سيارة باجي تتحدى الزمن والرمال

ما أجمل أن يكون لك لمساتك الخاصة في سيارتك التي تجعلك لا تشبه أحداً.. سيارة ربما لا تكون الأجمل أو الأسرع أو الأقوى، لكنها سيارة فريدة تعبر عن شخصيتك.. سيارة وضعت بصمتك على كل جزء منها، حتى لو كان الثمن الاستغناء عن أدوات المطبخ والاستعانة بها في تجهيز السيارة!!  

هذا ما فعله الأمريكي ريتشارد بيندر مع سيارته "الباجي"، ففي عام 1962 انتقل ريتشارد بيندر مع عائلته إلى كاليفورنيا التي أسرته شمسها المشرقة وتلالها الرملية خاصة في منطقة أوشينو قرب الساحل الأوسط.  

ولأنه خبير بالسيارات فقد ألهمته الطبيعة الساحرة بناء سيارة يستطيع أن يقودها على الرمال، وفي ذلك الوقت كانت معظم السيارات الخفيفة "الباجي" تشبه الفولكس فاجن باستخدام السقف وليس الهيكل مع محرك بقوة 36 حصاناً. 

واستخدم البعض هياكل سيارات من الفايبر جلاس، لكن ريتشارد أيقن أن أفضل شيء أن يبني سيارته بنفسه، لذلك حاول أن يعدل السيارة فورد موديل 1955، فاستغنى عن الهيكل والإطار وأبقى على المقاعد والمحرك، لكنه لم يشعر بالراحة بعد رحلات قليلة على الرمال لذلك قرر أن يصمم بنفسه سيارة أنبوبية خفيفة. 

يقول ريتشارد: "إنه استمر يحاول ويجرب حتى توصل إلى النموذج الذي يرتضيه"، واستخدم في ذلك نظام التعليق الخلفي من السيارة سكوير باك 1962، وجهاز توجيه من السيارة كورفير 1960. 

وقام ريتشارد بقطع وتشكيل الهيكل أو (الشاسيه) بنفسه وأضاف هيكلاً كاملاً بعد عدة سنوات لكي يضمن مزيداً من السلامة لمن يقود السيارة، وأضاف أيضاَ محور دوران شاحنة فورد نصف طن مع مصد أمامي لحافلة فولكس فاجن ومصدات خلفية بيلستينز.  

واستطاع ريتشارد أيضاً تصنيع أسقف ألمنيوم.  

ووعندما أراد صنع خزان وقود فكر وفكر ولأن الحاجة أم الاختراع فقد التفت إلى آخر مكان يمكن أن يفكر الشخص فيه فدخل مطبخه وصنع خزان وقود من أنبوب صلب لا يصدأ باستخدام آنيتين "للسلطة" في النهاية، وقد قام ريتشارد بصهر الآنيتين وشكلهما بشكل مقعر وهنا استراح الميكانيكي المجنون لسيارته المبتكرة مؤقتاً! 

وفي منتصف الستينيات لم تكن قطع الغيار متوافرة للسيارات والمركبات التي تسير على الطرق الوعرة والرملية، وكانت المقاعد المصنوعة من الألياف الزجاجية هي المخصصة للجلوس على الموائد لذلك مد بصره مرة أخرى لمطبخ منزله، وأحضر مقعدين من المطبخ غير مبالٍ باحتجاجات زوجته وأزال الأرجل وركبها في الشاسية وغلفهما بغطاء معدني أسود تناغم مع الإطارات الصفراء المشرقة، وزود ريتشارد سيارته العجيبة بمقود قيادة 12 بوصة وبدال هيدروليكي مع فرامل يدوية مزدوجة وناقل حركة فولكس فاجن. 

واستفاد العنيد ريتشارد من محرك الفولكس فاجن واختار منه الإكسسوارات التي تتلاءم مع سيارته المبتكرة فاستخدم ذراع تدوير مع مكابس وأسطوانات أكبر وصمامات أكبر. 

المشكلة الوحيدة التي واجهها ريتشارد مع مؤخرة السيارة كانت عند الغيار الأول أي عند السرعة البطيئة، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئاَ يومها لأنه لم يكن هناك شيء أقوى في ذلك الوقت.  

وكان من بين المشكلة الإطارات التي اقتبسها من (التراكتورات) وظل الأمر كذلك حتى اكتشف الإطارات المخصصة للرمال واشترى طاقماً منها، لكن المشكلة أن الإطارات الضخمة الخلفية لم تكن متوافقة مع صندويق التروس لذلك تعب ريتشارد من كثرة إصلاحه، فقد كان إصلاحه يتم إجبارياً بعد كل موسم رحلات، وأحياناً كان يضطر لإصلاحه أكثر من مرة في الموسم الواحد.  

وعلى مدار 23 عاماً استمر ريتشارد في قيادة سيارته الباجي، وعلم أطفاله كيفية قيادة سيارة باجي بناقل سرعة يدوي بأربع سرعات، وأخيراً أودع ريتشارد سيارته "الجراج" معلناً اعتزالها في عام 1989.  

لكن الجيل الجديد كان له رأي آخر، فقد لمح أبناؤه السيارة القديمة وطلبوا منه إعادة تشغيلها، واعتذر الأب في البداية بحجة أن العثور على قطع غيار حديثة أمر في غاية الصعوبة، لكن في النهاية استطاع التغلب على هذه الصعوبة، كما استطاع العثور على أغطية معدنية لتغطية المقاعد. 

واستطاع بمساعدة صديق له بناء محور قوي للسيارة باستخدام سيارة سوبر بيتلز 1961، كما استطاع العثور على محرك سعة "2332" سي سي ونظام دوبرياج "كيب" 6 أسطوانات، واستطاع إحياء أو إنعاش شكل السيارة بدهانها باللون الأصفر الأكريليك, كما زود من قوة المصدات ثم استخدم مقود جرانت 5.5 بوصة. 

لعل أروع ما في السيارة أنها ظلت وفيه لصاحبها على مدار 45 عاماً، وظلت أيضاً اختراعه الخاص الذي يقهر به الرمال ويؤدي حركاته البهلوانية ويتمتع بسيارة فريدة لا تشبه غيرها. 

التعليقات