عادة مايترك رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي أو خفضه تأثيرات على كثير من العملات والاقتصادات العالمية ومن بينها العملات وبينها درهم الامارات وعدد من العملات الخليجية الأخرى المرتبطة بالدولار الأمريكي .
ولم يخرج قرار الفدرالي الأميريكي في 14 يونيو الماضي برفع سعر الفائدة على الدولار بواقع نقطة مئوية في اطار سياسة تشددية بدأها منذ نهاية العام الماضي وستستمر حتى العام القادم وربما حتى عام 2019 والنتائج التي سيفسر عنها عن هذه القاعدة .
فقد أعلن مصرف الامارات المركزي عن رفع أسعار الفائدة المطبقة على شهادات الايداع اعتبارا من 15 يونيو بواقع ربع نقطة مئوية وذلك تماشيا مع ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي 25 نقطة أساس على الأموال الفدرالية .
ويأتي رفع المركزي الاماراتي برفع سعر الفائدة بفعل ارتباط الدرهم الاماراتي مع الدولار الأمريكي وفي خطوة متسقة مع عدد من القرارات المماثلة التي اتخذتها المصرفان المركزيان في السعودية والبحرين .
كما تم رفع المصرف المركزي سعر إعادة الشراء (الريبو) الذي ينطبق على اقتراض سيولة الى قصيرة الأجل بضمان شهادات الإيداع بـ 25 نقطة أساس ليصل الى 1.50 في المئة .
وتمثل شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي للبنوك العاملة في الدولة أداة السياسة النقدية التي يتم من خلالها نقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي في الدولة .
قرار الفدرالي الأمريكي سيكون له تأثيرات في الاقتصاد الأميريكي ذاته وفي الاقتصادات العالمية . إذ ستسفيد من هذ القرار مجموعة من القطاعات فيما ستتأثر سلبا الكثير من القطاعات الأخرى .
وإذا كان درهم الامارات لن يتأثر بفعل رفع الفائدة على الدولار الأميركي نتيجة الارتباط بالدولار وكذلك العديد من العملات الخليجية . فأن الكثير من العملات ستتأثر سلبا بسبب التحول نحو الدولار الذي يوفر فوائد على الودائع والتخلي عن العملات الأخرى الأقل عائدا خصوصا وأن الفوائد على الكثير من العملات " مازالت فوائد صفرية " . . وقد أبدى الدولار الأميركي في هذ الصدد ميلا نحو الارتفاع أمام الكثير من العملات العالمية والخروج من حالة الضعف التي كان عليها في الأسابيع الأخيرة .
غير أن هذا التطور سيكون في العموم مفيدا للقطاع البنكي الذي سيكون أول المستفيدين من رفع الفائدة . إذ ستستقطب البنوك الكثير من الودائع على حساب الأدوات الاستثمارية الأخرى وخصوصا أسواق الأوراق المالية وإن هذا التوجه العام سيرافقه استثناءات لكثير من الأسواق وفق الوضع الاقتصادي للدول التي تحتضن هذه لأسواق .
وبشكل عام ستكون البنوك وتحديدا المصارف الاسلامية من أبرز المستفيدين إذ أن البنوك الاسلامية سترفع سعر الاقراض . دون أن تتخذ في الغالب أي قرارات برفع سعر الفائدة على الودائع .
كما سترتفع الاستثمارات المقومة بالدولار وبينها الاستثمارات الخليجية نتيجة ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي . فيما سيتأثر القطاع النفطي سلبا بفعل العلاقة العكسية بين أسعار صرف الدولار واسعار النفط الخام .
وفي العموم من المتوقع أن يؤئر ارتفاع سعر الفا ئدة على الدولار الأميركي الى حدوث تأثيرات سلبية على الاقتصادارات التي تعاني من مخاوف انكماشية وتضحمية خصوصا مع ارتفاع سعر الفائدة بين البنوك مما يؤدي الى تراجع في معلات النمو في كثير من الاقتصادات العالمية وسيكون من أكبر القطاعات المتأثرة بذلك القطاع العقاري الذي سيواجه تراجعا في الطلب على السكن نتيجة ارتفاع الفوائد التي سيتعين دفعها على القروض السكنية . فيما ستزداد اسعار الفائدة على المواد الأساسية في مدخلات الانتاج الأمر الذي سيؤدي الى ارتفاع اسعار هذه المواد وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات الصناعية والخدمية في القطاعات كافة .
وبشكل عام سيكون لرفع سعر الفائدة على الدولار نتائج واضحة على تراجع الواردات من السلع والخدمات الخارجية مما يؤدي الى وقوع الأسواق في حالة انكماشية نتيجة ارتفاع كلفة الاستيراد وبالتالي هبوط اسعار الأسهم و العقارات نتيجة التراجع في معدلات النمو الاقتصادي العام . إذ أن الكثير من المواد والخدمات ترتبط بشكل كبير بقطاعي الانشاءات والعقارات .
ويرى الكثير من الخبراء أن رفع سعر الفائدة سيكون له فوائد كثيرة على عدد من الاقتصادات وبينها الاقتصاد الأمريكي خصوصا وأن الفدرالي الأمريكي لم يتخذ هذه الخطوة الا بعد التأكد من وجود تعافي سوق العمل . وأن هذه الخطوة ترافقت مع قرار الفدرالي الأميركي تخفيض موجوداته مما سيوفر تسهيلات ائتمانية للبنوك .
ويقف المراقبون أمام تأثير قرار الفدرالي على الاقتصاد الأميركي ذاته باعتابره قطارة الاقتصاد العالمي .ويرون أن هذا التأثير لن " يكون واضحا حتى الآن بانتظار القرارات التي ستتخذها الادارة الأميريكية الجديدة وخصوصا لجهة الوعود الانتخابية للرئيس دونالد ترامب بتخفيض الضرائب على الشركات الأمريكية الأمر الذي سيكون تأثيره أكبر تأثيرا من ارتفاع سعر الفائدة على الدولار .
وفي المقابل ستواجه الأسواق الآسيوية تحت ضغط أكبر نتيجة توجه الأموال فيها نحو الدولار ونزوح الاستثمارات نحو الخارج مما يشكل مزيدا من الضغط على الاقتصادات الآسيوية مقابل الاقتصاد الأميركي الذي يشهد حالة من التعافي الآن.
شفيق الأسدي
التعليقات