السيسى يكلف الجيش باستعادة الأمن ومواجهة الإرهاب فى سيناء خلال 3 أشهر

ألقى الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي اليوم كلمة بمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف.  وفيما يلي نصها: "بسم الله الرحمن الرحيم اسمحوا لى في البداية أن أدعوكم للوقوف دقيقة حدادًا على أرواح شهداء الوطن الطاهرة. فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف السادة الدعاة الأجلاء شعب مصر العظيم. تأتى ذكرى مولد نبيّ الرحمةِ هذا العام.. بعد أيامٍ قليلة من حادثٍ أليم أوجع قلوبنا وأصاب العالم كله بالصدمة.. حادثٌ إرهابيٌ جبان.. استهدف أبرياءً مُصلّين داخل أحد بيوت الله.. حادثٌ اقترفته أيدى مجرمين.. تجردوا من أدنى معاني الإنسانية.. ومن أي صفاتٍ للرحمة.. من التي نادى بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة. وإننا إذ نُحيى معًا الذكرى العطرة لنبينا العظيم، وندعو المولى عز وجل أن يعيد هذه المناسبة على الشعب المصري، والأمتين العربية والإسلامية، بالخير واليمن والبركات، نتسائل في الوقت ذاته كيف لمن يدعون اتباعهم لنهج الرسول الكريم.. أن يقترفوا مثل هذه الجرائم البشعة؟... كيف لمن يدعون انتماءهم لدين الإسلام الذى يحث على التراحم ونشر التسامح.. أن ينشروا الفساد في الأرض؟.. بأي منطقٍ إنسانيّ يحلل البعض لأنفسهم قتل الأطفال والشيوخ والأبرياء وحرمانهم من حقهم في الحياة؟ الإخوة والأخوات إن مصر تواجه خلال الأعوام الماضية حربًا مكتملة الأركان.. تسعى إلى هدم الدولة واستنزاف جهودها للحيلولة دون استقرار هذا الوطن وازدهاره، حربٌ تقودها فئة تتوهم أن الشعب المصرى سيتوقف عن المُضيّ في مسيرة البناء والتنمية.. وتدعم تلك الفئة الباغية قوى خارجية تمدها بالسلاح والأموال والعناصر الإرهابية.. سعيًا من تلك القوى لفرض هيمنتها على المنطقة وإثناء مصر عن القيام بدورها الإقليمي.. الذي لا يهدف سوي لترسيخ الأمن والاستقرار وتسوية ما يشهده الشرق الأوسط من أزمات.. وبهدف أساسي وهو إنهاء المعاناة الإنسانية التي أنهكت شعوب المنطقة.. وإفساح المجال لتحقيق تنمية حقيقية.. اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا.  وأود أن أشير إلى أن الحاضرين هنا اليوم هم كتائب النور التي وجب عليها إزاحة الظلام، إن العمليات الإرهابية التي تتعرض لها مصر تهدف إلى عرقلة جهود التنمية واستنزاف الاقتصاد، ويثبت ذلك أية محاكاة للاقتصاد المصري إذا لم يتعرض لعمليات إرهابية خلال الخمسين عامًا الماضية، إن الأفكار الهدامة لا تبني الأمم أو الشعوب أو الحضارات، ويعكس ذلك عجز الدول التي تتعرض للإرهاب والتطرف عن تحقيق تنمية وتقدم حقيقيين في مناطق متفرقة في العالم، إن إعادة إعمار سوريا وحدها على سبيل المثال يتطلب 250 مليار دولار.  إن تحقيق الأمن والاستقرار هو مسئولية المجتمع بأكلمه وليس الشرطة والقوات المسلحة فقط. الأفكار الهدامة لن تسود ولكن تعرقل تقدم الأمم، لا نهدف إلى الإساءة للدين، ولكن التشويه الحقيقي حدث نتيجة الأفكار المتطرفة والإرهاب، حيث تأثرت صورة المسلمين سلبًا نتيجة تلك الأفكار. كان لزامًا على الدولة المصرية ومؤسساتها.. أن تتحرك على عدة محاور في آنٍ واحد لتواجه تلك المخططات بكل حزم وقوة، فعلى الصعيد الأمني.. تحرص الدولة على التصدى لكل من تسوّل له نفسه أن يهدد أمنها واستقرارها.. تتخذ ما يلزم من إجراءات للدفاع عن نفسها.. تطور قواتها المسلحة.. تحمي حدودها.. وتثأر لأبنائها.. وأؤكد هنا مرة أخرى.. أن دماء شهدائنا لن تذهب سُدى.. واسمحوا لي أن