"سد النهضة" وحصار نشاط إسرائيل وإيران ملفات يحملها الشيخ عبدالله بن زايد للمناقشة في إثيوبيا

تعني كلمة أثيوبيا باللغة المحلية "الزهرة الجديدة"، وتعني للقوي الدولية والإقليمية، مركز القوي في القرن الإفريقي، لما تتمتع به ثروات وأرض خصبة للاستثمار، وهو ما قرب المسافة مع دولة الإمارات، التي ترتبط ببلاد الحبشة بمصالح اقتصادية وسياسية، سيتم مناقشتها، خلال زيارة الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية الإمارات إلى أديس أبابا الاثنين المقبل.

يحمل الشيخ عبد الله، عدة ملفات ساخنة، سيتم مناقشتها مع المسئولين الإثيوبين، بحسب محللين للأوضاع السياسية والاقتصادية في القرن الإفريقي، في مقدمتها العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، لاسيما أن الإمارات تأتي في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية، في حجم الاستثمارات الخليجية في بلاد الحبشة، التي تتنافس عليها قوى إقليمية، لقطف الزهرة الإثيوبية.  

ومن المتوقع أن تتطرق المناقشات بين الجانبين، للأزمة الأخيرة بين الإمارات و جيبوتي، بعد استيلاء الأخيرة غير الشرعي، علي ميناء "دورالية" من شركة موانيء دبي العالمية، وكيفية إيجاد ميناء تنتفس منه إثيوبيا الدولة الحبيسة، وهو ما يدفع في اتجاه وساطة إماراتية، لتصفية الأجواء بين إثيوبيا وإرتيريا.  

ليس هذا فحسب، فمناقشات "سد النهضة" ستكون حاضرة بقوة خلال هذا اللقاء، لتقديم رسائل طمئنة للقاهرة، من خلال وساطة إماراتية، تضع مصلحة مصر وشعبها، علي مقدمة أجندتها السياسية وعلاقاتها الدولية، وهو ما سينعكس علي تدفق مياه النيل لمصر.

حجم التبادل التجاري بين البلدين

تحتل الإمارات المرتبة الثانية، بعد السعودية في استثمارات دول الخليج في بلاد الحبشة، ووفقا لهيئة الاستثمارات الأثيوبية، ووزارة الاقتصاد الإماراتية، فإن حجم استثمارات أبناء الشيخ زايد في أثيوبيا، تقدر بنحو 3 مليارات دولار.

وتصل عدد المشروعات الإماراتية في بلاد الحبشة، إلي حوالي 92 مشروعا، منها 33 مشروعًا قائمًا، و23 مشروعًا قيد الإنشاء، فيما حصلت نحو 36 شركة إماراتية على تراخيص العمل اللازمة في مرحلة التجهيز.

وتأتي علي رأس الاستثمارات الإماراتية في أثيوبيا، مصنع شركة الخليج للصناعات الدوائية "جلفار"، الذي بدأ العمل منذ حوالي 4 سنوات، ومصنع رأس الخيمة للسيراميك، الذي يمتلكه رجال أعمال إماراتيون، بخلاف الاستثمارات في المطاعم والفنادق والزراعة.

وتعتبر أثيوبيا في الوقت الحالي، محطًا لأنظار القوي الدولية، بما تمتلكه من موارد طبيعة وإمكانيات، مكنتها من تحقيق نمو اقتصادي يصل لـ 10% سنويًا، منذ عام 2003 بعد استقرار أوضاعها السياسية، وانتهاء الحرب الأهلية، وهو ما جعلها ملاذًا للاستثمار الآمن، لاسيما دول الخليج، التي ترتبط بأبناء الحبشة بمصالح سياسية واقتصادية قوية.

علاقات الخليج وأبناء الحبشة

حرصت دول الخليج وفي مقدمتها دولة الإمارات، علي إيجاد موطئ قدم في القرن الإفريقي، التي تسيطر عليه دول إريتريا وجيبوتي والصومال، وتتحكم في الممر الملاحي علي البحر الأحمر والمحيط الهندي، وهو ما أعطي للمنطقة أهمية جغرافية واستراتيجية.

 وزادت أهمية القرن الإفريقي، بالتزامن مع الأزمة اليمنية، التي دفعت التحالف، الذي تقوده السعودية والإمارات، لتوطيد علاقاتهما بدول هذه المنطقة، لاسيما أثيوبيا "الزهرة الجديدة"، التي تعتبر ثالث أكبر دولة أفريقيا في جنوب الصحراء، من حيث المساحة وتعداد السكان والأهمية الاقتصادية، وهو ما يعطيها مكانة متميزة في القرن الإفريقي، كأبرز القوي الإقليمية والعسكرية.

والمتابع للمشهد في بلاد الحبشة، يجد أن ذلك انعكس بشكل مباشر، علي العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج وأثيوبيا، لاسيما أن الثانية، تمتلك ثروات طبيعية وبشرية كبيرة، ومناخا جاذبا للاستثمار، لاسيما في قطاع الزراعي والحيواني، وهو ما يؤمن الاحتياجات الغذائية لدول الخليج.

 فيما وجدت أثيوبيا في دول الخليج، مصدرًا مهمًا لتأمين احتياجاتها من النفط، وتوفير مصادر الطاقة لإنجاز وتمويل مشروعات البنية التحتية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما يساعد أثيوبيا الدولة التي أرهقتها الحروب والنزاعات القبلية لعقود، في احتلال مكانة في أفريقيا، مستغلة التدخلات السياسية، وتكالب عدة دول وقوي أقليمية، لإيجاد موطيء قدم في القرن الإفريقي.

بخلاف الأهمية الاقتصادية لأثيوبيا، تسعي دول الخليج من خلال هذا التقارب، لحصار النشاط الإسرائيلي الإيراني، وتطويق دورهما الذي يشكل تهديداً للأمن العربي والخليجي، لاسيما في قضية "سد النهضة"، الذي قد يحرم مصر من جزء من حصتها في مياه النيل، أو يؤثر بشكل مباشر علي الوضع المتأزم في اليمن.

كل هذه المعطيات، جعلت دولة الإمارات، تحتل مكانة خاصة في الاستثمارات في أثيوبيا، تسعي من خلال هذه المكانة، لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، والتصدي للقوي الإقليمية والدولية، التي تسعي لضرب الأمن القومي العربي والخليجي.

التعليقات