كثيرون يرون أردوغان زعيم عالمي والتركمان يبغضونه

الزعيم العالمي هذا هو الوصف الذي اطلقه " نعمان كورتولموش " القيادي بــ " حزب العدالة والتنمية الحاكم " في تركيا ، علي رئيسه " رجب طيب أردوغان " ، وبحسب مراقبين فـ " كورتولموش " لم يكن مبالغا وهو " القومي المتأسلم " المفتخر بماضي الاجداد العثمانيين ، فقطاعات عريضة لا يستهان بها في عمق الاناضول ( مخزن الأصوات  التقليدي لأروغان وحزبه  ) تري النعت ذاته علي رئيسهم . وبعد أن أستتب العدالة والتنمية في السلطة ، ومع إعادة إحياء " عظمة السلف"  متمثلا في " الامبراطورية العثمانية " التي لن ينظر لها أبدا بـ " رجل أوروبا المريض " في الكتاب المدرسي الذي جري تنقيحه بالحقبة الاردوغانية وتخليصه من مزاعم العلمانيين المتامرين ، صار مواطنوا اسيا الوسطي ( الامتدادات الاثنية لعوالم الترك ومهم اقاربهم الذين يعيشون علي الارض التركية ) يعتبرون أرودغان باعث ومُفجر " العثمنة الجديدة ".

عزوف  اتاتورك عنهم 

ورغم توجس قادة الدول الاسيوية الست التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي قبل مايزيد علي ثلاثة عقود ، من النزوع الإسلامي لأردوغان  إلا أنهم وجدوا فيه نموذجا متسلطا ، الديمقراطية لديه وسيلة وليست غاية ، فهي رحلة قطار تنتهي بالترجل منه في المحطة الثالية ، وهكذا غضوا الطرف عن ولعه بانشاء المساجد في عواصم بلدانهم مطعمة بمراكز ثقافية دينية وافتتاحها خلال زياراته.  المواطنون ( الترك ) أنفسهم مبهورون بأردوغان عوضا عن اهمال مصطفي كمال اتاتورك لهم فرغم قوميته  لكنه كرس حياته لتأسيس علمانية صارمة علي انقاض " إمبراطورية متداعية بسلاطينها المحنطين " مدشنا جمهوريته الفتية قبل مائة عام في المقابل لم يول اهتاما يذكر بالعالم التركي في وسط اسيا ، وكذا الاقليات ذات الاثنية التركية في تركستان الصينية ( الايغوريين ).   وبرحيله بنهاية ثلاثينات القرن المنصرم ( 1938 ) ، صار اسلافه الكماليين علي النهج نفسه ومعهم بطبيعة الحال المؤسسة العسكرية ، والروساء الذين تناوبو علي القصر الرئاسي آنذاك في " شنكاياي كشك " دائما ما كانوا ينصحون اقربائهم وابناء عمومتهم وامتداداتهم العرقية التأقلم مع المجتمعات التي نشاوا فيها والالتزام التام بانظمتها السياسية .

أردوغان يعيد التواصل 

لكن ومع صعود حزب العدالة والتنمية مستهل الالفية الثالثة ، تغير الأمر فبداية جري بعث الهوية الاسلامية العثمانية للعلن بعدما كان الحديث عنها سرا ومكروه من قبل حماة العلمنة ، وبعد إقصاء هؤلاء عن المشهد ، كان هذا هو الانتصار الأول للأتراك بإحياء التاريخ العثماني (الإسلامي) في عهد أردوغان  ، والذي سيعطيه لاحقا صفة القداسة في دبلوماسيته ، وإخضاع الفن لخدمة هذه الهوية ( عشرات الاعمال الدرامية التي تغنت باساطير السلاطنة والخلفاء ، وإعادة الثقافة إلى طابعها الإسلامي  وتحويل المؤسسات الاتاتوركية ( جيش وقضاء وتعليم ) بتحزيمها بحزام بالعثمنة المغلفة بالنزعة الإسلامية . وبإعادة انتخاب أردوغان سيتم الاسراع في استبدال الطابع العلماني للجمهورية التي لن تعد كمالية بآخر متأسلم أذن الرجل محظوظ من قبل عوالم الترك ( أذرايين وايغوريين وقيزاغاسيين وجورجيون وشركش وأرناؤطيين في البلقان ) الذين هم  في المجمل مغتبطون بانتصاره نكاية في لمعشر كبار اللاعبين الدوليين والإقليميين الذين يتربصون له ويستهدفون تدمير" عالم تركيا "  في هذا السياق نظروا إلي كمال كيلتشدار أوغلو بارتياب كونه بعيدا عنهم كما ان عدائهم له ينطوي علي عنصرية دينية كونه علوي كردي متشبث باهداب  الغرب  وتصريحاته بأنه سيعيد الاتصال بأوروبا والولايات المتحدة ، وانتقاداته المستمرة لروسيا سبب آخر للابتعاد عنه. 

كراهية الغرب ومحاباة الشرق 

المثير في المر أن وصف الايكونوميست البريطانية له بأنه "ديكتاتور" زاد شعبيته في صفوف الترك وبذات الوقت صبوا جم غضبهم علي الغرب الذي يريد إسقاطه  ولكن تلك الحملة الشرشة من القارة العجوز جاءت بنتائج مغايرة  إذ ساعدت على تقوية خطابه وإحياء مشروع الهوية الذي كرس حياته من أجله. ورغم كل ذلك تبق هناك ثغرة في " جسد عرقيات الترك  " الذي يبدو ظاهريا أن كل مكوناته متوافقة ومتناغمة وهذا ليس صحيحا علي إطلاقه ، فالتركمان وهم شريحة لا يستهان بها وهي الاكثر عددا بالبلاد وكتلة تصويتية مهمة لا تنظر بارتياح لاردوغان كونهم اقرب إلي الكرد منهم إلي أي عرق آخر وغالبيتهم لم يصوتوا له ومن المفارقات أن دولة تركمنستان ( الوحيدة من بين جمهوريات اسيا الوسطي ) صوت الاتراك المغتربين المقيمين علي ارااضيها لصالح كيلتشدار أوغلو  فهم يعادون محاربة أردوغان للعلمانية وللطائفة العلوية التي تنتمي شرائح منهم لها.

عوالم الترك بجمهوريات أسيا الوسطي

عوالم الترك بجمهوريات أسيا الوسطي

إمتدادات الامبراطورية العثمانية

إمتدادات الامبراطورية العثمانية

التعليقات