مخطط قطر وإيران الخبيث لـ"تسييس الحج".. الأسباب والأبعاد

ما زال النظام القطري يواصل مخططاته الخبيثة مع دول المنطقة، فلا يترك مناسبة أو حادث حتى ولو كان دينيا إلا ويبث سمومه فيه لتحقيق مكاسب شيطانية معروفة للجميع، وفي الوقت الراهن يواصل نظام الحمدين مخطط "تسييس الحج" للعام الثالث على التوالي، في خطوة تعكس ضعفه، ولجوءه لأسلوب افتعال الأزمات في المنطقة.

مخطط قطر، دفع وزارة الحج والعمرة السعودية إلى التحرك، فأصدرت، بيانا دعت فيه السلطات المعنية في قطر إلى تسهيل إجراءات قدوم القطريين الراغبين في أداء مناسك الحج، وإزالة العقبات التي تفرضها الحكومة القطرية.

وأعلنت الوزارة السعودية رفضها الادعاءات الصادرة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية بأن "السعودية تضع العراقيل أمام من يرغب في زيارة المشاعر المقدسة من قطريين أو مقيمين على أرض دولة قطر لأداء مناسك الحج والعمرة".

وأشارت إلى مفارقة مفادها أن الرياض وفرت روابط إلكترونية لتمكين المواطنين القطريين والمقيمين في قطر من حجز أماكن إقامتهم والتعاقد على الخدمات التي يرغبونها أثناء الحج، وفي المقابل، عمدت الحكومة القطرية إلى حجب هذه الروابط عن المواطنين القطريين والمسلمين المقيمين على أراضيها.

أسباب تسييس الحج

وإمعانا في تسييس موسم الحج، رفض وفد قطري زار المملكة قبل عدة أشهر التوقيع على اتفاقية الحج مع السعودية، رغم أن الأخيرة دعته، كغيره من المسؤولين في الدول الإسلامية للقدوم إلى المملكة لترتيب قدوم الحجاج القطريين، طبقا لبيان صدر عن وزارة الحج والعمرة السعودية.

وتسبب إجراء الدوحة هذا في إضاعة الفرصة على شركات الحج القطرية، وحرمانها من القدوم إلى السعودية للاتفاق مع مقدمي خدمات الحجاج في المملكة.

ومنذ اندلاع أزمة قطر عام 2017، إثر مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لها، بسبب مواصلة الدوحة دعمها للإرهاب والتدخل في شؤون الغير، لجأت قطر لوضع العراقيل أمام الحجاج القطريين وأولئك المقيمين على أراضيها، مثل وقف وزارة الأوقاف القطرية تسجيل الحجاج، إلى جانب حجب المواقع المخصصة للتسجيل والتي توفرها السلطات السعودية.

رفض الإمارات لتسييس فريضة الله

وفي تعليقه على الممارسات القطرية، كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش على موقع "تويتر": "دعوة وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية الشقيقة دولة قطر إلى تسهيل إجراءات مواطنيها في أداء مناسك الحج واجبة وعاقلة، العقبات التي تفرضها قطر على حجاجها أهم سقطاتها في إدارتها لأزمتها، الأولوية أن لا تسيّس قطر الحج وهي تدرك ضعف منطقها وحجتها".

رفض السعودية لتسييس الحج

وذكر المستشار السابق لتطوير الأعمال في وزارة الحج والعمرة السعودية، بسام فتيني، أن تسييس الدوحة لمسألة الحجاج القطريين، يأتي استمرارا لنهج قطر، بعد إعلان الدول الأربع مواجهة الدوحة والممارسات التي ترتكبها.

وأضاف فتيني في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن محاولة قطر تسييس الحج ووضع العراقيل أمام حجاجها، يقابل بموقف سعودي واضح يرفض هذا الأمر ويشدد على ضرورة تقديم الخدمة لهؤلاء الحجاج أسوة بغيرهم.

وأشار إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمر باستضافة الحجاج القطريين على نفقته، وهي إشارة تظهر حرص المملكة على الحجاج القطريين.

ولفت فتيني إلى أن المملكة لا تقبل بتسييس الحج وتختصر الإجراءات على الحجاج القطريين، حتى لا يكون هناك حجة لدى الدوحة.

وساقت قطر سلسلة مزاعم في سياق محاولتها تسييس الحج، مثل الادعاء بأنه لا توجد قنصلية تخدم الحجاج القطريين أثناء أداء شعائرهم، ليرد المستشار السابق في وزارة الحج السعودية بالقول إن هذه المزاعم "لا أساس لها من الصحة، فمثلا وجود قنصلية من عدمها لا يؤثر على تقديم الخدمات للحجاج، خاصة مع توفير السلطات السعودية هذه الخدمات إلكترونيا".

إيران تتبع نهج قطر في تسييس الحج

كما تواجه إيران الدعوات والحكمة السعودية بعدم تسييس فريضة الحج بتعنت شديد، وإصرار على إقامة مناسك طائفية لا تمت للعبادة بصلة، فيما تحاول قطر الزج بالفريضة المقدسة في مربع أزماتها السياسية.

وتصر طهران على إقامة مراسم ما يعرف "بالبراءة من المشركين"، أما الدوحة فتواصل منع القطريين من أداء الحج، وتوظيف ذلك في أزمتها، للزعم بأن المملكة هي من تمنعهم.

ودعت السعودية، في بيان، قطر إلى إزالة العقبات التي تفرضها لمنع الحجاج القطريين من القدوم لأداء الحج، إلا أن صحف "الحمدين" خرجت، لتردد الأكاذيب القديمة نفسها، وتستعين بأسماء منظمات وهمية لدعم موقفها الهش، ردا على الدعوة السعودية.

