ضربة كبيرة للديمقراطية وسقوط البلاد في حفرة مظلمة عميقة

ساعات ويعلن الفائز في أصعب انتخابات رئاسية غير مسبوقة جرت بتاريخ الجمهورية التركية ذات المائة عام ، وخلال الأسابيع الماضية الاحاديث لا تتوقف وتتمحور في ثنائية تعكس حدة الاستقطاب الذي يعم الشارع ووصفت من قبل باحثين ومعلقين بالمروعة كونها تصور الحاصل علي أنه صراع بين الحرية والديكتاتورية ، بين الانتعاش والدمار الاقتصادي.  ورغم أن منظمي استطلاعات الرأي المحترمين بحسب تعبير الكاتبة " أمبرين زمان " يؤكدون علي أن مرشح المعارضة الرئيسي للرئاسة ، كمال كيلتشدار أوغلو  يتقدم على أردوغان بما يصل إلى خمس نقاط مئوية،  وهذا هامش واسع بما يكفي لمنع الأخير من رفض التنازل أو اللجوء إلى الاحتيال ، لكن ليس هناك شيء مضمون. وهذا المشهد وأن حدث فسوف يؤشر علي عنف بدات بوادره فعلا خلال الهجوم علي مؤتمرات المعارضة في الأسبوعين الماضيين وقيل أن كيلتشدار أوغلو وهذا استنادا لـ " مبرين زمان " في مؤتمر انتخابي بمدينة سامسون شمال الاناضول كان يرتدي سترة ضد الرصاص خشية اغتياله  زاد علي ذلك يُشاع أن هناك ميليشيات مدنية تشكلت لهذه اللحظة .

الأسوأ والأكثر استبدادا مقارنة بفترات الانقلابات العسكرية

لكن أردوغان لا شك أنه محظوظ فلديه ميديا قوية قادرة علي تفنيد هذه المزاعم جملة وتفصيلا وتصويرها علي أنها من اختراعات معارضة مهزومة لا وجود لها بين الجماهير يضاف إلي ذلك منصات إعلامية مواليه له بالخارج تقوم بنفس الدور وفي هذا السياق لم يكن غريبا علي موقع  " الميدل إيست أي " البريطاني المتأسلم الهوي قولا وفعلا أن يدافع رئيس تحريره " ديفيد هيرسيت " عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومنتقدا بشدة " الإيكونوميست " لإساءتها لنظام حكم رئاسي يقوده رجل قوي في بلد ما زال يمكن أن تنظم فيه الانتخابات الحرة ، لكنه لم يشر إلي استفتاء 2017 ــ المثير للجدل من فرط الخروقات التي شابته ــ الذي بموجبه الغت تركيا النظام البرلماني وكان هذا ايذانا بجعل حكومة أردوغان المفترض أنها منتخبة ديمقراطيا لتصبح الأسوأ والاكثر استبداد مقارنة بفترات الانقلابات العسكرية . ويمض هيرست ساخرا من ديرشبيجل، المثل الأعلى لليبرالية الديموقراطية الاجتماعية في ألمانيا لتصويرها  أردوغان جالساً على عرش متصدع ومن ورائه الهلال رمز الإسلام، وقد تهشم وتكتب: “في السنة المائة على وجودها، تقف الجمهورية التركية على مفترق طرق إذا ما تأكد فوز أردوغان بالرئاسة للمرة الثانية، فإن المراقبين يخشون من أنه قد يحول البلد إلى دكتاتورية، وقد يصبح حاكماً لها مدى الحياة، ويلغي الانتخابات" 

تهيئة صهره لخلافته 

لكن اللافت هو تجاهل هيرست التعليق  علي ما يقوله هؤلاء .. فهل هو من قبيل الافتراءات ؟ أم أنه لا يجد من الاسانيد ما يدحضها ؟ وربما تنامي إلي علمه عزم أردوغان في حال استمر علي سدة السلطة التقدم  إلي البرلمان بمشروع قانون يلغي فيه شرط التصويت بنسبة 50٪ + 1 في الانتخابات الرئاسية ، وهو ما يعني عمليا عدم اللجوء لجولة ثانيه فمن حصل علي اعلي اصوات يكون رئيسا ايا كانت النسبة المهم أنها الاعلي والمحصله أن يكون هناك رئيس مؤيد من قبل 30 % فقط ليحكم الـ 70 % الاخرين ولعل هذا هو السبب في أنه يهيئ صهره الأصغر  سلجوق بايراكتار ، العقل المدبر وراء طائرات تركيا القتالية الأسطورية ، لخلافته.  أذن انتصار أردوغان سيوجه ضربة كبيرة للديمقراطية التي هي هشة ما يغرق البلاد في حفرة مظلمة عميقة   فالاقتصاد في حالة من الفوضى بالفعل ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى هوس أردوغان بالحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة وصهره الأكبر، وزير الاقتصاد  الاسبق بيرات البيرق ، الذي استنزف احتياطيات البلاد للحفاظ على الليرة ثابتة، وجعلت زلازل فبراير المدمرة الأمور أسوأ بكثير والعملة المحلية تواصل تقهقرها أمام الدولار   .  وعلي صعيد الخارج يقولون إذا أعيد انتخاب أردوغان ، فمن شبه المؤكد أنه سيكون أقل تصالحية من كيلتشدار أوغلو بعد أن أمضى الكثير من حياته السياسية في استخدام القوى الغربية للاستهلاك السياسي المحلي وكان كيلتشدار أوغلو تعهد بنفض الغبار الذي شاب علاقات بلاده بالغرب ، ومع ذلك ، فإن تكتيك أردوغان في السنوات الأخيرة المتمثل في إثارة الشراكات الدفاعية مع موسكو على أمل الحصول على تنازلات من واشنطن لم ينجح ، ومن المرجح أن يحتاج إلى دعم الولايات المتحدة للتغلب على الأزمة الاقتصادية الحالية ، حسبما قال سنان توهوم ، الزميل البارز في شؤون تركيا. في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن لموقع المونيتور وأضاف  "بعد الانتخابات ، ستكون هناك بعض الحقائق الاقتصادية الصعبة للغاية وستحتاج تركيا إلى دعم الولايات المتحدة إذا كانت ستطرق أبواب صندوق النقد الدولي "  قد يكون ذلك في وضع أفضل لإدارة بايدن للضغط علي أردوغان لوقف حملاته القمعية ضد خصومه والصحفيين ونهج  سياسة خارجية أقل عدوانية في أنقرة. 

التعليقات