ارتفاع فائض ميزان المعاملات الجارية للدول العربية لـ186 مليار دولار

توقع صندوق النقد العربي ارتفاع معدل نمو الاقتصادات العربية إلى نحو 5.0 في المائة في عام 2022، والاقتصادات العربية المصدرة للنفط بنحو 5.6 في المائة و دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 2022 ليصل إلى نحو 5.8 في المائة، والدول العربية المستوردة للنفط3.7 في المائة حسب تقرير "آفاق الاقتصاد العربي" الذي أصدره و يتضمن توقعات الأداء الاقتصادي الكلي للدول العربية على عدد من الأصعدة خلال عامي 2022 و2023.

و توقع الصندوق في تقريره انخفاض العجز في الموازنة العامة المجمعة للدول العربية في عام 2022 ليبلغ 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فائضا في موازنتها المجمعة في عام 2022 وكذلك ارتفاع فائض ميزان المعاملات الجارية للدول العربية كمجموعة في عام 2022 ليصل إلى حوالي 186.6 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 44.1 في المائة، ما يعادل حوالي 6.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية.

و أوضحت النسخة السادسة عشرة من تقرير "آفاق الاقتصاد العربي " أنه بينما كان العالم يجاهد في بداية عام 2022 للتغلب على التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لانتشار فيروس كوفيد-19 ومتحوراته للعام الثالث على التوالي، شهد الاقتصاد العالمي تطورات عالمية غير مواتية نتج عنها ارتفاع أسعار العديد من السلع الزراعية والصناعية ومواد الطاقة، وتحديات أكبر لسلاسل الإمداد الدولية التي لم تكن قد تعافت بعد من التأثيرات الناجمة عن جائحة كوفيد-19.. كما أدت تلك التطورات إلى تزايد مستويات المخاطر، وعدم اليقين في ظل التداعيات التي خلفتها والتي إتسع نطاق تأثيرها ليشمل كافة الدول والأسواق والأسر، ونتج عنها تراجع مستويات القوة الشرائية خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وأثارت مخاوف بشأن الأمن الغذائي العالمي.

وفيما كانت تقديرات المؤسسات الدولية تشير قبل تلك التطورات إلى نمو الاقتصاد العالمي بما يتراوح بين 4 و4.5 في المائة في عام 2022 بفعل استمرار التعافي المتوقع لاسيما في عدد من الاقتصادات المتقدمة والنامية، وانخفاض وتيرة النمو في عام 2023 إلى ما يتراوح بين 3.2 و3.8 في المائة نتيجة الاستمرار في السحب التدريجي لحزم التعافي، جاءت التطورات العالمية الأخيرة لتفرض تأثيراتها وتنعكس على معدلات النمو خلال أفق التوقع.

و في هذا الإطار، تشير التقديرات الدولية إلى أن تلك التطورات ستؤدي إلى انخفاض معدل نمو الاقتصاد العالمي مقارنة بالتوقعات السابقة للتطورات الأخيرة بما يتراوح بين 0.5 و1.0 نقطة مئوية على الأقل خلال عام 2022، وسينتج عنها ارتفاع متوقع لمعدل التضخم العالمي بما يتراوح بين 2.5 و3.0 نقطة مئوية، فيما سينتج عن تلك التطورات انخفاض محتمل للناتج الإجمالي العالمي بنحو 1 في المائة في عام 2023، ما يمثل خسارة بنحو تريليون دولار أمريكي، وارتفاع إضافي لمعدل التضخم بنحو نقطتين مئويتين.

في هذه الأثناء، تأثرت أسواق الطاقة الدولية بالانعكاسات الناتجة عن التطورات العالمية الأخيرة، ما أدى في مجمله إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز لتسجل خلال شهر مارس 2022 أعلى مستوياتها منذ عام 2008، حيث شهدت أسعار النفط والغاز الطبيعي ارتفاعا بنسبة 40 في المائة و112 في المائة خلال الربع الأول من عام 2022 مقارنة بمتوسط الأسعار المسجلة في عام 2021.

