"تريندز" يصدر دراسة جديدة بشأن "صعود حركة طالبان"

أصدر "مركز تريندز للبحوث والاستشارات" العدد التاسع من سلسلة اتجاهات استراتيجية بعنوان "صعود حركة طالبان: تأثيراته الدولية والإقليمية وانعكاساته على التنظيمات المتطرفة في أفريقيا"، أعدها ثلاثة من خبراء تريندز هم: الدكتور فتوح هيكل، مدير الأبحاث، المستشار السياسي، والأستاذ خالد أحمد عبدالحميد، مدير برنامج دراسات الإسلام السياسي، والدكتور وائل صالح باحث رئيسي، رئيس وحدة متابعة الاتجاهات المعرفية في العالم.   وتتضمن الدراسة محاور عدة. الأول: حول تأثير صعود طالبان في الوضعين الإقليمي والدولي، وتناولت مبادئ حركة "طالبان" الموجهة لعلاقاتها الخارجية، وتأثير صعودها الإقليمي والدولي. فيما ركز المحور الثاني على صعود طالبان وانعكاساته على التنظيمات المتطرفة واستعرضت فيه المحددات الحاكمة لموقف حركة طالبان من التنظيمات المتطرفة، وتأثير صعود طالبان في التنظيمات المتطرفة، فيما تطرق المحور الثالث إلى تأثير صعود طالبان في التنظيمات المتطرفة في أفريقيا ومنطقة الساحل.

وأشارت الدراسة إلى أن حركة طالبان تستند في علاقاتها الخارجية بعد سيطرتها على الحكم في أفغانستان إلى مجموعة من المبادئ التي أعلنتها، وأهمها التأكيد على إقامة نظام إسلامي في أفغانستان والانفتاح على المجتمع الدولي، واحترام الحقوق العامة وحرية المرأة، والتأكيد على قدرة الحركة على تحمّل مسؤوليات الحكم وإدارة شؤون البلاد، وطمأنة دول الجوار. 

وذكرت الدراسة أنه رغم القلق الإقليمي من عودة حركة طالبان وسيطرتها على أفغانستان، فإن الدول الإقليمية المحيطة وجدت أن هذه العودة قد تحقق مصالحها، ومن ثم كانت هناك حالة من القبول الضمني بين هذه الدول لعودة الحركة. 

وأوضحت الدراسة أن هناك بعض الدول الإقليمية التي ستحاول الاستفادة من عودة الحركة لتحقيق مصالحها وزيادة نفوذها في المنطقة مثل باكستان وتركيا وإيران، فيما ستسعى بعض القوى الدولية مثل الصين وروسيا إلى الاستفادة من الحركة لتعزيز وجودها في المنطقة وترسيخ نفوذها الدولي عموماً. 

ورجحت الدراسة أن يشكّل صعود حركة طالبان وعودتها إلى حكم أفغانستان مصدر إلهام لحركات التطرف والإرهاب في مختلف أرجاء العالم، لاسيما أن هذه الحركات ترى أن طالبان الحركة الدينية المتشددة خاضت صراعاً ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي القوة العظمى الوحيدة في العالم واستطاعت أن تنتصر عليها وأن تجبرها على القبول بعودتها مرة أخرى إلى السلطة.

وبيّنت الدراسة أن عودة طالبان إلى أفغانستان وسيطرتها عليها ستكون لها تأثيرات عديدة في نواحٍ وأماكنَ عدة، من بينها القارة الأفريقية وداخلها منطقة الساحل، إذ إن نجاح طالبان وقدرتها على التأقلم والحفاظ على بقائها طوال أكثر من 20 عاماً، برغم الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية لإضعافها والقضاء عليها، يشكل نموذجاً ملهماً للحركات الإرهابية في القارة الأفريقية عموماً ومنطقة الساحل خصوصاً، حيث تسعى هذه الحركات إلى تأسيس وجود قوي لها هناك.

وذكرت أن وضع جماعات التطرف والإرهاب في القارة الأفريقية، وإقدام فرنسا على سحب قواتها من منطقة الساحل، دقا جرس إنذار ينبغي الاستماع له جيداً خصوصاً بعد وصول العديد من المهاجرين الأفغان إلى أفريقيا، وفي ظل عدم رغبة القوى الدولية في الانغماس في محاربة الإرهاب في القارة الأفريقية برز اتجاه يدعو إلى أفرقة الحرب على الإرهاب مصحوباً بدعم دولي يساعد في نجاح هذه الحرب. 

وخلصت الدراسة إلى أنه رغم أهمية عملية أفرقة الحرب على الإرهاب، فإن موقف القوى الدولية والإقليمية يبقى حاسماً في مواجهة تطلعات جماعات التطرف والإرهاب في القارة الأفريقية عموماً وفي منطقة الساحل خصوصاً، إذ إن وقوف هذه الدول بجانب دول المنطقة سيساعدها على مواجهة حركات الإرهاب التي تواجهها، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد لا يتطلب بالضرورة وجوداً عسكرياً على الأرض من جانب القوى الدولية والإقليمية بقدر ما يقتضي وجود خطط تنموية واقتصادية وسياسية تتم بموجبها معالجة الأسباب الحقيقية التي تمنع تلك الحركات من التمدد، بالإضافة إلى خطط عسكرية يتم بموجبها دعم القدرات العسكرية لدول المنطقة، بما يجعلها قادرة على مواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية، وشددت الدراسة على أهمية  أن يتم تنفيذ هذه الخطط تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي؛ ومن ثم فإن تحرك المجتمع الدولي لدعم الدول الأفريقية ودول الساحل سيكون عاملاً مهماً في الحد من تطلعات حركات الإرهاب في المنطقة.

التعليقات