استضاف مجلس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقصر البطين، مساء اليوم، محاضرة بعنوان "مستقبل الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي" ألقاها الدكتور أندرو مكافي، عالم الأبحاث الرئيسي بكلية سلون للإدارة في معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا.
حضر المحاضرة الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والشخصيات العامة في الدولة إضافة إلى وفود من المجالس الشبابية ومجالس أدنوك، وطلاب وطالبات جامعة زايد، وجامعة خليفة، ومعهد التكنولوجيا التطبيقية.
وتولى عمر بن سلطان وزير دولة للذكاء الإصطناعي تقديم المحاضرة مؤكدا أن دولة الإمارات تجاوزت مرحلة المبادرة باتجاه الذكاء الاصطناعي إلى السعي لترسيخ ثقافة الذكاء الاصطناعي في المجتمع، وهو ما يعكسه إطلاق استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي إضافة لتعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي.
وأشاد المحاضر بما وصفه بـ"الإدراك المبكر" لدولة لإمارات بالدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في التنمية مستقبلاً، لافتاً إلى أنه باستخدام تلك التقنيات يمكن أن تتجاوز الدول تحديات مثل إيجاد مصادر جديدة للطاقة والكهرباء،إضافة إلى تأثير الذكاء الاصطناعي في قطاع الفضاء.
وسعى المحاضر إلى الإجابة على تساؤلات حملت مخاوف العديد من الموظفين حول العالم حول مدى تأثير نمو الاتجاه نحو الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبرمجيات على الوظائف التقليدية وغير التقليدية في المستقبل.
وعلى الرغم من إقراره بالنمو الكبير الذي شهده مستوى الذكاء التكنولوجي إلا أنه عاد ليؤكد أن ذلك لن يعني انتفاء الحاجة إلى العنصر البشري، مشيراً إلى العديد من العوائق التي ستحول دون الاستغناء عن العنصر البشري خصوصاً في المجالات القيادية والوظائف المرتبطة ببعض الممارسات الاجتماعية أو حتى العاطفية.
وشدد المحاضر على الفرص الهائلة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في تطوير الذكاء البشري، والذي سيكون مطالباً على الدوام بمواكبة سرعة التطورات التي يعمل البشر حول العالم على اسباغ التكنولوجيا بها.
وحاول المحاضر استشراف مستقبل التكنولوجيا والاتجاه الذي يمكن أن يسكله العالم في ظل التقدم التكنولوجي المذهل في عصرنا الحالي وما يصحب ذلك من آمال وتحديات تواجه المؤسسات والقادة والموظفين في العالم.
وأوضح أن مثل تلك المخاوف اجتاحت العالم إبان الثورات الصناعية، وتأثيرها على الوظائف التي سبقت الثورة ، مشيراً إلى قدرة العالم على التناغم مع الثورة الرقمية بشكل أو بآخر.
ويرى مكافي أن التقدم التكنولوجي ساهم في زيادة الإنتاجية ونمو الوظائف بشكل متناغم حتى العام 2011، حيث بدأت الوظائف تتراجع معللاً ذلك بعدم مواكبة مهاراتنا للتقدم التكنولوجي، إلا أنه أكد أن استمرار ذلك التراجع غير مؤكد وهو معتمد على مدى المتغيرات التي سيشهدها العالم في السنوات المقبلة.
وبين مكافي أن العلماء أعدوا لائحة من 175 قضية تمنع ذهن البشر عن العمل بشكل مميز، وهوما يشير إلى النمو المتوقع في استخدام تقنيات الذكاء الصناعي في المستقبل.
وشدد مكافي على أن القطاعات الاقتصادية ستكون الأكثر تأثراً بالذكاء الاصطناعي في ظل نمو الأتمتة وتفوقها على العمالة البشرية مشيرا الى قيام المؤسسات بتحويل عملياتها ونماذج أعمالها بهدف الاستفادة من إمكانيات "التعلم الآلي" واصفاً حجم الخسائر في هذا القطاع بـ"تشريد الآلة للعمال".
وشدد على أهمية إيجاد الحكومات لطرق التعامل مع هذا الوضع الذي سيكون أحد أهم محاور السياسات على مدى العقود القادمة، مشيراً إلى أن عدم التوصل إلى إجابة تؤمن تقاسم ثمار الأتمتة بما ينسجم مع قيمنا المشتركة ويحمي الفئات الضعيف فسيكون على البشرية مواجهة عدوها الحقيقي، وهذا العدو هو البشر أنفسهم.
وحذر المحاضر من إمكانية استخدام التقنيات من جانب بعض قوى الشر وتطويعها في عمليات تخريب وليس بناء المجتمعات مما سيكون عائقاً حقيقياً أمام توظيف التكنولوجيا في العديد من القطاعات، لكنه شدد على أن وصول تلك البيانات والأفكار ليس حصراً على أحد وبالتالي فإن إخفاء تلك الاكتشافات الجديدة لن يكون في متناول تلك الفئات حتماً.
وأكد المحاضر أن الآلات والتقنيات الماهرة في طريقها للإزدياد خصوصاً في المجالات الاقتصادية، وسوف يؤدي ذلك حتماً إلى أتمتة بعض الوظائف، وربما العديد منها. ومع ذلك، يرى الدكتور مكافي أن هناك أدلة على أن التغيرات السريعة التي تشهدها التكنولوجيا لن تؤدي إلى إنتاج آلات واعية وقادرة على الحلول محل البشر في المستقبل القريب.
والدكتور أندرو مكافي هو المؤسس المشارك والمدير المشارك لمبدارة الاقتصاد الرقمي وهو عالم أبحاث رئيسي في كلية سلون للإدارة بمعهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا حيث تركز أبحاثه على التغيير الذي تحدثه التكنلوجيا الرقمية على الشركات والاقتصاد والمجتمع، وقد حاز كتابه الذي ألفه في العام 2014 بعنوان "عصر الآلة الثاني" .. العمل والتقدم والازدهار في زمن التقنيات المذهلة على العديد من الجوائز المرموقة، وصنفته كل من صحيفة نيويورك تايمز، وول ستريت جونرال، من ضمن الكتب العشر الأوئل الأكثر مبيعاً.
التعليقات