و في ظل هذه التطورات، من المتوقع ارتفاع معدل نمو الاقتصادات العربية إلى نحو 5.0 في المائة في عام 2022 مدعوما بالزيادة في انتاج النفط وأسعاره في الأسواق الدولية، والأثر الداعم للنمو جراء استمرار حزم التحفيز في الدول العربية خلال عام 2022، التي ارتفع حجمها إلى 396 مليار دولار أمريكي.

ويعكس معدل النمو المتوقع للعام الجاري ارتفاع معدل نمو الاقتصادات العربية المصدرة للنفط بنحو 5.6 في المائة جراء الزيادات المسجلة في ناتج قطاعي النفط والغاز.. وفيما يتعلق بعام 2023، فمن المتوقع أن يبلغ معدل نمو الدول العربية كمجموعة نحو 4.0 في المائة.

و في هذا الإطار، من المتوقع ارتفاع معدل نمو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 2022 ليصل إلى نحو 5.8 في المائة، مقابل 3.1 في المائة في عام 2021، بفعل مجموعة العوامل الداعمة للنمو الاقتصادي في كل من القطاعات النفطية وغير النفطية، والتأثير الإيجابي للإصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى زيادة مستويات التنويع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، علاوة على الاستمرار في تبني حزم للتحفيز داعمة للتعافي من جائحة كوفيد-19، في حين من المتوقع انخفاض وتيرة نمو دول المجموعة العربية إلى 3.6 في المائة في عام 2023.

وفيما يتعلق بالدول العربية الأخرى المصدرة للنفط، فمن المتوقع أن تستفيد من الزيادات المقررة في كميات الإنتاج في إطار "اتفاق أوبك+"، ومن الارتفاع في الأسعار العالمية للنفط والغاز، ليرتفع بذلك معدل نمو المجموعة إلى نحو 4.6 في المائة في عام 2022، مقابل 3.3 في المائة في عام 2021 فيما يتوقع ا يبلغ معدل نمو دول المجموعة 3.9 في المائة في عام 2023 .

و على مستوى الدول العربية المستوردة للنفط، من المتوقع تسجيلها وتيرة نمو معتدلة في عام 2022 بحدود 3.7 في المائة مقابل نحو 2.5 في المائة في عام 2021، بسبب الضغوطات التي تواجه دول المجموعة على صعيد توازناتها الداخلية والخارجية التي تؤثر على مستويات الاستهلاك والاستثمار، فيما يتوقع حدوث تحسن ملموس لمعدل النمو الاقتصادي لدول المجموعة ليسجل حوالي 5 في المائة في عام 2023، بما يعزى إلى توقع تحسن مستويات الطلب الكلي في هذه البلدان، وانحسار تدريجي للضغوطات التي تواجه أوضاع الموازنات العامة وموازين المدفوعات نتيجة الانخفاض النسبي المتوقع لأسعار السلع الأساسية العام المقبل.

و ستواصل المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية جهودها على صعيد تطبيق أدوات السياسة النقدية غير التقليدية لدعم التعافي وحفز النشاط الاقتصادي، والتركيز على تبني عدد من الإصلاحات التي تستهدف تحقيق الاستقرار السعري والمالي، ودعم التحول الرقمي بما في ذلك الخدمات المصرفية المفتوحة لزيادة الشمول المالي.

وعلى صعيد الأوضاع المالية، يتوقع أن ينخفض العجز في الموازنة العامة المجمعة للدول العربية في عام 2022 ليبلغ 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.6 في المائة في عام 2021 جراء الزيادة المتوقعة للإيرادات النفطية، خاصة في ظل توقع تحسن الأوضاع المالية وتحقيق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فائضا في موازنتها المجمعة في عام 2022.

وفي ضوء التطورات تلك من المتوقع ارتفاع فائض ميزان المعاملات الجارية للدول العربية كمجموعة في عام 2022 ليصل إلى حوالي 186.6 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 44.1 في المائة، ما يعادل حوالي 6.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية.

التعليقات