موسم الهجرة من لبنان.. المطالب الخليجية بالمغادرة الفورية ضغط سياسي محسوب أم خطوة للتصعيد

أثارت الاستقالة التي أعلنها سعد الحريري رئيس وزراء لبنان قبل أيام من العاصمة السعودية الرياض ردود فعل مختلفة، فهي من جهة القوى الإقليمية المؤيدة للحريري جرس إنذار ضد النفوذ الإيراني الواسع والمتزايد في المنطقة وخاصة في لبنان، وهي من جهة القوى المناهضة للحريري حركة استعراضية وهروب من مشكلات حقيقية تعيشها بلاد الأرز.

وقد تطورت الأمور الخميس بطلب 4 دول خليجية هي السعودية، الكويت، البحرين والإمارات من رعايها مغادرة لبنان وعدم السفر إليه، ما يفتح الباب أمام تصعيد في الأزمة التي يقف حزب الله في طرفها الآخر على أهبة الاستعداد ممسكًا بالسلاح ومستعدًا ليس فقط لقتال سياسي ولكن لاشتباك عسكري إن لزم الأمر.

"ضغط سياسي محسوب ولن تصل الأمور إلى حد التصعيد العسكري في هذا التوقيت"... تلك كانت قراءة محمد العرابي عضو مجلس النواب المصري، لقرار دول السعودية والكويت والإمارات والبحرين مساء اليوم في أوقات متقاربة دعوة رعاياها المتواجدين في لبنان إلى مغادرتها "فورا" بسبب الأوضاع التي تمر بها بيروت حاليا.

وفي تعقيبه، قال العرابي وهو وزير أسبق للخارجية المصرية في تصريحات خاصة  لموقع "بيزنس" إن دعوة دول السعودية والكويت والإمارات لسحب رعاياها فورا من لبنان، هو مجرد "تصعيد وضغط سياسي محسوب"، مضيفا :"لن تصل الأمور إلى حد التصعيد العسكري وشن ضربات جوية ضد حزب الله اللبناني".

وأشار إلى أن هناك "خشية من استهداف رعايا بعض دول الخليج في لبنان، فضلا عن مخاوف أخرى من توجيه ضربات جوية إلى حزب الله في لبنان".

وشدد على أن الأمور "لن تصل لشن حرب ضد حزب الله، بل مجرد تصعيد سياسي، فالمنطقة لا تتحمل الدخول في حروب جديدة".

في الوقت الذي قدم فيه خبير سعودي قراءة مختلفة لمواقف الدول السابقة، قائلا إن :المطروح مهمة قد يقوم بها سلاح الجو السعودي على مواقع حزب الله، دون مشاركة من الأمريكيين والإسرائيليين في أي عمل تنفيذي".

ويضيف مدير مركز دراسات الشرق بإسطنبول، مهنا الحبيل أن "التصعيد السعودي مع لبنان اليوم يتطور بشكل سريع، لا نستطيع أن نحدد طبيعة العمل وهل سيقف على تصعيد سياسي شرس أم عمل عسكري".

وأضاف الحبيل عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر" للتدوينات القصيرة: قد لا يشارك الأمريكيون وتل أبيب في أي عمل تنفيذي، وإنما المطروح مهمة قد يقوم بها سلاح الجو السعودي على مواقع حزب الله". مشيرا إلى أن "الأيام القادمة أو الساعات ستفصح".

وطالبت السعودية رعاياها المتواجدين في لبنان إلى مغادرتها في أقرب فرصة ممكنة، ونصحت المواطنين بعدم السفر إلى لبنان من أي وجهة دولية، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وفور  المطلب السعودي بدقائق، أكد وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، في تغريدة لافتة أن بلاده ستتخذ إجراءات "متصاعدة ومتشددة" ضد لبنان، إلى أن تعود الأمور لنصابها الطبيعي، دون تفاصيل.

وأنضمت الكويت لنفس الدعوة، حيث نقلت وكالة الأنباء الكويتية عن مصدر مسؤول في الخارجية قوله، "إنه نظرا إلى الأوضاع التي تمر بها لبنان وتحسبا لأي تداعيات سلبية لهذه الأوضاع وحرصا منها على أمن وسلامة مواطنيها، فإنها تطلب من كافة المواطنين الكويتيين المتواجدين حاليا في لبنان إلى المغادرة فورا".

كما انضمت إلى القائمة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث طلبت الخارجية الإماراتية في بيان منذ قليل من رعاياها مغادرة لبنان فورا.

وكانت وزارة الخارجية البحرينية طلبت هي الأخرى، من مواطنيها المتواجدين في لبنان مغادرته فورا، مع توخي أقصى درجات الحيطة والحذر.

وتأتي دعوات دول الخليج للمغادرة في أعقاب التوتر المتزايد بين السعودية وإيران على خلفية إطلاق الحوثيون السبت الماضي صاروخا باليستيا  بإتجاه مطار العاصمة السعودية الرياض دون وقوع إصابات، وهو ما دفع التحالف العربي بقيادة السعودية إلى إصدار بيان اعتبر فيه "ضلوع" طهران في تزويد الحوثيين بالصواريخ الباليستية التي استهدفت السعودية "عدوانا عسكريا سافرا ومباشرا".

كما تتصاعد المخاوف من تداعيات الاستقالة التي أعلنها سعد الحريري على لبنان، حيث أعلن الحريري استقالته من منصبه السبت الماضي عبر خطاب متلفز من الرياض، مرجعا قراره إلى "مساعي إيران لخطف لبنان وفرض الوصاية عليه، بعد تمكن حزب الله من فرض أمر واقع بقوة سلاحه".

ومن جهته، قال عبدالسلام موسى المنسق العام لقطاع الإعلام في تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري  لموقع "بيزنس" في اتصال هاتفي من بيروت إن: لبنان دخل في أزمة وطنية كبيرة عبرت عنها استقالة الحريري، وما يشير إليه هذا الأمر من فراغ كبير"، مضيفا : المخاوف تتزايد مع التصعيد الإقليمي في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران، وبين الأخيرة والسعودية.

في إطار التهدئة اعتبر سياسيون لبنانيون أن استقالة الحريري لن تقبل وأنه سيعود إلى لبنان وأنه سيستجيب لضغوط القوى السياسية المؤيدة له، كما ربط بعضهم بين تراجع الحريري عن الاستقالة وبين ابتعاد حزب الله عن النزاعات التي تورط فيها وخاصة في سوريا.

ومهما كان تفسير ما حدث، لكن المؤكد أن موسم "الهجرة" من بيروت قد بدأه سعد الحريري نفسه قبل أن يمتد ليشمل مواطني 4 دول خليجية، لكن لا أحد يعرف إلى أي مدى أو إلى أين ستذهب لبنان بعد استقالة سعد الحريري؟.

التعليقات