نقابة علماء مصر تكرم خفاجي والخولي وسرحان كشخصيات قدموا خدمات جليلة للعلم في 2017

كرمت نقابة علماء مصر في حفل أقيم أمس الأحد بالقاعة الكبرى بنادى أعضاء هيئة التدريس جامعة الأزهر ثلاث شخصيات عن عام 2017  فى يوم الوفاء والتكريم لعلماء أثروا الحياة الاجتماعية فى الدولة المصرية وقدموا خدمات جليلة للعلم والمعرفة في الجوانب الاجتماعية .

وقام الدكتورعمرو عزت سلامة أمين عام اتحاد الجامعات العربية بتكريم هذه الشخصيات المتميزة وأعلن الدكتور عبد الله سرور وكيل المؤسسين في كلمته الافتتاحية أن الاختيار تم بناء على استفتاء موسع للعلماء لاختيار شخصية عام 2017.

وقال أن تكريم الدكتور محمد خفاجى ليس بصفته قاضيًا لأن القاضى لا يكرم بل لأنه من فلاسفة وفقهاء القانون العام في هذا العصر وهو امتداد لرسالة المدرسة الفقهية المصرية العريقة بأبحاثه المستنيرة الوطنية فى مجال سد النهضة ومكافحة الارهاب وحقوق المرأة والطفل ورعاية المعاقين.

والمكرمون هم الأساتذة الدكاترة معوض الخولي رئيس جامعة المنوفية، عبادة سرحان رئيس جامعة المستقبل، على عطائهما المتميز في تطوير التعليم وفقاً لمعايير الجودة والمستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة المصري لتميز عطائه في مجال العلم القانوني وأثره على المجتمع.

  وقال الدكتور محمد خفاجى في كلمته أمام حفل تكريم العلماء " أنه إذا كان عميد الأدب العربى طه حسين قد قرر مجانية التعليم عند تعيينه وزيرا للمعارف في يناير عام 1950 في حكومة النحاس باشا وقال قولته الشهيرة أن التعليم حق للجميع كالماء والهواء فإن الاكتشافات العلمية الحديثة التي تتوالي بسرعة فائقة وصعوبة ملاحقة مناهج التعليم‏ لها،‏ والأحداث التى مرت بها البلاد وتوالت عليها منذ ثورة يوليو 1952 حتى ثورة 11 يناير 2011 والتجربة الخصبة من سلبيات وايجابيات وبعد هذه التجربة القاسية يمكننى أن اُضيف إلى مقولة عميد الأدب العربى أنه يلزم للتعليم أن يكون الماء نظيفاً وليس راكداً ويلزم أن يكون الهواء نقياً وليس ملوثاً".

وأضاف الدكتور محمد خفاجى أمام حفل تكريم العلماء: وللإنصاف فإن ثورة 25 يناير 2011 كانت كاشفة وليست منشأة كاشفة عن التدهور الذى وصل إليه التعليم خلال عقود زمنية مضت من ضحالة النظام التعليمى والإهمال فى رعاية الموهبين حيث كانت النمطية الصفة الغالبة على الأداء ,فالتدهور الحقيقى للتعليم بدأ حينما رفضنا فلسفة المعارف العمومية وحولناها إلى منهج أخلاقى فقط للتربية والتعليم يقتصر على المنزل والمدرسة وتم تبعيض المعارف العمومية إلى عدة شعوب منعزلة مما يتعين معه استنهاض الهمم بإنشاء المدرسة المصرية الحديثة فى إعادة الخطاب العلمى  ليتعايش مع إيقاع معطيات العصر.

وأشار الدكتور محمد خفاجى فى كلمته: أنه إذا كان الإنسان المصرى القديم قد استطاع أن يشيد الأهرامات الشامخة من الحجر شاهدة على الحضارة شاخصة على الزمن، ولم تتبدل ولم تتغير من مكانها المكين ولو انتقل القلب من اليسار إلى اليمين، أقول إذا كان الإنسان المصرى القديم قد استطاع أن يشيد الأهرامات من الحجر فإن الإنسان المصرى الحديث يستطيع أن يشيد هرمًا آخر مادته من البشر، وحتى يتحقق ذلك يجب أن يكون شعارنا ديمقراطية الكفاءة لا ديمقراطية الثقة.