المملكة وجهت دعوة أيضا لعدم رفع أي شعارات سياسية أو مذهبية خلال الحج والتفرغ للعبادة، إشارة إلى الشعارات التي يرفعها الإيرانيون بإيعاز من نظام المرشد علي خامنئي.

تلك الدعوة أكدتها الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ومجمع الفقه الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، مؤكدة أن إثارة الشعارات السياسية والحزبية والطائفية في هذه الشعيرة "يعد من الرفث والفسوق والجدال في الحج".

أبعاد تسييس الحج

ومع بدء توافد ضيوف الرحمن على المملكة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام تواترت دعوات إيران لحجاجها بإقامة مراسم ما يسمى بـ"البراءة من المشركين".

وإعلان "البراءة من المشركين" هو شعار طائفي ألزم مرشد إيران الخميني الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات "تتبرأ ممن يعتبرونهم مشركين"، باعتبار أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية إلى فريضة سياسية.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، عن مسؤول بعثة الحج الإيرانية عبدالفتاح نواب التمسك بإقامة تلك المراسم، زاعما أن "قضية البراءة من المشركين لا تضر العالم الإسلامي بل تؤدي إلى تقويته"، وبين أن تلك المراسم "ستجري في موسم العام الجاري".

وكان المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي جدد قبل عدة أيام دعوته لتسييس الحج، وذلك خلال استقباله المسؤولين والمعنيين بشؤون الحج في إيران.

ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" عن خامنئي قوله إن "الحج عمل سياسي وتكليف ديني"، زاعماً أن "البراءة من المشركين فريضة إلهية".

وفي كذب مفضوح استعانت جريدة "الشرق" القطرية ببيان منسوب لمنظمة وهمية تحمل اسم الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين.

وسبق أن فضحت ماليزيا مؤامرة قطر للمطالبة بتدويل الحرمين، بعد أن نشرت "الجزيرة" ووسائل إعلام "الحمدين" بيانات لمؤسسة وهمية تحمل اسم "الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين في ماليزيا"، تطالب بتدويل الحرمين.

كما زعمت "الشرق" القطرية، في تقريرها الصادر اليوم، أن الروابط التي أطلقتها السعودية هي روابط وهمية، متجاهلة قيام الدوحة دائما بحجب الروابط الإلكترونية التي تخصصها وزارة الحج والعمرة السعودية لاستقبال طلبات القطريين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة.

ويكثف إعلام الحمدين خلال تلك الأيام تقاريره المفبركة التي تستهدف تفزيع القطريين من أداء الحج، فيما تسعى الدوحة لعرقلة تسجيل الحجاج.

موقف سعودي حازم ضد مخطط قطر وإيران

وردا على مواجهة الإصرار الإيراني على تسييس الحج، وإطلاق شعارات سياسية ومذهبية، جاء الموقف السعودي واضحا وحاسما وحازما، وسط دعم وتأييد ومساندة لهذا الموقف من مختلف المؤسسات الدينية في المملكة والعالم الإسلامي، حرصا على أمن وأمن حجاج بيت الله الحرام.

وفي هذا الصدد جدد مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعه، الثلاثاء الماضي، دعوته حجاج بيت الله الحرام "ليتفرغوا لأداء شعائر الحج ومراعاة إخوانهم وخصوصية الأماكن المقدسة وروحانيتها والابتعاد عن كل ما يعكر صفو الحج وسكينته برفع أي شعارات سياسية أو مذهبية".

وشدد على أنه "أنه لن تقبل مثل هذه التصرفات بأي حال من الأحوال، وسيتخذ بشأنها الإجراءات اللازمة كافة، للحيلولة دون القيام بها وتطبيق ما تقضي به الأنظمة والتعليمات، حيال من يقدم على ذلك".

أما وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، فأكد أن هذه الدعوة جاءت متوافقة مع ما أمر به الله من وجوب أداء فريضة الحج بسكينة واطمئنان والبعد عن الرفث والفسوق والجدال.

بدورها أكدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أهمية المحافظة على مقاصد الحج الإيمانية، وتعظيم شعيرة الحج واستغلاله في بذل الطاعات والعبادات تقربًا لله، وعدم الخروج عن شعيرة هذا النسك العظيم برفع أي شعارات سياسية أو مذهبية.

بدورها أكدت أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي أهمية تعظيم قدسية الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والحرص على السكينة والأمن لحجاج بيت الله الحرام.

كما أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين أن الحج اجتماع إيماني، وليس محفلًا سياسياً لرفع الشعارات، ما يؤدي إلى إيذاء بقية الحجاج.

وأكدت وزارة الحج والعمرة السعودية، الحرص على تسخير كافة الإمكانيات لتسهيل قدوم الحجاج والمعتمرين من دولة قطر، أسوة بما تقوم به تجاه عموم المسلمين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة.

ورفضت وزارة الحج والعمرة الادعاءات الصادرة من وزارة الأوقاف القطرية، بأن حكومة المملكة تضع العراقيل أمام من يرغب في زيارة المشاعر المقدسة من قطريين أو مقيمين على أرض دولة قطر.

وشددت في الوقت ذاته على رفض المملكة التام لأي محاولة لتسييس الحج، واستنكارها إقحام المواقف السياسية المقررة والمعلنة بين البلدين، والتي لها ظروفها ومسبباتها السياسية في أمور الحج والعمرة.

وأكدت أنه يجب على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر تمكين الحجاج والمعتمرين القطريين والمقيمين في قطر من القدوم لأداء المناسك، من خلال جميع خطوط الطيران العالمية، ما عدا الخطوط القطرية، وعدم منعهم، ومساعدتهم على أداء مناسك الحج والعمرة دون إقحامهم في الأمور السياسية.

التعليقات