المنظر الجميل للعاصمة الإدارية الجديدة بالأيادى

العاصمة الإدارية الجديدة، مشروع قومى جبار، يتم بسواعد مصرية، يعملون ليل نهار من أجل إنجاز المدينة فى وقت قياسى، لرسم مستقبل مشرق لمصر.

فى موقع مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة المصرية الجديدة كثيرًا ما سترى أناسا يحملون الحامل الثلاثى القوائم أو صندوق الجهاز الغامض وهم يسرعون فى المشى، كما سترى أحدا منهم تقترب عيناه إلى الجهاز الذى يشبه جهاز التليسكوب لينظر إلى المسافة البعيدة مع تنظيم إشارات يدوية إرشادية، هؤلاء أصحاب قصتنا اليوم، إنهم مهندسوا المساحة المصريين.

“المساحة عمل فنى”

الخطوة الأولى لعملية الإنشاءات، يستخدم فيها ميزان القامة وجهاز ناقل نقطة التحكم الأرضية وجهاز الرصد المتكاملة لإظهار إحداثيات ومنسوبة الارتفاع للمبانى.

عبد الله بدأ عمله كموظف جديد فى الشركة الصينية بصعوبة فكانت تظهر على وجهه علامات الحيرة، ولا يعرف من أين يجب أن يبدأ عمله، وبعد مساعدة المهندس الصينى، ليو هونغ شين، وقيادات الشركة ترسمت له ملامح أعمال المساحة، والتى تتمحور حول نقاط التحكم الداخلية للمبنى، ونقطة التحكم الداخلية لكل طابق، وخط التحكم الداخلى لكل طابق، والأكسات الرئيسية للأعمدة والحوائط.

لدى عبدالله، عادة جيدة وهى تسجيل إحداثيات المبانى فى وقت الفراغ، وبعد فترة ترسخت أشكال المبانى داخل فؤاده، فأصبح الزملاء يطلقون عليه لقب مهووس أعمال المساحة.

أخذ خبرة عميقة من أخطاء بدائية، ففى يوم ما قام المُعلم الصينى بتكليفه بمهمة مراجعة المساحة، وعلى الرغم من تمرسه فى أعمال المساحة، إلا أنه سهوا لم يقم بجعل جهاز محطة الرصد المتكاملة مستويا، فقام بتحويل قيمة الخطأ القياسى من 2 مليمتر إلى 2 سم، فكانت النتيجة زيادة كبيرة عن الحد الأقصى وهو 5 مليمتر، وهو ما أصاب مهندس دار الهندسة بذهول وأثارت حينها حالة كبيرة من البلبلة.

وبعد هذه الحادثة، أصبح دائم الحرص على مراجعة الجهاز مرارًا وتكرارًا قبل القيام بأعمال المساحة، ولهذا لم يكرر نفس الخطأ مرة ثانية، وليس هذا فحسب بل أصبح ملما بالعديد من المهارات، على سبيل المثال عندما يصبح الجو شديد الحرارة، أو عندما تصبح أشعة الشمس قوية تؤثر على مدى دقة قراءة الجهاز فلذلك يحرص دائما من التأكد من نصب  جهاز محطة الرصد المتكاملة جيدا قبل عملية المساحة كى يتأقلم الجهاز مع حرارة الجو وأشعة الشمس، ويتجنب التأثير السلبى للبيئة المحيطة على الجهاز.

وبالإضافة إلى ذلك، يهتم أيضًا بجمع البيانات الديناميكية من رسومات التصميم، ومع تقدم الإنشاءات يتم التحقق فى الوقت المناسب مما إذا كان مقاس خطوط الإزاحة للتحكم فى رأسية الحوائط تغيرت أم لا.

ويحتوى مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الجديدة، على 19 برجًا ولكل طابق 60 خطا محوريا، ولضمان الجودة، يحتاج مهندس المساحة محمد حسن، أولا إلى اشتقاق إحداثيات من رسومات الإنشاءات، ثم إستخدام جهاز المساحة ليعكسه على الأرض أو الطوابق، ثم تمرير نقطة التحكم عبر طريقة شد خط كى يصبح خط التحكم، وفى نفس الوقت يفرز محمد المعلومات على جهاز آر إف آى ويلخصها فى الدفتر لتقديمها إلى الإستشارى.

منذ بداية شهر أكتوبر، دخل مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الجديدة، المرحلة المهمة فى تنفيذ عملية الإنشاءات بسرعة، ولهذا تحتاج أعمال المساحة إلى العمل الإضافى، فكان يحمل محمد وزميله الصينى جهاز المساحة ويمشيان كل يوم نحو 10 آلاف خطوة.

وبالنسبة إلى معلمه الصينى، المهندس ليو هونغ شين، لدى محمد شعور خاص فهو يخاف منه ويحترمه، إذا طلب منه أن يلتزم بنظام ومواعيد العمل.

ويلتزم المهندس ليو هونغ شين، بنظام العمل وهذا ما يجعل محمد، يشعر بأنه رجل مخيف، حيث يقول المثل الصينى “المعلم الصارم يصنع المتعلم السالم”.

وبقيادة المهندس ليو هونغ شين، وإرشاده استطاع محمد أن يكمل العمل الصعب، وحصل على مدح الزملاء، وذات يوم كان هناك ازدحام مرورى فى طريق محمد إلى الدوام، وكان الاستشارى فى الموقع ينتظر حضوره حتى يستلم العمل، وعلى الفور قام المهندس ليو هونغ شين، بمبادرة لمساعدة محمد على إكمال عمله، وهو ما جعل محمد يشعر أنه شخص محترم.

ورغم عمله المجهد، إلا أنه يقوى مهاراته بعمله مع زميله الصينى، فهو متفهم للنظام الدقيق والفعال و روح التضامن والتعاون بين الزملاء لإدارة الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية.   العلاقة بين مهندس المساحة والمبنى تشبه العلاقة بين الأب وابنه، الذى يرى ابنه يترعرع أمام عينيه وقلبه يرفرف بالنجاح، وهذا هو السبب الحقيقى لاجتهادهما.

وفى سبيل تحقيق القيمة الشخصية، سيستمر عبدالله ومحمد مع زملائهما الصينيين فى رسم المنظر الجميل للعاصمة الجديدة، فمهندسوا المساحة هم الملامح المضيئة فى مواقع الإنشاءات.

التعليقات