ضرورة «وجودية»

ضرورة «وجودية»

عبدالمحسن سلامة

أثبتت الأحداث التى وقعت فى المنطقة منذ ما يقرب من 15 عاما وحتى الآن أن ثورة 30 يونيو كانت «ضرورة وجودية» للدولة المصرية، وأنها لم تكن مجرد ثورة لتصحيح مسار ثورة 25 يناير فقط، لكنها كانت ضرورة حتمية لإنقاذ الدولة المصرية من الانهيار والتصدع.

لن استطرد فى تفاصيل كثيرة، لكننى فقط سوف أركز على بعض النقاط منها ما نشاهده فى دول أخرى مجاورة دخلت فى النفق المظلم، ولم تخرج منه حتى الآن، مثلما حدث فى ليبيا، واليمن، والسودان، وسوريا، وهى الدول التى وقعت فى «فخ» الفوضى والانقسامات، والحروب الأهلية، ولا تزال حتى الآن تعانى دون أفق للخروج من ذلك «الفخ» اللعين.

كانت بوادر تلك المشكلات قد ظهرت فى مصر عقب 25 يناير، وتفاقمت خلال الثلاث سنوات التالية، ليعيش الشعب المصرى فى مشاهد «عبثية» وغير متخيلة على الاطلاق أقلها الفوضى الأمنية، وانتشار العصابات المسلحة، والسرقات، وتدهورت الأوضاع إلى الأسوأ، حتى تحولت إلى بوادر حرب أهلية، وقتل على «الهوية».

استمرت تلك المشاهد المأساوية وتفاقمت حتى انتفض الشعب المصرى فى 30 يونيو فى ثورة «وجودية» للحفاظ على كيان الدولة وتماسكها قبل فوات الأوان.

أنقذ الشعب المصرى نفسه من «هاوية سحيقة» لا ترحم، ولا ينفع فيها تدخل خارجى للانقاذ، كما نسمع الآن عن تدخلات ومحاولات للانقاذ فى ليبيا، والسودان، وسوريا، واليمن، وكلها محاولات لم «تفض» إلى شيء للأسف الشديد سوى بعض المسكنات، واطلاق وعود فى الهواء، وتسويف وترحيل الحلول إلى أجل غير مسمي، وربما أيضا زادت المشكلات تعقيدا.

حالة مصر مختلفة من حيث الإعداد والتكاليف والأعباء، ولو لم تقم ثورة 30 يونيو لكان البديل هو التقسيم النظرى أو العملى للدولة المصرية، وترعرع الميليشيات الإرهابية المدعومة من أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية، وانزلاق الدولة المصرية إلى مستنقع الانهيار والضياع.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات