النقود عبارة عن وسيلة يتم من خلالها تبادل البضائع والخدمات بين الناس، كما تعد النقود ظاهرة اجتماعية واقتصادية بحتة؛ إذ تشغل الحيز الأهم من النشاط الاقتصادي والذي يعد بطبيعته نشاطاً اجتماعيًا أيضًا. وقد ظهرت النقود نتيجة للزيادة الكبيرة في عمليات التبادل للسلع والخدمات التي كانت تتم عن طريق المقايضة، والتي كانت بدورها تزداد صعوبة مع مرور الوقت.
كان الأفراد في العصور القديمة والبدائية يصلون إلى الاكتفاء الذاتي عن طريق إنتاج السلع والخدمات البسيطة بأنفسهم، ومع تطور الحياة أصبح الناس يتخصّصون في إنتاج السلع، فكلّ منهم يتخصص في إنتاج خدمة أو سلعة معينة ويُقسِّمون العمل فيما بينهم، ثم ظهرت المقايضة وتطوّرت، فبدأ الأفراد بتبادل السلع، وتُعرّف المقايضة بأنّها العملية التي يتم فيها تبادل الخدمات والسلع من غير استخدام النقود كوسيط للتبادل، كما أن السلعة قد تكون زائدة عن حاجة الشخص أو قد يكون بحاجة لها لكنه بحاجة ملحة أكثر للسلعة الأخرى.
واستخدم الأفراد سلع مختلفة للتقايض على مر العصور مثل تبادل الأحجار والجلود والملح وغيرها الكثير، وتلا ذلك استخدام بعض المعادن في عمليات المقايضة مثل النحاس والذهب والفضة، وكانت قيمتها تُحدّد بوزنها وعددها، وإما أن تكون على شكل سبائك أو أشكالًا أخرى مختلفة.
تحتاج المقايضة إلى سوق كبير تتوفر فيه جميع السلع والخدمات التي يرغب بها الأفراد؛ الأمر الذي أدى مواجهة بعض المشاكل بشأنها، فمع تطور المجتمعات وازدياد حاجات الأفراد وتنوعها لم تستطع المقايضة أن تواكب عملية التطور؛ مما أدى إلى ظهور النقود.
وظهرت النقود بداية في مدينة بابل منذ ما يقارب 2500 سنة قبل الميلاد، كما ظهرت في الصين منذ ما يقارب 2100 سنة قبل الميلاد، وفي القرن السابع قبل الميلاد ظهرت النقود كعملة مسكوكة لأول مرة في مدينة ليديا الواقعة غرب تركيا، وكان ذلك في عهد الملك كرويسيوس، وقد سُكت من الذهب والفضة بوزن ودرجة نقاوة محددة، وتمت الموافقة عليها وختمها رسميًا وتداولها.
وتلا ذلك ظهور العملات اليونانية، ففي سنة 630 ق.م ظهرت العملة اليونانية وقد رُسم عليها حيوانات ورموز دينية وسياسية، كما انتشرت العملة اليونانية في الدول الواقعة على البحر المتوسط بعد أن فتحها الإسكندر الأكبر، وكان الإسكندر الأكبر أول ملك طبع صورته على العملة النقدية، بعد تحقيقه لفتوحات وانتصارات كبيرة (والإسكندر المقدوني هو من أعظم ملوك التاريخ، وكان يُلقّب بثلاثة ألقاب، وهي: المقدوني، والكبير، والثالث).
وفي القرن السابع عشر اختُرعت آلة إصدار النقود وكانت تتميز بأنها مسننة الجوانب لضمان منع تزويرها.
أما ظهور النقود الورقية فكان على هيئة إيصالات ورقية يعطيها صائغ الذهب والفضة عندما يحتفظ الناس بالذهب والفضة لديه، فيُعطيهم إيصالًا يمثل وسيلة دفع قيمتهم، ثم أخذت الحياة الاقتصادية بالتطور أكثر فأكثر، وبدأ إصدار نقود ورقية يمكن تحويلها إلى ذهب تبعها إصدار عملات ورقية عن السلطات المالية العليا في الدولة والتي تتمثل بالبنك المركزي، وكانت هذه العملات تتميز بأنها لا يمكن تحويلها إلى ذهب وإنما تكمن وظيفتها في التبادل فقط.
التعليقات