من دبي.. برنامج الأغذية العالمي يدعو لتدابير عاجلة لمواجهة الجوع حول العالم

قالت معالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة إن الأزمات والتحديات التي يواجهها عالمنا اليوم تضع صحة وحياة ملايين البشر على المحك دون تفرقة بين دول متقدمة أو فقيرة وأضافت أن ما نشهده من تفاقم متسارع لتداعيات التغير المناخي والنزاعات والاضطرابات في العديد من المناطق والذي أثر مباشرة على توافر الغذاء ومرونة واستمرارية سلاسل التوريد هدد الجميع بالوقوع تحت تأثير انعدام الأمن الغذائي.

جاء ذلك في لقاء إعلامي أقامته وزارة التغير المناخي والبيئة و برنامج الأغذية العالمي في فندق الريتزكارلتون في دبي تزامنا مع يوم الغذاء العالمي الذي يصادف 16 أكتوبر من كل عام .

و أكدت معاليها أن هذه الحالة تستدعي من الجميع التكاتف والتعاون وتسريع وتيرة الجهود لضمان تعزيز الأمن الغذائي و توافر الغذاء عبر مبادرات وبرامج تراعي في الوقت نفسه متطلبات العمل البيئي والمناخي .. مشيرة إلى أن دولة الإمارات على المستوى المحلي اعتمدت استراتيجية وطنية للأمن الغذائي تعمل على تنفيذها بشكل يضمن تعزيز أمنها الغذائي محليا وعالميا بالإضافة إلى دورها في مساعدة العديد من الدول لمواجهة انعدام الغذاء مشيرة إلى إطلاقها مبادرة الأبتكار الزراعي للمناخ بالتعاون مع الولايات المتحدة والتي تستهدف تحفيز استثمارات بقيمة 8 مليارات دولار عالميا في مجالات الزراعة والغذاء المعتمد على التقنيات الحديثة والنظم المستدام.

من جانبه قال ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: “ نواجه أزمة غذاء عالمية غير مسبوقة وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية تكرر وصول معدلات الجوع إلى ذروات جديدة “ .. وأشار إلى أن يمكن للأمور أن تزداد سوءاً ما لم يكن هناك جهد واسع النطاق ومنسق لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة وأضاف : ” لا يمكننا أن نشهد عاماً آخر من وصول الجوع لمستويات قياسية بعدما خلفت أزمة الغذاء العالمية مجموعة من التحديات الناجمة عن الصدمات المناخية والنزاعات والضغوط الاقتصادية ما أدى إلى ارتفاع عدد الجياع في جميع أنحاء العالم من 282 إلى 345 مليون شخص في الأشهر الأولى فقط من عام 2022 وقد وسع برنامج الأغذية العالمي من نطاق أهداف المساعدات الغذائية لتصل إلى رقم قياسي بلغ 153 مليون شخص في هذا العام .. وفي منتصف العام قدمنا بالفعل مساعدات لـ 111,2 مليون شخص".

و حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن العالم يواجه خطر خوض عام آخر من وصول الجوع لمستويات قياسية مع استمرار أزمة الغذاء العالمية في دفع المزيد من الناس إلى مستويات متدهورة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.. و دعا العالم إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة التي نعيشها اليوم. ويتعاون برنامج الأغذية العالمي مع الشركاء في مجال العمل الإنساني لتجنب المجاعة في خمسة بلدان هي أفغانستان، وإثيوبيا، والصومال، وجنوب السودان، واليمن..وغالباً ما تكون النزاعات هي العامل الرئيسي لتعرض الفئات الأشد ضعفاً إلى المعاناة من الجوع الكارثي إلى جانب انقطاع الاتصالات وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية والنزوح .

ونوه إلى أن الأزمة في أوكرانيا أدت إلى تعطيل التجارة العالمية ما أسفر عن ارتفاع تكاليف النقل، والمهلة الزمنية اللازمة للنقل وجعلت المزارعين يفتقرون إلى المدخلات الزراعية التي يحتاجون إليها وهو ما سينعكس بصورة غير مباشة على المحاصيل في الفترة القادمة في جميع أنحاء العالم.

