الطب الشرعي والآثار البيولوجية

عبارة الطب الشرعي أو الطب القضائي أو علم أحياء الأدلة الجنائية هي ترجمة لعبارة Forensic sicence التي تعني استخدام العلوم التطبيقية للإجابة على تساؤلات تتعلق بالمحاكم والنظام القانوني الجنائي أو المدني.

مع التطور العلمي واستخدام العلوم والتقانة في مجال الجرائم ، تفرع الطب الشرعي أو القضاء الشرعي إلى عدد من العلوم التطبيقية التي باتت تسهم في التحقيقات الجنائية وكشف العديد من المنازعات المدنية والشرعية.

ومن تلك الفروع : • الطب الشرعي الجنائي • الطب الشرعي الانثروبولوجي • الطب الشرعي للحاسوب • الطب الشرعي الرقمي  • الطب الشرعي النووي D.N.A   • الطب الشرعي النفسي

مهام الطبيب الشرعي:

يضطلع الطبيب الشرعي بمهمة معاونة المحقق وأجهزة العدالة الجنائية على النحو التالي :

أولاً: بالنسبة للأحياء

•    تقدير السن لأغراض تحديد المسؤولية الجنائية أو تحديد الرضا في الجرائم الجنسية  •    تقييم الحالة العقلية للأشخاص المتهمين والمجني عليهم . •    فحص حالات الاعتداء الجنسي . •    فحص آثار الاجهاض الجنائي  •    اثبات الأبوة والبنوة . •    فحص ومقارنة السوائل البيولوجية . •    فحص الأشخاص تحت تأثير الخمر أو المواد المخدرة . • تقدير الاصابات الجسمانية ونسبة العجز . • فحص أسباب التسمم ومقارنة عينات من المعدة .

ثانياً : بالنسبة للأموات: •    تعريف هوية الجثة. •    تحديد زمن الوفاة . •    تحديد سبب الوفاة جنائياً كان أم غير جنائي ، وإذا كانت الوفاة جنائية هل هي جريمة عمدية أو شبه عمدية أو خطأ . •    تحديد ما اذا كان الغرق قبل الوفاة أو الوفاة قبل الغرق . •    تحديد ما إذا كان حريق الجثة قبل الوفاة أو الوفاة بعد الحرق أو بسببه . •    تحديد ما إذا كان تقطيع الجثة بعد القتل أو كان التقطيع جزءاً من أسباب الوفاة . •    تحديد ما إذا كانت الجريمة قتلاً أو انتحاراً . •    تحديد وسيلة الانتحار . •    تحديد المسافة التي أطلقت منها الرصاصة وتحديد مكان خروجها أو موقعها داخل الجسم . •    يجري نبش الجثة عند الضرورة وفقاً للنظم .

يقوم الطبيب الشرعي مع غيره من الخبراء والمحققين بمعاينة مسرح الجريمة ويتولى بنفسه جمع (الأثار البيولوجية).

كما يقوم بمعاينة الجثة وأخذ عينات من السوائل البيولوجية من الأموات والأحياء متى اقتضت الضرورة ، وقد يكتفي بالكشف على الجثة في مسرح الجريمة أو يأمر بنقلها إلى المستشفى لإجراء التشريح ومزيد من الفحوصات إلا أنه – في واقع الأمر – ولقلة عدد الأطباء وصعوبة الانتقال إلى الأماكن النائية في الدول النامية لا يتحقق وصول الطبيب الشرعي إلى مسرح الجريمة وهنا تكون مهمة المحقق أن يتولى بعض المهام الأولية التي من شأنها أن تعين الطبيب الشرعي متى نقلت إليه الجثة ومن تلك المهام الملقاة على عاتق المحقق أو أي طبيب عمومي أو مساعد طبي ما يلي:

• تصوير مكان الحادث محتفظاً بالجثة والآثار البيولوجية الأخرى في مواقعها . • رسم كروكي لمسرح الجريمة مؤكداً موقع الجثة ومحدداً المسافات بين الجثة والأثار البيولوجية وغيرها من الأثار ذات الصلة . • جمع وتأمين الأثار البيولوجية بعناية تامة . • نقل الجثة إلى المستشفى في أقرب فرصة ممكنة دون احداث أية تغيرات على شكلها بصفة عامة وبقدر الامكان . • في حالة وجود مصابين أحياء أو مجني عليهم ينبغي المحافظة على حالتهم وما عليهم من أثار بيولوجية بالقدر الذي لا يتعارض واسعافهم . • في حالة وجود متهمين يجب أخذهم فوراً إلى الطبيب دون تمكينهم من تغيير حالاتهم بالغسل أو استبدال الملابس الملطخة بالدماء . • في جرائم الاغتصاب والجرائم الجنسية الأخرى تراعى الأثار البيولوجية العالقة بجسم كل من المتهم والمجنى عليه وفي حالة تساقط تلك الأثار يجب جمعها وتأمينها مع تحديد مواقعها في جسم كل من الجاني والمجني عليه . • في حوادث الغرق والحرائق تراعي كميات الماء داخل الجثة والقدر الذي يخرج أثناء نقل الجثة وكما يلاحظ القدر المتفحم من الجثة المحروقة وما يتساقط من المحروقات . • في جرائم استعمال الأسلحة النارية يجب تأمين المواقع التي دخلت منها الرصاصة وتلك التي خرجت منها وما على تلك المواقع من مواد أو ألوان ، إذ تلك المواد هي تحدد الجهة التي جاءت من الطلقات النارية والمسافة التي صدرت منها الرصاصة القاتلة وهي بذلك ذات قيمة برهانية عالية .

