قمة العشرين تنطلق في ألمانيا تحت شعار "نحو بناء عالم متواصل"

بدأت في مدينة هامبورج الألمانية اليوم أعمال "قمة العشرين" التي تستمر يومين تحت شعار "نحو بناء عالم متواصل". و دعت أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية - في كلمتها الافتتاحية للقمة-رؤساء وحكومات الدول الصناعية والصاعدة العشرين إلى تعزيز التعاون والاستعداد للتوصل إلى حلول وسط للقضايا معربة عن أملها في أن تسهم القمة في حل المشكلات والأزمات الملحة التي يواجهها العالم . وقالت إن "الوقت يضغط لذلك قد يكون إيجاد الحلول أمرًا غير ممكن في أغلب الأحيان إلا عندما نستعد لقبول الحلول الوسط والتقارب" مضيفةً أنه يمكن أيضًا الإفصاح عن الاختلافات. و أوضحت-في إشارة إلى شعار القمة الذي يبدو على هيئة عقدة مترابطة- "أنه كلما كبرت الأعباء زادت هذه العقدة تماسك". و يشارك في أعمال القمة رؤساء وقادة 20 دولة تشمل المملكة العربية السعودية و الأرجنتين و أستراليا و البرازيل وكندا إضافة إلى الصين و فرنسا و ألمانيا والهند وأندونيسيا و إيطاليا و اليابان و المكسيك و روسيا و جنوب أفريقيا و كوريا الجنوبية بجانب تركيا و بريطانيا و الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي. و تناقش القمة أبرز القضايا على الساحة العالمية خلال المرحلة الراهنة وعلى رأسها استقرار الاقتصاد العالمي ومواصلة تنظيم أسواق المال وأهداف التنمية المستدامة 2030 وتغير المناخ إضافة إلى الأمن المعلوماتي والتجارة الحرة والعمالة وتدفقات الهجرة واللاجئين إلى أوروبا بجانب مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه. كما تتناول القمة دعم التعاون مع القارة الأفريقية من خلال مبادرة "التعاقد مع أفريقيا" التي تهدف إلى تقديم المساعدات إلى إفريقيا والدفع بمزيد من الاستثمارات إلى القارة. وكانت المستشارة الألمانية قد أعلنت في تصريحات سابقة دعم القمة الدول الأفريقية ذات توجهات إصلاحية بحوالي 300 مليون يورو بهدف تحفيز استثمارات خاصة.  كما تشهد القمة أول لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين وتندرج عدة موضوعات على أجندة اللقاء منها الأزمة الأوكرانية والحرب في سوريا والعقوبات الاقتصادية على روسيا. وفي هذا السياق أكد هربرت ماكماستر مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي أن ترامب يريد العمل من أجل تطوير الغرب "سياسة بناءة" مع روسيا. وتنبع أهمية قمة العشرين هذا العام من أنها تعقد في ظل تحديات وأزمات عديدة وخطيرة يواجهها العالم في الوقت الذي تتباين فيه وجهات النظر الدولية حول العديد من القضايا فمن ناحية تعد هذه القمة الأولى من نوعها بعد وصول الرئيس الأميركي ترامب إلى السلطة أوائل العام الجاري وتأتي بعد قمة "مجموعة السبع" التي عقدت خلال الشهر الماضي وكشفت انقسامات بين عدد من الدول الأوروبية والرئيس ترامب حول مجموعة قضايا من أبرزها إعلان واشنطن انسحابها من اتفاق باريس للمناخ وتمسكه بتبني سياسة حمائية على المستوى التجاري في الوقت الذي تنادي فيه المستشارة الألمانية ميركل إلى ضرورة وجود أسواق حرة مفتوحة حيث أن الحمائية لا تقدم حلولا للمشكلات الاقتصادية.  من ناحية أخرى أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشاركته في القمة رغم ازدياد حدة التوتر بين برلين وأنقرة خلال الآونة الأخيرة وهو ما سيلقي بظلاله على مجريات القمة حيث يريد أردوغان استغلال حضوره إلى هامبورج لإلقاء كلمة أمام الجالية التركية في المدينة وهو ما ترفضه الحكومة الألمانية. وفي ضوء هذه الأجواء استبعدت المستشارة الألمانية أن يحظى البيان الختامي للقمة بموافقة بالإجماع حيث توقعت أن التفاهم الوحيد قد يكون حول قضية مكافحة الإرهاب مشيرة إلى أن القضايا الخلافية في القمة أكثر من المتفق عليها وهو يجعل شعار القمة " نحو بناء عالم متواصل " أمرا يصعب تحقيقه. يذكر أن مجموعة العشرين هي تجمع اقتصادي يضم حوالي 19 دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبي وتشكل الدول الاعضاء فيها حوالي 90 في المائة من إجمالي الناتج العالمي و 80 في المائة من نسبة التجارة العالمية فيما يمثل إجمالي سكانها ثلثي سكان الكرة الأرضية كما أنها تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتأسست مجموعة العشرين خلال عام 1999 عندما قرر وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في قمة الدول الأعضاء لمجموعة السبعة "جي 7 " في واشنطن توسيع المجموعة وضم نظرائهم في دول مجموعة العشرين.  وجاء إنشاء المجموعة إثر الأزمات المالية التي شهدتها عدد من مناطق العالم في نهاية التسعينات خاصة الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا وأزمة المكسيك لكن المجموعة لم تكتسب زخما إلا بعد الأزمة المالية العالمية خلال عام 2008 والتي انعكست تداعياتها بشكل واسع على القارة الأوروبية و رفع مستوى المشاركة في اجتماعات قمة مجموعة العشرين.

التعليقات