطبق ما قاله الرسول الكريم، واستدركت، قائلة: "كنت عندما أكتب فى هذا الشأن أرجع إلى كتب الدين واستشهد بها، وأحضر أوراق القضية أمامي وأقارن، فأجد أن القاضي يخالف حكم الإسلام فكانت المقالات تقدم رأيًا بالحجة والدليل وليست مجرد رأي عاطفي لكوني امرأة".
سيطرت قضايا حواء على مقالات سلوى، ونادت كثيرًا بمشاركة المرأة في البرلمان وهو ما تم بالفعل كما لم تكن النساء تتولى مناصب وزارية فنادت بمشاركة المرأة في الحقائب الوزارية وكانت جزءا من حراك أدى لدخول المرأة الحكومة البحرينية، ويوجد بالبحرين حاليًا وزيرتين للثقافة وللصحة وقاضيات ونائبة للمحكمة الدستورية العليا، وباتت المرأة في البحرين لها تقديرها واحترامها.
وتابعت: "في الفترة من 1983 وحتى 2015، بدأنا بقانون الأحوال الأسرية بالشق السني ثم شقه الشيعي ليكونا "قانون موحد" فصار كذلك للسنة والشيعة، لأن الطائفة الشيعية كانت غير راضية إلا بفتوى من خارج البحرين ولكن الحكومة رفضت ذلك، وبعدها كان هناك إصرار على فرض القانون لصالح المرأة الشيعية التي كانت إجراءات طلاقها من الممكن أن تستمر بالمحاكم 20 سنة، والممكن إعطاء حضانة الأطفال للزوج رغم أنه قد يكون منحرفا أو مدمنا.
وأكدت أن المرأة أصبحت راضية بالبحرين ولها قيمة كبيرة بفضل جهود الأميرة سبيكة بنت إبراهيم الخليفة التي أنشأت المجلس الأسرى للمرأة واهتمت بالطفل، وأقامت مبنى مهم تكلف 680 ألف دينار بحريني لضم جميع القضايا الأسرية الخاصة بالمرأة، بجانب مبنى آخر للإرشاد الأسري، إذ كان الطلاق يتم في البيت وكان الرجل يطلق المرأة ويشاركها السكن أما الآن فالطلاق يكون في المحكمة.
وحول عدد إصداراتها من الأعمال الإبداعية، قالت إنها أربعة أهمها كتاب "أسرار النجاح" عن قصة كفاح ونجاح والدها يوسف المؤيد بصفته أحد رواد الاقتصاد الحديث في البحرين حيث بدأ عمله التجاري عام ١٩٤٠م بمبلغ صغير قام بجمعه بنفسه وأصبحت مجموعة شركاته من أكبر المجموعات التجارية وتتناول عدة قطاعات مهمة في البلاد.
وتضيف أن والدها بدأ نشاطه التجاري منذ أن كان في السادسة، عندما قام بشراء كمية من الحلوى والفول السوداني في طريق عودته إلى منزله بعد انتهاء اليوم الدراسي، ومن ثم بيعها على أصدقائه، ومع بداية الحرب العالمية الثانية، أسس شركة تجارية خاصة بمبلغ 200 دينار آنذاك، وعبرها استورد أول شحنة خاصة به من الهند، شملت أصباغًا ومعدات وأسلاكًا، ومصابيح كهربائية، وبنّاً وشاياً وخشب صندل، ليفتتح أول محلّ خاص به بشارع التجار، وخلال فترة وجيزة أصبح المزوّد الخاص بشركة نفط البحرين "بابكو"، فضلاً عن البحرية البريطانية وسلاح الجو الملكي، وفي عام 1946 فاز بأول وكالة حصرية لإحدى الشركات الأمريكية الضخمة، ونمت أعماله في السعودية وغيرها من الدول حتى وصلت الشركة لوضعها الحالي.
وحول المسئولية الاجتماعية للشركات، قالت إن العائلة أسست لجنة يوسف وعائشة المؤيد للأعمال الخيرية، التي تولت مسئولية عدد من المشاريع الخيرية بالبحرين منها مركز لمعالجة مدمني الكحول والمخدرات، وآخر لغسيل الكلى، وأخيرًا مركز لزرع الكلى بالبحرين بتكلفة تصل إلى ١.٥ مليون دينار.
ورغم شهرتها ككاتبة صحفية من جيل الرواد في البحرين إلا أن سلوى المؤيد تقول إن سعادتها الأكبر حينما تستطيع تقديم يد العون للمحتاجين أو تساعد الفقراء.
التعليقات