صدمة فوز أردوغان.. وبداية تصدع الحركة الكردية

غليان في البيت الكردي هذا ما يرتدد في مدينة ديار بكر عاصمة الكرد جنوب شرق الأناضول بل في أنقرة وإسطنبول إحباط وحزن فجهودهما ضاعت سدي وفوز خصمهم اللدود الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات ليس فقط أنه بات حقيقة لا مفر منها فحسب بل ادي إلى زعزعة الحركة الكردية في البلاد، هذا ما يقوله متابعون عزز ذلك اعلان أحد قياديها البارزين صلاح الدين دميرطاش من محبسه بسجن أدرنة غرب الاناضول انسحابه من السياسة النشطة. 

وبحسب مراقبين تنذر خطوة دميرطاش الذي يعد الاكثر شعبية مقارنة بقيادات كردية أخري وسبق وترأس حزب الشعوب الديمقراطية  بنقاش حول المسار المستقبلي الذي سيتم رسمه قبل الانتخابات المحلية الحاسمة المقرر إجراؤها في مارس العام القادم حيث يفترض أن يستعد لها الناخبون الأكراد للعب دورًا رئيسيًا كما فعلوا في عام 2019 عندما ساعدوا المعارضة في انتزاع المدن الرئيسية ، لا سيما أنقرة وإسطنبول ، من براثن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان. 

وكان دميرطاش قد وجه انتقادات مبطنة لحزب الشعوب الديمقراطية واستراتيجيته الانتخابية، التي شهدت تراجع حصته في هذه الانتخابات إلى 8.8٪ من 11.70٪ في برلمان  2018 ، صحيح اعترف أن الحزب تعرض لضغوط هائلة من قبل السلطة وأجهزتها الأمنية وقبلها  طرد رؤساء البلديات المنتخبين واستبدالهم بمسؤولين حكوميين ، وحبس الآلاف من مسؤولي الحزب والمتعاطفين معه  إلا  إن القيادة بحسب دميرطاش مسؤولة أيضًا عن النتيجة الباهتة بسبب الحملة الانتخابية السيئة واختيار المرشحين البرلمانيين دون دراسة متأنية وعدم مراعاة وجهات نظر قواعد الحزب بعموم الاناضول.  

إعلان ترشحه للرئاسة من محبسه

لكن القنبلة الأكبر هي كشفه أنه عرض  الترشح كمرشح رئاسي للحزب لكن  طلبه قُوبل بالرفض  وقال دميرطاش لمنصة الكترونيه "تم رفض عرضي دون تفسير ما زلت لا أعرف السبب."  

وأضاف أنه لو قدم الشعوب الديمقراطية مرشحًا خاصًا به ، لكان ذلك سيساعد في حشد القاعدة ويحول دون مزاعم أردوغان بأن منافسه زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو يتصرف بالتنسيق مع "الإرهابيين" ومن المحتمل أيضًا أن يزيح عن كاهل كيليتشدار أوغلو هذا الإحراج من الاضطرار إلى السعي للحصول على تأييد حزب يميني متطرف بقيادة " أوميت أوزداغ " المناهض بشدة للاجئين في محاولة لجذب الأصوات القومية في جولة الإعادة ، ليخسر مرة أخرى.  

والأهم من ذلك، أنه كان (حال ترشح) سيعطي نفوذًا حقيقيًا للشعوب الديمقراطية بيد أن المعارضة على وجه الخصوص ستضطر إلى تقديم تنازلات حقيقية من أجل جذب دعم الأكراد في جولة ثانية ، وبالتالي ضمان إقبالهم الكامل.

وتقول الكاتبة "أمبرين زمان": على الرغم من التوقعات السيئة حول مستقبل الديمقراطية في تركيا، لا تزال السياسات الانتخابية مهمة ويظل الأكراد في اللعبة ، ولكن فقط إذا اختار أردوغان اللعب ، وردا علي شيطنة الاخير لـه خلال خطاب النصر الذي ألقاه من شرفة القصر الرئاسي ، مما أدى إلى صيحات "الموت لسلو!"  من الحشود ، وصف دميرطاش أردوغان على تويتر بأنه "ملك عجوز يواصل أكاذيبه وتهديداته وشتائمه من شرفة قصره الفاخر ، وهو مثمل بانتصار مزيف.

ورغم المكانة التي يحتلها دميرطاش بين الاثنية الكردية إلا أن محللين اعتبرو انسحابه من الحياة السياسية النشطة أمرا مفيدا  ففي الواقع قد أطلق يد حزبه للتعامل مع أردوغان قبل انتخابات رئاسة البلدية إنطلاقا من ضرورة "إعادة ضبط السياسة الكردية " لأن إعلان حزب الشعوب الديمقراطية لخيمة واسعة تحظى بقبول جماهيري فشل في تحقيق أي نتائج ، وأصبح دميرتاش "منخرطًا بشكل مفرط" مع المعارضة لم يكن دعم الأكراد للمعارضة نتيجة تعامل حزب الشعوب الديمقراطي معها ولكن بسبب رفضهم لأردوغان.

التعليقات