تحتفل مملكة البحرين غدا وبعد غد بأعيادها الوطنية المجيدة إحياء لذكرى قيام دولتها الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح دولة عربية مسلمة عام 1783 ميلادية والذكرى الـ 46 لانضمامها إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية والذكرى الـ 18 لتسلم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لمقاليد الحكم.
وتجيء احتفالات هذا العام بالأعياد الوطنية لتعمق شعور انتماء أهل هذه البلد الكرام بأرض البحرين الطيبة، وتجدد ولاء أبنائها الأشداء لقيادتها الرشيدة، ولتؤكد أن مستقبل البحرين يبشر بالمزيد من النجاحات والمنجزات، حيث حققت البحرين الكثير من القفزات في جميع المجالات على هدى من مشروع الإصلاح الوطني الشامل الذي قاده العاهل المفدى باقتدار طوال السنوات الماضية ، وفقًا لـ وام .
وهذه المنجزات والمكتسبات التي حققتها المملكة خلال السنوات الماضية يحق لأهل البحرين وأبنائها الكرام أن يفخروا بها، فالديمقراطية البحرينية والتي تأسست وترسخت كنموذج وطني، وتستمد جذورها من الأرض التي نبتت فيها، تواصل بنجاح مسيرتها المباركة، وانعكست آثارها الإيجابية في شتى المجالات، بل وصارت التجربة البحرينية السياسية والتنموية ورغم قصر عمرها النسبي أكثر نضجا ووعيا والتزاما.
ومن أبرز ما تحقق للبحرين والمقيمين فوق أرضها خلال عام 2017، وكفل للمملكة مكانتها وسمعتها التي تتمتع بها في المحافل الإقليمية والدولية على السواء، ويمكن إبرازه كعلامات على الطريق في مسيرة العمل الوطني البحرينية المتميزة، المنجزات الآتية: استدامة التنمية وعلاقات خارجية ممتدة المتابع لمسار تحركات القيادة الرشيدة يمكن أن يخلص إلى علاقة ما تربط بين النجاح في الداخل والانطلاق إلى الخارج.
وقد مكن ذلك المملكة من الاستمرار في متابعة خططها ومشروعاتها التنموية دون توقف مقارنة بغيرها، وتحقيق نجاحات بارزة فيها انعكست على مستويات التنمية البشرية والأوضاع الاجتماعية للمواطنين، وفي الوقت ذاته توسيع وتعميق شبكة اتصالاتها وتحالفاتها الخارجية استنادا إلى قوة موقعها السياسي وثقل قرارتها والثقة في مكانتها.
بدا ذلك الأمر واضحا بالنظر إلى معيارين يمكن قياس مستوى النجاح البحريني فيهما، الأول: خاص بمعدلات التنمية ومؤشراتها الاقتصادية المختلفة، حيث يلاحظ أن هناك نهجا حكوميا ثابتا للترويج للمملكة وتنويع مصادر الدخل بها وتوسيع فرص الاستثمار سواء لرجال الأعمال البحرينيين أو لغيرهم من القادمين من الخارج.
كما أن هناك إصرارا على إنجاح مسيرة التنمية المستدامة في المملكة، وهو ما ضمن للمملكة معدلا متدنيا للبطالة لا يزيد عن 4.2 % وينخفض لـ 3.8 %، وما يربو على 330 مليون دولار تدفقات استثمارية خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2017.
ويعد المجال الاقتصادي الشغل الشاغل لقيادة البحرين الحكيمة، وسعت المملكة إلى مواصلة جهودها من أجل إحداث تنمية اقتصادية مستدامة وجذب الاستثمارات العالمية وحافظت المملكة على المرونة الاقتصادية، ولا تزال رائدة في المنطقة في الحرية الاقتصادية، كما إنها أصبحت مركزا ماليا للنشاط الاقتصادي الحيوي، في ظل تحقيق التجارة والاستثمار مستويات عالية والمدعومة ببيئة تنظيمية تنافسية وكفاءة.