السوائل البيولوجية

يقصد بالسوائل البيولوجية، الدم ، اللعاب، العرق ، البول ، لبن الأم ، القيء والدموع وغيرها من المواد السائلة التي يفرزها جسم الإنسان عبر مختلف أعضاء الجسم. 

ويمكن التعرف على السوائل البيولوجية والآثار الناتجة عنها في مكان الحادث عن طريق دراسة شكلها ولونها ورائحتها وملمسها ، ومتى تعذر اكتشاف السوائل البيولوجية بالعين المجردة يجوز استخدام الأشعة فوق البنفسيجة للكشف عن أماكن وجودها.

للسوائل البيولوجية بصفة عامة خصائص ومميزات فردية هائلة لم يتوقف العلم عن اكتشاف أسرارها المتجددة ، وهي بذلك تشكل مخزناً للمعلومات الجنائية والحقائق التي لا غنى عنها لمعالجة العديد من المشاكل القانونية والاجتماعية والصحية. ويمكن للتحقيق الجنائي بالتعاون مع الطبيب الشرعي أن يسخر السوائل البيولوجية وآثارها لأغراض العدالة الجنائية وتحقيق الشخصية على النحو التالي:

- مجرد وجود آثار السوائل البيولوجية في مكان ما تنبيه عام بوقوع حادث جنائي أو غير جنائي يتصل بجسم الإنسان. - عن طريق الفحص المخبري للسوائل البيولوجية يمكن الاشتباه في علاقة شخص ما بمكان الحادث متى تطابقت فصيلته مع تلك المأخوذة من مكان الحادث. - بوساطة آثار السوائل البيولوجية يمكن حصر المشتبه فيهم إلى أقل عدد ممكن عن طريق استبعاد بعضهم بعد فحص سوائلهم البيولوجية. - تأكيد التهمة ضد المشتبه فيه. - معرفة الصفات الوراثية للشخص عن طريق بصمة الحمض النووي للخلايا مما يساعد على تعريف الهوية. - معرف حركة الجاني وسلوكه عند أو بعد الانتهاء من جريمته وذلك عن طريق دراسة تساقط وانتشار ومسار التلوثات الدموية في مكان الحادث والأماكن المحيطة به. - معرفة الآثار القريبة والبعيدة الناتجة عن بعض الإصابات أو عند التعرض لمواد ضارة أو سامة. - استغلال اللعاب في حل كثير من القضايا الجناية، وبخاصة الجنسية ، كما هي الحال في حالات الاغتصاب إذ قد تؤدي الفحوصات المخبرية على البقع اللعابية إلى التعرف على هوية الجناني أو التحقق من شخصيته. - الإثبات والتعرف على الآثار الجنسية الأخرى. - تقييم الحالة العقلية للأشخاص ومدى مسؤوليتهم الجنائية الناتجة عن بعض الأمراض الوراثية التي مكن معرفتها عن طريق فحص الدم. - معرفة مدى أهلية الشخص لقيادة السيارات، وما إذا كان تحت تأثير مسكرات أو موارد مخدرة. - فحص القيء يساعد على معرفة محتويات المعدة، ونوع المأكولات التي تناولها الجاني. - إثبات حالات الأبوة والبنوة. - عن طريق فحص القيء يمكن معرفة نوع المادة السامة كما هي الحال في جرائم التسمم. - عن طريق البول نتمكن من معرفة فصيلة الدم الخاصة بصاحبه وما إذا كانت تحتوي على سموم كما يمكن معرفة بعض أمراض صاحبه والاهتداء إلى هوية الجاني. - من المخاط يمكن التعرف على هوية الشخص وذلك بعد إجراء الفحوصات ومعرفة فصيلة الدم. - بفحص الدم لأمراض معينة نتعرف على هوية الشخص - عن طريق فحص الدم يمكن التوصل إلى سبب الوفاة ، إذا كان الشخص يعاني من أحد أمراض الدم أو في حالة الوفاة أثناء التخدير. - بفحص الدم يمكن معرفة احتوائه على مواد سكرية . - معرفة السموم التي تناولها أو أعطيت للشخص.

ختاماً.. على الرغم من الفائدة العظيمة التي يجنيها التحقيق الجنائي من السوائل البيولوجية إلا أنه يُلاحظ أن الدم يجد الاهتمام الأكبر بين السوائل البيولوجية المختلفة ، نسبةً لظهوره الواضح في مسرح الجريمة ولصلته المعهودة بالجريمة وصحة الإنسان ، ولكن مع التطور العلمي وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وحُسن استخدامها في الطب الشرعي قد يتم اكتشاف العديد من الآثار البيولوجية وغيرها التي لم نسمع بها أو نراها والتي من الممكن أن تساهم في تقديم أدلة دامغة إلى الجهات القضائية المختصة حول الجرائم .

اللهم بجودك وكرمك وعفوك وغفرانك ياذا الجلال والإكرام ياحي ياقيوم ، اللهم ارفع وباء كرونا عن بلادنا وبلاد المسلمين وبلاد من ترضى أن ندعو برفعه عنها يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين . اللهم آمين يارب العالمين.

الكاتب والباحث الإماراتي

عضو اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات

عادل عبدالله حميد

التعليقات