انتهز هذه الفرصة لتكليف السيد الفريق/ محمد فريد حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة بمسئولية استعادة الأمن والاستقرار في سيناء خلال ثلاثة أشهر بالتعاون مع وزارة الداخلية، على أن تُستخدم كل القوة الغاشمة... وأوكد أن رجال القوات المسلحة والشرطة عازمون على مواصلة الحرب على الإرهاب حتي اقتلاعه من جذوره وواثقون في أن الله سينصرنا بإذنه تعالي. وعلى الجانب الآخر، وإدراكًا من الدولة أن تحقيق تقدم ملموس على صعيد التنمية الاقتصادية يعد أحد المحاور الهامة التي تقضى على البيئة الخصبة لنمو التطرف والارهاب والمساعدة في مكافحته، لذلك فقد سعت الحكومة إلى تحقيق نهضة حقيقية، فتبنت خطة لإصلاح المشكلات التي طالما عانى منها الاقتصاد المصرى، خطةٌ نهدف من خلالها إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وإنشاء بنية تحتية متطورة تنقل مصر من حالٍ إلى حالٍ أفضل وبحيث تتحقق تنمية مستدامة، تتوفر فيها فرص العمل للشباب، ويتحقق مستوى معيشة كريم للمواطنين، ينعمون فيه بخدمات عامة متميزة، مثل التعليم العصري المتطور والرعاية الصحية اللائقة،إن الجهود التي تبذلها الدولة هي جهود علمية ومخلصة وأمينة ولا تهدف سوى إعادة بناء الدولة وتحقيق الازدهار. إن التراجع الذي حدث على مدار سنوات طويلة يستلزم أيضًا سنوات لإصلاحه، ونبذل أقصي جهد والله يشهد على ذلك حتي يمكن تحقيق ما نتطلع إليه جميعًا،إننا نري بالفعل النتائج التي تتحقق، وهي كثيرة وعظيمة في ظل الظروف التي نعيشها،ورغم محاربة الدولة للإرهاب على مدار السنوات الأربعة الماضية وما يتكلفه ذلك من أعباء مالية، إلا أنه توجد معدلات نمو مرتفعة ونعمل على تحقيق التنمية في شتى القطاعات... وأؤكد لكم أننا عازمون على جعل بئر العبد مدينة يشار إليها بالبنان. السيدات والسادة لا يخفي عليكم أن بناء الإنسان وتنوير العقول وتحصينها من الأفكار الظلامية الهدامة لا يقل أهمية عن المحورين السابق ذكرهما..إن لم يكن الأهم على الإطلاق.. ومن هنا جاءت دعوتي لتجديد الخطاب الديني.. سعيًا لتنقيته من الأفكار المغلوطة التي يستغلها البعض لتضليل أبنائنا واجتذابهم إلى طريق الظلام والتدمير. وأقول لكم بكل صراحة ووضوح.. إن عملية تنوير العقول وتطوير وترسيخ المفاهيم الثقافية والاجتماعية اللازمة لحماية أبنائنا من الأفكار المتطرفة لا يمكن أن تقودها مؤسسة واحدة أو حتي الدولة بمفردها.. بل تتطلب عملًا جماعيًا.. تشترك فيها الدولة بمختلف مؤسساتها مع المجتمع بشتى مكوناته.. مثقفيه وكتابه ونابغيه في جميع القطاعات.. وأنني من هنا.. وفى هذه المناسبة أدعوكم جميعًا إلى التكاتف من أجل بناء الإنسان والفرد.. أدعو كل أم وكل أب أن يحافظوا على أبنائهم من سعي كل غادرٍ لاستغلالهم كوقود للإرهاب والكراهية.. أدعو كل شابة وشاب أن يتسلحوا بالعلم وقيم التعايش وقبول الأخر ليواجهوا بها أرباب الجهل وكارهي الحياة.. وأدعو رجال الدين ومفكريه إلى مزيد من العمل على نشر قيم التسامح والرحمة والاستنارة. أبناء الشعب المصري العظيم في الختام.. وفى هذه المناسبة الطيبة.. دعونا نقتدى بنبى الرحمة المهداة.. الذى بُعِثَ ليتمم مكارم الأخلاق.. لنجعل من هذه الذكرى نورًا يضئ لنا طريقنا.. ويثبت قلوبنا على طريق الحق والخير والبناء.. وكونوا واثقين مثلما أثق.. أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.. وأن مصر ستنتصر، وستعلو رايتها، وستتحقق آمال شعبها في المستقبل القريب... بإذن الله ومشيئته.

أشكركم، وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

التعليقات