وتشجع الحكومة الاستثمار في قطاعات غير الطاقة، مثل: التمويل والبناء لتقليل الاعتماد على تراجع احتياطيات النفط وأسعاره، وأصبحت البحرين مركزا إقليميا للكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم بأعمال تجارية في المنطقة، كما تمتاز البحرين ببيئة اتصالات حديثة وبنية تحتية للنقل والمواصلات، كما أن البحرين لديها تشريعات عديدة محفزة للاستثمار منها قوانين الشفافية ومكافحة الفساد وتسهيل منح التراخيص وغيرها.
كما قامت المملكة بتعزيز البنية التحتية لكي يتاح للمستثمر من داخل وخارج البحرين البيئة اللازمة للاستثمار، وتوفير عمالة ماهرة ومدربة، وعقد اتفاقيات جديدة مع العديد من دول العالم تتيح فرصا استثمارية أكبر.
الثاني يتعلق بحجم الاتصالات والزيارات واللقاءات والاستقبالات التي قامت بها القيادة الرشيدة خلال عام 2017 بغرض تدعيم علاقات المملكة بقوى وأطراف المجتمع الدولي، وفي الوقت ذاته فتح آفاق مختلفة للبحرين، وضمان توفير فرص واعدة أكبر للبحرين ومواطنيها سواء لنقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة والتجارب المتقدمة أو لتوطين الخبرات وتأهيل الكوادر الوطنية أو للاستفادة من المستجدات والتطورات التي يشهدها عالم اليوم في جميع المجالات.
تبرز هنا مشاركة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين في أعمال القمة العربية بالأردن أواخر مارس 2017، وزياراته السامية لكل من مصر في مارس ومايو ، وماليزيا في إبريل ، وبروناي في مايو وللمملكة العربية السعودية الشقيقة في مايو وأكتوبر من نفس العام، فضلا عن استقبال جلالته للرئيس التركي في فبراير وغيرها من اللقاءات المثمرة التي لم يغب عنها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر الذي كان له الدور الكبير في تدعيم علاقات المملكة بدول شرق آسيا، وكذلك صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ، وبخاصة عقب زيارته الأخيرة للولايات المتحدة مطلع ديسمبر 2017.
كما يمكن الإشارة إلى افتتاح جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لدور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الرابع لمجلسي النواب والشورى في أكتوبر الماضي لتبدأ التجربة النيابية عامها السادس عشر ، وقد أنجز المجلسان ما يزيد عن ستة آلاف موضوع صبت في مصلحة الوطن والمواطن ما بين إقرار القوانين والمقترحات برغبة وتوجيه الأسئلة وغيرها من أدوات برلمانية أتاحها لها المشروع الإصلاحي لكي تتمكن من أداء دورها كاملا دون نقصان.
وفي مجال السياسة الخارجية وفي إطار سياستها الراسخة بتدعيم أواصر التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، وبما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويدافع عن قضاياها، مع انتهاج سياسة عدم الانحياز وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية.
ولعل النجاح الذي حققه الحضور البحريني قمم الرياض الثلاثة، فضلا عن اللقاءات والزيارات والاستقبالات التي قامت بها القيادة الرشيدة مع السعودية ومصر وماليزيا وبروناي وغيرها ثم منتدى حوار المنامة الـ 13، مثلما أشير سلفا، دليل كاف على الدور المحوري الذي باتت تلعبه المنامة في الشؤون الخليجية والعربية والدولية، وهذا يعود إلى سياسة خارجية نشطة يقودها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
واستطاعت هذه السياسة النشطة أن تعزز من مكانة مملكة البحرين، حيث تكثيف اللقاءات والاتصالات والزيارات لتدعيم العلاقات مع دول العالم سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى الجماعي، ومن ذلك الزيارات المتعددة لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء والوزراء وكبار المسؤولين والتي شملت العديد من الدول وفتحت آفاقا رحبة لتدعيم العلاقات الثنائية معها وتم خلالها توثيق التعاون مع هذه الدول وإبرام العديد من المعاهدات والاتفاقات التي تصب في خدمة المواطن البحريني.