وتتزايد الصدمات المناخية من حيث تواترها وشدتها ما يحول دون منح المتضررين وقتا للتعافي فيما بين الكوارث لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تُعد من أكثر المناطق تأثراً بأزمة المناخ، لكثرة تعرضها للتحديات والتبدلات المناخية مثل موجات الحرارة الطويلة والجفاف، وحرائق الغابات والفيضانات، وعدم انتظام هطول الأمطار والانهيارات الأرضية.. فضلاً عن ذلك تشهد المنطقة ارتفاعاً في درجات الحرارة يبلغ ضعف المتوسط العالمي ما يؤدي إلى تفاقم الضغط على موارد النظم الغذائية لتؤثر على نحو 40 مليون شخص في المنطقة.

من جانبه قال عبد المجيد يحيى ممثل برنامج الأغذية العالمي في دول مجلس التعاون الخليجي: “نعمل بشكل وثيق مع شركائنا الاستراتيجيين في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي إذ تمكنّا بفضل مساعداتهم السخية من تجنّب حصول أزمة غذاء في اليمن وهم يواصلون توفير كل مساعدة ممكنة لإنقاذ حياة الناس".

وأضاف : " نعوّل على الدعم المتواصل من أولئك الشركاء، وعلى الأخص خلال هذا العام الذي شهدنا فيه زيادةً غير مسبوقة في طلب المساعدات لرفع المعاناة عن ملايين الناس الذين يرزحون تحت الآثار المدمّرة للصراعات السياسية والصدمات المناخية في مختلف أنحاء العالم".

وأكد ضرورة أن يكون العمل الاستشرافي في صميم الاستجابة الإنسانية لحماية الفئات الأشد ضعفاً من هذه الصدمات ووصفه بأنه يمثل جزءاً أساسياً من أجندة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة للأطراف المعني بتغير المناخ (COP27) المزمع انعقاده الشهر المقبل في مصر.. ومع تصاعد خطر الركود العالمي، فإن قدرة الحكومات على الاستجابة ستكون مقيّدة بسبب مشاكلها الاقتصادية، مثل انخفاض قيمة العملة، والتضخم الاقتصادي بالإضافة إلى تراكم الديون ما ينتج عنه زيادة في عدد الأشخاص غير القادرين على تحمل تكاليف الغذاء، وبالتالي سيحتاجون إلى الدعم الإنساني لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وقال :" تعد خطة عمليات برنامج الأغذية العالمي لعام 2022 الأكثر طموحاً للبرنامج على الإطلاق إذ أنها تمنح الأولوية لاتخاذ الإجراءات والعمل الجاد من أجل الحيلولة دون تعرّض الملايين للموت جوعاً، إلى جانب العمل على تحقيق الاستقرار - وحيثما أمكن – بناء منظومات غذائية وطنية وسلاسل إمداد مرنة وقادرة على الصمود".

وأوضح أنه مع ارتفاع تكاليف توفير المساعدات وزيادة المهل الزمنية لذلك، يواصل برنامج الأغذية العالمي تنويع قاعدة مورديه بما في ذلك تعزيز المشتريات المحلية والإقليمية فحتى عام 2022، قام البرنامج بشراء 47% من المواد الغذائية التي احتاجها من البلدان التي يعمل فيها - وبلغت قيمة المشتريات 1,2 مليار دولار أمريكي.. كما قام البرنامج بتوسيع نطاق استخدام التحويلات النقدية بهدف تقديم المساعدات الغذائية بأكثر الطرق كفاءة وفعالية من حيث التكلفة لمواجهة هذه التكاليف المتزايدة.. مشيرا إلى التحويلات النقدية تشكل الآن 35% من إجمالي قيمة مساعداتنا الغذائية في حالات الطوارئ. وأضاف : " تمكّن البرنامج من تأمين مبلغ 655 مليون دولار من المساهمات واتفاقيات توفير الخدمات من المؤسسات المالية الدولية بهدف دعم أنظمة الحماية الاجتماعية الوطنية.. فيما تُبذل جهود مماثلة لتوسيع نطاق الشراكات المبتكرة بشأن التمويل الخاص بالمناخ.. إضافة إلى ذلك، يواصل البرنامج دعم الحكومات بالخدمات الخاصة بسلسلة الإمداد، مثل شراء السلع الغذائية ونقلها لسد النقص في احتياطيات الحبوب المحلية لدعم برامج شبكات الأمان الوطنية.

التعليقات