بعد إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالانتخابات الرئاسية التي جرت جولتها الثانية الحاسمة أمس الأول الأحد توقع عدد من المراقبين استمرار التوتر بين أنقرة وبروكسل، ومن غير المرجح أن تشهد عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أي انفراجه على الأقل في المدى المنظور .
وتنتقد المفوضية الأوروبية دائما ما تصفه بـ "الحكم الاستبدادي" المتزايد لأردوغان، مشيرة إلى المخاوف التي سبق وأثارتها مع المسئولين الأتراك بشأن التدهور المستمر للديمقراطية وتراجع سيادة القانون إضافة إلى تدهور الحقوق الأساسية وفقدان القضاء لاستقلاليته، لازالت كما هي ولم تعالجها انقرة بل تتفاقم.
كما دعا الاتحاد الأوروبي مرارًا السلطات التركية إلى احترام أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والإفراج عن الناشط عثمان كافالا، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة في عام 2022، لمشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة نهاية مايو قبل عشر سنوات بحديقة "جيزي بارك" بميدان تقسيم الشهير وسط إسطنبول والتي تم تصويرها من قبل نظام أردوغان على أنها محاولة انقلاب على حزب العدالة والتنمية الحاكم مما سمح له باتهام كافالا بالمشاركة في محاولة انقلابية.
70% من السكان ما زالوا يريدون العضوية
ومع ذلك، لا يزال الاتحاد الأوروبي شريكًا استراتيجيًا مهمًا لتركيا، والذي غالبا ما يروج لأهمية اتفاقية عام 2015 التي تحافظ على النازحين السوريين داخل الاناضول، بدلاً من السماح لهم بالمرور إلى بلدانه ويعيش الآن حوالي 3.5 مليون سوري على الاراضي التركية وبسبب ذلك تلقت أنقرة مدفوعات وتعهدات بمساعدات مالية وصلت إلى ما يقرب من 9 مليارات يورو.
ورغم ذلك اعتبرت اتفاقية هشة بيد أن اردوغان هدد بعدم الالتزام بها ما دامت القارة العجوز لم توف بتعهداتها و في عام 2020 ، فتح أردوغان لفترة وجيزة حدود بلاده مع اليونان بالقرب من أدرنة غربا من أجل استخدام النازحين السوريين كرافعة سياسية.
وحول إحياء محادثات الانضمام التي تم تعليقها وليس قطعها اعتبارا من عام 2018 قالت أماندا بول، كبيرة المحللين في مركز السياسة الأوروبية في بروكسل: "لن أقول أنها ( المحادثات ) ماتت ، بل أود القول إنها في غيبوبة" ثم استطردت قائلة " إنه مع وجود أردوغان في السلطة ، هناك احتمال ضئيل بحدوث تغيير "إنها علاقة غريبة تدهورت بمرور الوقت" وبصراحة " لا أتوقع أي تغيير إيجابي هناك اهتمام ضئيل في الوقت الحالي بالتعامل مع تركيا ذات النزعة القومية المتزايدة" ومع ذلك ، أضافت: "عضوية الاتحاد الأوروبي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة بين الأتراك. حوالي 70٪ من السكان ما زالوا يريدون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي".
وهكذا يبدو إحياء محادثات العضوية احتمالًا بعيدًا لأنه سيتطلب معجزة إعادة أردوغان للضوابط والتوازنات وسيادة القانون والمعايير الديمقراطية ورغم ذلك فإن الآفاق الاقتصادية المتدهورة لتركيا ، والتي تتميز بأزمة عملات أجنبية مقلقة ، تتطلب شراكة مستمرة مع الاتحاد الأوروبي لقد توقف تدفق استثمارات المحافظ الأجنبية إلى تركيا تقريبًا وسط سياسات أردوغان الاقتصادية المثيرة للجدل ، مع وجود الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي في عمق المنطقة السلبية في هذا السياق قد تدفع براجماتية أردوغان أن تستغل تركيا أفضل ما في موقعها داخل الناتو وكذا الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
التعليقات