أحمد مصطفى: خفافيش الظلام لن تنجح في الإيقاع بين مصر والسعودية

أكد الدكتور أحمد مصطفى، أستاذ إدارة الأعمال والمُحلل الإستراتيجي للشئون السياسية والإقتصادية عُمق العلاقات (المصرية - السعودية)، وأنهُ لن تفلح كُل المُحاولات البائسة من خفافيش الظلام من النيل منها أو فقط المُحاولة للوقيعة بينهُما فهُما قُطبي النظام الإقليمي العربي، والذين يقع عليهما العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي، والوصول إلى الأهداف المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من "المحيط الأطلسي" إلى "الخليج العربي".

وأضاف مُصطفى، في تصريحات خاصة ل"بزنس ميدل إيست"، أن القاهرة و الرياض أكبر حليفين على مدار التاريخ، ويسعيان دائماً و بشكل سريع لإنهاء أي إختلافات في وجهات النظر، لتكوين مستقبل مشرق وواضح يحقق العمل على ما يجمع الأمة العربية ويُحقق مصالحها دون النظر إلى تلك الإختلافات، عملاً بمبدأ أن "لكل دولة الحق والرأي في ما تعتقد أنه يحقق مصالحها"، وقد مثّلت الأزمات الكبرى اختباراً قوياً لمتانة العلاقات المشتركة، والتي بيميل الجانبان إلى تعميقها من خلال زيادة وتيرة التعاون والتنسيق في ما بينهُما، وهو الأمر الذي ثبتت فاعليته في مناسبات متعددة أبرزها حرب أكتوبر 1973، و التي لعب فيها سلاح النفط السعودي دوراً سياسياً مهماً لصالح مصر في معركتها ضد إسرائيل، كما أنهُما يمتلكان من القدرات التي تُمكنهُما من إحداث الفارق علي الصعيد العالمي وذلك في ظل ما يشهدُه العالم من إعادة ترتيب في ظل الأزمات والصراعات المُتلاحقة فالرياض يمكنها التأثير على أسعار النفط العالمية ، والقاهرة معها مفاتيح قناة السويس.

وتابع مُصطفى، أنه لا غنى للعرب عن مصر - ولا غنى لمصر عن العرب" كما قال الملك عبدالعزيز آل سعود، فمنذٌ عام 1902 أدرك الملك عبد العزيز آل سعود الأهمية الاستراتيجية للعلاقات المصرية - السعودية، ومنذُ أن بدأ الملك عبد العزيز بناء الدولة السعودية الحديثة حرص على إيجاد علاقة قوية مع مصر ، وفي عام 1926 عُقدت معاهدة صداقة بين البلدين، ثم وقعت اتفاقية التعمير بالرياض عام 1939، وقامت مصر بموجبها بإنجاز بعض المشروعات العمرانية في السعودية، كما كان لمصر والسعودية دور كبير في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، وأعطت زيارة الملك عبد العزيز إلى مصر دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، وفي عام 1945، وافق الملك عبد العزيز على "برتوكول الإسكندرية"، وهو اتفاق قادة ست دول على إنشاء منظمة تربط العرب بعضهم ببعض، وتم إعلان السعودية لانضمامها لجامعة الدول العربية.ثُم في عام 1955، وقّعت مصر والسعودية اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين، وقد ترأس وفد السعودية في توقيعها الملك فيصل بن عبد العزيز، وأيّدت السعودية في العام نفسه مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية، ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية.عام 1956، كذلك أثناء العدوان الثلاثي على مصر، وقفت السعودية بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، منها دعم القاهرة بحوالي 100 مليون دولار، كما أعلنت السعودية إعادة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر، وقامت باستضافة الطائرات المصرية في شمال غربي السعودية، وتمكينها من النجاة من الغارات الجوية المكثفة التي تعرضت لها الطائرات المصرية، وقامت السعودية بوضع مقاتلات نفاثة من طراز "فامبير" تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية تحت تصرف القيادة المصرية، وقد شارك هذا السرب في الحرب بل وشارك في تلك الحرب الملك فهد، والملك سلمان، مع عدد من أشقائهما.

وأكمل، أنه في عام 1967، عقب العدوان الإسرائيلي على مصر وسوريا والأردن توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المُعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود، واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، حيث ساهمت السعودية في كثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب، وأعلن الملك فيصل بن عبد العزيز وقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وهولندا لمساندتهما إسرائيل في الحرب ضد مصر.كما شاركت السعودية في حرب يوم الغفران في رمضان بالعام نفسه، وفي عام 1991 في حرب الخليج اتحدت القوتان الإقليميتان، مصر والسعودية، وكانا من أهم العوامل التي ساهمت في تكوين التحالف الدولي، الذي ساهم في إخراج القوات العراقية من الكويت وعودة السيادة الكويتية على كامل أراضيها.

كما أضاف مُصطفى أن العلاقات بين الدولتين وصلت لأشُدها بعد تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكانت السعودية من أوائل المهنئين، وفي برقية للملك عبد الله بن عبد العزيز أشار إلى أنه "يوم تاريخي، ومرحلة جديدة من مسيرة مصر الإسلام والعروبة، لمواجهة مرحلة استثنائية من تاريخ مصر الحديث"، وأوضح الملك عبد الله أن "المساس بأمن مصر هو مساس بالسعودية". كما دعا إلى عقد مؤتمر لـ"أشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية". وشارك الملك سلمان حينما كان ولي العهد في حفل تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيساً لجمهورية مصر العربية،وفي عام 2015 أعلنت مصر دعمها السياسي للعمليات العسكرية التي تُجريها مع دول الخليج العربي بقيادة السعودية في اليمن ضد جماعة الحوثيين المُوالية لإيران، وأعقب ذلك زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، ووقع عدة اتفاقيات تجارية وحدودية مهمة مع الحكومة المصرية، إضافة إلى التوقيع على إنشاء التجمعات السكنية ضمن برنامج الملك سلمان لتنمية شبه جزيرة سيناء وإنشاء جسر يربط بين البلدين عبر سيناء، وفي عام 2020 تأسست جامعة الملك سلمان الدولية، وتعد ضمن برنامج الملك سلمان لتنمية شبه جزيرة سيناء، وتضم هذه الجامعة 16 كلية، و56 برنامجاً في 3 فروع بمدن الطور ورأس سدر وشرم الشيخ، وتوصف بأنها واحدة من جامعات الجيل الرابع الذكية، وتهدف إلى تقديم تجربة جامعية فريدة من نوعها يمتزج فيها التعلم باستخدام أحدث التقنيات والخبرة التطبيقية والمعارف النظرية وخدمة المجتمع وتنمية البيئة، وفي العامين الأخيرين ارتقت العلاقات الثنائية بين السعودية ومصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودي - المصري، وإبرام حكومتي البلدين نحو 70 اتفاقية وبروتوكولاً ومذكرة تفاهم بين مؤسساتهما الحكومية.لذا تبقى العلاقات السعودية - المصرية ثابتة وصامدة، ضد كُل من يُحاول أن يوقع بينهُما بل وحصّنت نفسها من أي خلافات قد تشوبها أو تعترضها مستقبلاً لأنهُما يُدركان أنهُما الحصن المنيع للاُمة العربية.

التعليقات