في ظل الانفتاح على الآخر، والتواصل العابر للقارات والمخترق للحُجُب، الذي أحدثته الطفرات التكنولوجية في العالم، تقف أسرارنا وخصوصياتنا تقاوم منفردةً هذا الطوفان من الانتهاك والتعرية، الذي تتسبب فيه وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها «الفيسبوك» و«تويتر» و«انستجرام»، وغيرها.
ولم يقف الأمر عند حدود التطفل على الآخر، واقتحام خصوصيته دون سابق استئذانٍ، بل تخطى الأمر حدود الذوق والعادات والتقاليد، حتى وصل إلى درجة الابتذال، فالبعض يعرض نفسه لانتهاكات حرماته بيده، أو يسهل لغيره القيام بهذا الدور، في غيبة من ضمير ووعي بمدى مخاطر هذه الأمور على الفرد والأسرة والمجتمع، فيستغل المرجفون والمتربصون ما يُنشر على صفحات الحسابات الخاصة من صور أو مقاطع فيديو، ليتم إعادة تركيبها بشكل مسيء، فتكون وسيلة في ابتزاز أصحابها، أو ربما تعمد البعض تصوير أشخاص قريبين منه بشكل غير لائق، ونشر تلك الصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن عصابات الابتزاز الإلكتروني التي تنصب شباكها عبر الشبكة العنكبوتية للإيقاع بفريستها، بطرق ملتوية، وإغراءات ممنهجة، حتى إذا نجحت في ذلك لوّحت بسلاح التشهير في وجه الضحية لينساق وراءها ملبياً طلباتها دون أدنى اعتراض أو مقاومة.
هذه السلوكيات المختلة تأتي على بنيان الأسرة فتقوضه، وعلى جسر التواصل بين أفراد المجتمع فتسقطه، ليحل محلهما الخلاف والتناحر، وفي أروقة المحاكم وساحات القضاء قصص متعددة تروي بالحسرة ويلات الإهمال وعدم الحذر عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
كيف تتم هذه الانتهاكات؟ ومن المسؤول عنها في المقام الأول؟ وما موقف القانون ممن يرتكب هذه الحماقات؟ وكيف ينظر التشريع الإسلامي لها؟ كل هذه الأسئلة طرحتها «الخليج» على طاولة النقاش والبحث أمام الخبراء والمتخصصين في القانون وعلم الاجتماع والشريعة الإسلامية، للوقوف على حقيقة هذه الظاهرة التي تنخر المجتمع من داخله، والتعرف على وسائل الحماية من هذه الآفة.
التعليقات