كما كان بارزا الحضور البحريني في كافة المحافل الإقليمية والدولية والدفاع عن القضايا الوطنية والخليجية والعربية والإسلامية وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية، خاصة عقب التطور الأخير بشأن القرار الأمريكي حول القدس.
وقد استطاعت الدبلوماسية البحرينية تحقيق اختراقين في غاية الأهمية أولهما تعزيز الصورة الصحيحة لمملكة البحرين كبلد للتعايش والتسامح ونبذ العنف بالنظر إلى التحركات الكبيرة لتأكيد هوية البحرين كبوتقة تنصهر فيها كل أبناء الحضارات والثقافات.
وثانيهما الدعم الخليجي والعربي والإسلامي والدولي لمملكة البحرين في مواجهة التدخلات الخارجية التي لا تتوقف من جانب إيران، سيما بعد أن ثبت تورط طهران في محاولات لزعزعة الأمن الداخلي بالمملكة، والذي تبدى خلال القمم العربية والخليجية وغيرها التي شهدها عام 2017.
وكفل تزامن هذه النجاحات الداخلية وتوافقها مع التحركات الخارجية القوية، لمملكة البحرين هذا الموقع الذي أضحت تحظى به سواء في محيطها الإقليمي أو العالمي. ومن بين أكثر البراهين الدالة على ذلك: التقدير الدولي الواسع للمملكة (تقرير المملكة الحقوقي المقدم للأمم المتحدة بمبادرة منها في مارس وجائزة عيسى الإنسانية في يونيو).
هذا فضلا عن الاحتفاء بمبادراتها ومواقفها (تدشين مركز حمد للحوار بين الأديان في سبتمبر)، والحضور والتواجد الدائم في المحافل التي تنظمها فوق أرضها (منتدى استثمر في البحرين في أكتوبر واختيار المنامة لاستضافة قمة ريادة الأعمال الذي تم بالأمم المتحدة في نوفمبر) وغيرها الكثير والكثير.
الأمن أولوية قصوى في مدركات القيادة لقد تبنت مملكة البحرين الخطط والمشروعات للتصدي للإرهاب بكافة اشكاله حيث كانت مشاركة جلالة الملك السامية في قمم الرياض الثلاثة التي استهدفت بالأساس مكافحة الإرهاب ومصادر تمويله في النصف الأخير من شهر مايو 2017، بالإضافة الى المؤتمرات الدفاعية والأمنية التي تقام في مملكة البحرين ونجحت في تنظيمها وحققت افضل الأهداف ، وكذلك دعم الأجهزة الأمنية للقيام بدورها من خلال إمدادها بأحدث التقنيات المتطورة والتدريب المستمر وإيفاد البعثات وتنفيذ التمرينات الأمنية مع الدول الشقيقة والصديقة بغرض تبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات والجريمة ، وأيضا التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية بالبحرين والتي حقق نقلة نوعية عبر التنسيق وتنظيم التمارين المشتركة.
مواصلة العمل وفق خطط مدروسة تبرهن مواصلة البحرين الاحتفال بأعيادها الوطنية على أن المسيرة نحو الرخاء والازدهار لن تتوقف بمشيئة المولى عز وجل، وأن المساعي والجهود التي قامت وتقوم بها الدولة بأجهزتها كافة لتحقيق ما يصبو إليه الشعب ستتكلل حاليا بمزيد من النجاحات، وتبشر مستقبلا بمزيد من الإنجازات والمكتسبات لتضع أبناء هذا الوطن الكريم برجالاته وسواعده البناءة في مصاف أكثر الدول تقدما ورفعة.
