أردوغان المستحوذ الأكبر على الطرق والميديا.. والمعارضة تأخذ الفتات

نعم الجميع موجودون في الشارع التركي، مرشحوا الرئاسة الأربعة وكذا النواب كل في مدينته، ولأن الاستحقاق الرئاسي المصيري يتصدر اهتمامات الداخل والخارج، ولأن المعركة شرسة فيها تستخدم كل الأدوات سواء شرعية أم تلك التي تصنف بأنها ممارسات خارج نطاق القانون، والدعاية هنا هي لب الحملات الانتخابية، وبطبيعة الحال يصبح التساؤل المنطقي: كيف تدار وهل المتنافسون فيها متساويون، يتلقون ذات المساحة في كافة الوسائل كملصقات والجداريات والإشارات والبرامج المطبوعة وأيضا بالنسبة لوسائل الإعلام مرئية ومقروءة ومسموعة، هل المرشحون يتمتعون بحريات متكافئة في مخاطبة أنصارهم؟ 

شعار "الرجل المستقيم في الزمن الصح"

الإجابة، وبحسب المشهد المعيش، تقول إن اللا تكافؤ هو العنوان الأبرز، فهناك طرف يتسيد وآخر يظهر وكأنه كومبارس.. بداية الرصد ستنطلق من دعاية الطرقات خصوصا الساكنة في قلب المدن، تتصدرها الميادين ومنها تتفرع شوارع، وليس هي كمثل الشوارع الجانبية وجادات هامة وأخري متوارية، ولأن هذه وتلك تقع في نطاق مسئولية الولاة (أي المحافظون) بالأساس وهم جميعهم معينون من قبل رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ويمكن للمراقب أن يلحظ بوضوح الحظوظ الممنوحة للاخير، فهو دون غيره يتصدر الأركان والزوايا المختارة بعناية فائقة بيد أن الأعين لا يمكن أن تخطئها، صورته الهائلة المزيلة بشعار "الرجل المستقيم في الزمن الصح"، دائما بمرمى البصر بمنتصف الميدان فهو البطل بجدارياته التي لا تعد ولا تحصى.

أما المنافس الرئيسي كمال كيلتشدار أوغلو فمساحاته صغيرة لا تقارن والأمر لا يقتصر على مدينة بعينها بل كل المدن ورغم أن هناك سبعة منها بلدياتها يترأسها أعضاء بحزب الشعب الجمهوري الذي يقود تحالف الأمة المعارض ومع هذا فنصيب الأخير يتوارى أمام طوفان صور أردوغان وحزبه.

بأموال دافعي الضرائب تمول دعاية الحزب الحاكم

وبالذهاب إلى وسائل الإعلام بوسائلها المختلفة فالمتابع لن يجد فروق بل العكس فالانحياز للرئيس فاضح وهو أمر ليس بالجديد خصوصا في الاستحقاقات التي بدأت بعد العام 2007 إذ  تمكن حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان من بسط نفوذه علي كافة وسائل الإعلام من صحافة وشبكات تليفزيونية، ومع كل استحقاق تكثر الشكاوي ومع هذا لا يتم الاستجابة لصرخات المعارضين من انفراد الحزب الحاكم بزعيمه ومرشحيه بالميديا بما فيها تلك المملوكة للدولة والممولة من أموال دافعي الضرائب، والتي هي وفق القانون ملك للجميع الانتقادات لا تقتصر علي الداخل بل الخارج.

أيضا فمراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أشاروا في بيان عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة في 2018 إلى ظروف الحملات غير المتكافئة وكيف أن أردوغان وحزبه تمتعا بـ "ميزة غير مستحقة، بما في ذلك التغطية المفرطة من قبل وسائل الإعلام العامة والخاصة أيضا سُمح لأردوغان ووزرائه بتسخير موارد الدولة خلال الحملة الانتخابية بينما "غضت سلطات الانتخابات الطرف عن مخالفات شابت عمليات التصريت"

ومع الاستحقاقين الرئاسي والبرلماني المقرر لهما الرابع عشر من مايو الجاري السيناريو نفسه يتكرر وبفجاجة فها هي "تي آر تي" تضرب بعرض الحائط اللوائح المنظمة للدعايات ومبدأ الحيادية والوقوف علي مسافة واحدة مع كل المتنافسين، وواصلت إنحيازها المفرط لأردوغان وحزبه.

وفي مثال صارخ بثت الشبكة الأكثر تأثيرا فيلما وثائقيا بعنوان "100 عام على الطريق إلى التنمية" وتمحور حول مشاريع وإنجازات أردوغان ولم تكتف بذلك بل راحت تكيل الثناء لصاحب النهضة في التعليم والصناعات المدنية والعسكرية وأول طائرة مقاتلة وأكبر مطار في العالم ومحطة الطاقة النووية إلى أخره".

كمال كليجدار أوغلو: مرشح المعارضة لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية  التركية - BBC News عربي

أمتنا تنتظر الإجابات على أسئلة من قام بإعداد وثائقيات أردوغان؟ 

في المقابل هناك ظلمًا خطيرًا من حيث الوقت المخصص لمرشحي الرئاسة والأحزاب السياسية على البث المباشر، يبدو أن TRT، التي يمولها 85 مليونًا هم الشعب، تسعى وراء طرق جديدة لبث المزيد من الدعاية الحكومية أمتنا تنتظر الإجابات على أسئلة من قام بإعداد الأفلام الوثائقية وكيف تم توفير التمويل أصبح برنامج "بيرم سبيشال" الذي تبثه قناة "تي آر تي"، والذي لم يبث الفيلم الإعلاني لزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو، المادة الانتخابية للحكومة، وتم بث "صلاة العيد" التي حضرها أردوغان على الهواء مباشرة.

والآن المراقبون الدوليون يؤكدون علي أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة ستجرى في "بيئة انتخابية صعبة "، وهناك العديد من القضايا التي تثير قلقا  بالغا في مقدمتها تراجع الديمقراطية وحصار الإعلام المستقل  كما أن بعض مسؤولي التيارات السياسية أعربوا عن مخاوف أمنية قبل الانتخابات.

كذلك سياسيون مناوئون للقصر الرئاسي أبدو غضبهم من الاضطرابات في الإنترنت والقيود المفروضة على صفحاتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، وذكروا أن هذا الموقف يعني خطرًا محتملاً ليوم الانتخابات وإجمالا أشار مراقبو الانتخابات إلى أن أحزاب المعارضة قلقة للغاية من أن العملية الانتخابية لن تتم في ظل ظروف عادلة، بسبب الموارد المالية والتغطية الإعلامية وكلاهما يصبان في صالح اردوغان وتحالفه.

التعليقات