"الدولار"..عقبة في طريق لبنان نحو الاستقرار

لم يجل في خاطر المتظاهرين اللبنانيين الذي خرجوا في السابع عشر من أكتوبر من العام الماضي، أن أبرز عقباتهم نحو الانتقال السلمي للسلطة لن يكون سياسي ولكنه اقتصادي في المقام الأول، فبعد تشكيل الحكومة التي استمر تمخضها أيام طويل منذ استقالة سعد الحرير وحتى تولي حسان دياب لرئاسة مجلس الوزراء، أصبح الدولار هو العقبة الرئيسية في طريق لبنان نحو الاستقرار.

ارتفاع الأسعار

عانى الدولار الأمريكي شحاً كبيراً داخل البنوك والمصارف الأمر الذي كان له مردود سلبي على الأوضاع المعيشية في الداخل اللبناني تجسد في ارتفاع كبير بأسعار المتطلبات المعيشية الأساسية كالمحروقات والأدوية والمعدات الطبية والقمح، وذلك بالتزامن مع انخفاض شديد في وتيرة حركة الصناعة والاستيراد والتصدير.

 سبب اختفاء الدولار

منذ اندلاع شرار حركة الغضب في الشارع اللبناني منذ خمسة أشهر من الأن، أسرع العشرات من المواطنين اللبنانيين للبحث عن ملاذ آمن لحياتهم تحرزاً لما سيأتي من أيام في ظل عدم استقرار سياسي واقتصادي لم تثمر أحداثه عن خطوات واضحة، وتمثل هذا الملاذ الأمن في عملة الدولار، فشرعوا في سحب أرصدتهم من داخل البنوك المحلية وتحويلها إلى بنوك أخرى في الخارج أو تسييلها والاحتفاظ بها في أماكن أمنة الأمر الذي دفع الأرصدة الدولارية في البنوك إلى التراجع الملحوظ، ومع استمرار حركة الطلب على الدولار وفي المقابل انخفاضه ارتفع سعر الدولار أمام الليرة اللبنانية لينعكس ذلك في صورة ارتفاع ملحوظ في أٍعار المنتجات التي يعتبر أغلبها مستورد من الخارج.

فتيل الأزمة

اشتعل فتيل الأزمة الدولارية في لبنان، منذ إعلان عن قرارها القاضي بعدم التعامل إلا بالدولار في حركة بيع بطاقات السفر دون غيره من عملات لتنفجر حالة من الغضب الشعبي، مما دفع مجلس الوزراء اللبناني، برئاسة حسان دياب، إلى الضغط على الشركة لإثنائها على قرارها وهو ما أتى بثماره لتتراجع الشركة عن قرارها مرة أخرى.

العمالة الأجنبية تعاني

يبدو أن هناك طرف أخر من المتأثرين بأزمة الدولار في لبنان غير المواطن اللبناني نفسه، فهناك مايقارب الثلاثمائة ألف عامل وعاملة أجانب في لبنان، يواجهون أزمات مادية شديدة في ظل اختفاء العملة الصعبة التي يتقاضون بها رواتبهم، فأصبحوا بين شقي رحى إما العودة إلى بلادهم أو البقاء في لبنان، حتى تطور الأمر إلى تظاهر المئات من العمالة البنغالية لأجنبية أمام سفارة بلادهم للمطالبة بالتعجيل في إنهاء أوراق سفرهم للعودة إلى بلادهم مرة أخرى.

 خطة إنقاذ عاجلة

منذ أن تولت الحكومة الجديدة أو ما أطلق عليها بحكومة الكفاءات، اصطدمت بتركة ثقيلة خلفتها الاحتجاجات اللبنانية وحركة التغيير في البلاد كان على رأسها الإصلاح الاقتصادي قبل السياسي في ظل أزمة معيشية خانقة تضرب المواطنين في مقتر، فكان اجتماع حكومة دياب الأول في منتصف فبراير الجاري شاهداً على إقرار خطة إنقاذ مالي تتضمن خفض أسعار الفائدة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وأخذ "خطوات مؤلمة" لإنعاش الاقتصاد وخفض تكلفة الدين العام، ومن ثم التواصل مع المانحين الدوليين لتدبير قروض ميسرة وتمويل للخزانة".

الدولار في مواجهة الليرة 

يستمر سعر صرف الدولار في صعوده أمام الليرة اللبنانية على مستوى كلا  السوقين الموازية والسوداء على السواء، ليتراوح الصرافين منتصف الشهر الجاري بين 2300 و2320 ليرة لبنانية للمبيع، في حين تراوح سعر صرف الدولار للشراء بين 2280 و2290 ليرة مقابل الدولار.

 شح الدواء 

لم يكن كل ماسبق هي أبرز الخسائر جراء ارتفاع أسعار الدولار واختفاءه من سوق الصرف اللبنانية، بل الأمر وصل إلى سوق الدواء، تجسد ذلك في تحذيرات شديدة أطلقتها نقابة تجار ومستوردى المعدات والمواد الطبية والمخبرية فى لبنان، من تعرض البلاد إلى "كارثة صحية" يهدد استمرار تقديم الخدمات الطبية والصحية.

الأزمة الاقتصادية ترفع عدد العاطلين في لبنان "قناة العربية"

التعليقات