الجدير بالذكر أن مملكة البحرين تسير وفق خطط استراتيجية مدروسة تمتد للمستقبل بعيد الأمد من خلال "رؤية البحرين 2030" والتي تضع توجهات ورؤى البحرين التنموية للمستقبل وفق خطة محكمة واستنادا إلى العدالة والتنافسية وتحقيق أكبر قدر من التنمية المتوافقة مع ما تشهده البلاد من تجربة ديمقراطية رائدة تعزز من خلالها مناخ الحرية والانفتاح، والتطور والمواطنة وحقوق الإنسان حيث ازداد فيها نطاق التقدم والاصلاحات الى ما وراء حدود التوقع.
ففي مجال التنمية البشرية واصلت المملكة تنمية الإنسان باعتبار المواطن أولوية وطنية قصوى وباعتباره هدف التنمية الأول وغايتها، عبر اعتماد خطط تنموية رائدة تضمنت مشروعات وبرامج هادفة في جميع المجالات (الصحة والتعليم والعمل وغيرها)، وهو ما أكد عليه تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة والذي صنفت فيه المملكة ضمن مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة في دليل التنمية البشرية، الذي يقيس معدل الإنجاز في الأبعاد الأساسية للتنمية البشرية والمتمثلة بالمستوى المعيشي اللائق والمعرفة والحياة المديدة.
وأبرز التقرير التطور التنموي الكبير الذي شهدته المملكة في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ووفقا للمؤشرات فقد ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي وانخفضت معدلات الفقر إلى أدنى مستوياتها، كما انخفض معدل البطالة بين الشباب إلى نسب هي الأدنى في العالم، فيما ارتفع معدل محو الامية (المعرفة بالقراءة والكتابة) للبالغين من الجنسين.
وارتفعت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي، وتحسن المستوى الصحي، وشهدت الدولة إنجازات كبيرة في مجال الإسكان الذي يقع في مقدمة خطط الأعمال والبرامج التنموية وذلك لأنه يمثل ملفا حيويا ورئيسيا ضمن مساعي البحرين لتوفير سبل الاستقرار والأمن الاجتماعي للمواطن، واقتربت من تحقيق مشروع جلالة الملك الطموح ببناء 40 ألف وحدة سكنية تغطي الحاجات الإسكانية للمواطنين.
وقد نالت المملكة ثناء دوليا على جهودها وتبوأت المراكز الاولى عالميا في الحريات الاقتصادية وجذب الاستثمارات بحسب مؤشرات وتصنيفات الوكالات والهيئات الاقتصادية العالمية ومنها البنك الدولي ومؤسسة هيرتدج فاونديشن، ففي تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2017: تكافؤ الفرص للجميع الصادر عن البنك الدولي، والذي احتلت فيه المرتبة الثانية عربيا و63 عالميا من بين أكثر من 190 دولة.
كما حازت مملكة البحرين على المرتبة الأولى إقليميا وخليجيا والـ 18 عالميا في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2016 الصادر عن مؤسسة هيريتيج الدولية، بفضل ما تتمتع به من كفاءة تنظيمية، وحرية مالية.
وفي مجال تنمية المرأة تخطت مملكة البحرين مرحلة التمكين للمرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وكسب الحقوق، لتصل إلى مرحلة أكثر تقدما تكون فيها المرأة على قدم المساواة مع الرجل في ميادين العمل لتشكل جزءا أصيلا من اعتبارات التنمية الشاملة، ومحركا للاقتصاد الوطني بناء على عراقة مشاركتها الوطنية ونضج تجربتها وتميز عطائها.
إن الإنجازات الوطنية التي تحققت تحكي عن نفسها ويشهد بها المواطنون والمقيمون على هذه الأرض الطيبة وأقرت بها الدول والمنظمات والتقارير الدولية التي منحت البحرين مكانة عالمية ومنحت قادتها العديد من الجوائز تقديرا لإسهاماتهم في خدمة الوطن والأمة والإنسانية جميعا.
إن ما حققته البحرين على الصعيدين الداخلي والخارجي يعد بمثابة رسالة تؤكد أن المملكة تمضي بخطى ثابتة نحو التقدم والنهضة، وذلك وفق استراتيجية واضحة يقودها باقتدار جلالة الملك المفدى وبسواعد أبنائها الكرام.
التعليقات