وأكد الدكتور محمد خفاجى أمام العلماء: أن الاستقرار هو الطريق المستقيم والقاطرة التى تجذب إليه الحضارة ذلك أن الحضارة ليست استاتيكية  لكنها ديناميكية لها أليات تتطلب للنفوذ إليها دعائم الاستقرار، فالاستقرار الاَمن والمستمر هو الحاضن للإبداع والفكر والثقافة والمشهد الحضارى بصفة عامة، ومن واجب الإنصاف فى هذا المطاف أن مؤشرات الاستقرار التى نلمسها حاليًا فى البلاد هى نتاج تنامى الوعى العام بأهمية ذلك الاستقرار وربطه بمساره الطبيعى المتمثل فى الأداء غير النمطى فى العملية التعليمية التى تحتاج إلى المزيد والاتقان فى البناء التعليمى ككل.

وأوضح الدكتور محمد خفاجى في كلمته أمام العلماء  أنه في حضرة العلماء أركز حديثى على نقطتين تمس التعليم الأولى تتعلق بضرورة استحداث نظام جديد لقبول الأطفال المبدعين بحيث لا يعتمد على مسألة سن الأطفال فحسب، والثانية تتعلق  بتحديد مفهوم مبدأ استقلال الجامعات، لقد كنت مشغولاً ومهموما بهاتين المسألتين، إن الإبداع صار أمرا ضروريا  لبناء المجتمعات القادرة على مواجهة التحديات بأشكالها المتباينة، وابتكار الحلول لمشكلاتها الراهنة والمستقبلية، وإنتاج المنجَزات الحضارية التي تكفل لهذه المجتمعات البقاء والنمو  بحسبان أن الإبداع فعلاّ مكتسباً لا يقتصر على أمة دون أخرى أو مجتمع دون آخر، لكونه  قابلا للتعليم والتعلم والاكتساب إذا ما توافرت من أجله الجهود وتحمّست له الإرادة الحرة، وهذا الأمر لا يتقيد ببلوغ التلاميذ العباقرة سنا معينة طالما توافر لديهم كل المقومات اللازمة للإبداع فكل فرد مبدع أو له قابلية للإبداع إذا هُيئت له الظروف المناسبة لهذه العملية فأسس المفاضلة للأطفال المبدعين يجب أن تقوم على مبدأ الجدارة والتفوق وليس على مبدأ الأقدمية فى السن بحيث يتمشى المدارس العلمية الحديثة فى ظل الأنظمة الديمقراطية المعاصرة.

وقال الدكنور خفاجى في حفل التكريم: إن مبدأ استقلال الجامعات بات الركن الأساسي لتقدم المجتمعات لذا حرص المشرع العادى على النص عليه وارتفع به المشرع الدستورى إلى مصاف المبادئ الدستورية وهذا المبدأ مستمد من حق أعضاء هيئة التدريس والعلماء في تعليم الأجيال للمساهمة في رقى الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية ليكون ثمرته تزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء في مختلف المجالات، فهو يعد مظهرًا من المظاهر الأصيلة في نقل المنهج العلمى للغير، وأنه يجب احترام التعددية في المذاهب العلمية التى تنشأ في المجتمع العلمى، وأن حقيقة وجوهر مبدأ استقلال الجامعات يكمن في الاستقلال المنهجى بالمفهوم الكامل من النواحى الفكرية  والابداعية والاجتماعية فهو ليس استقلالاً ماليا وإداريا وعلمياً فحسب فالأستاذ هو وحدة الجامعة لا سلطان عليه إلا لضميره العلمى  دون تأثير عليه، ذلك أن من مقتضيات مناخ الحرية بلا ريب حرية البحث العلمى، ولا يخفى على أحد أن ما كشف عنه التصنيف العالمي من احتلال الجامعات المصرية لمراكز متدنية من بين جامعات العالم رغم أن الجامعات المصرية أسبق من كثير من تلك الجامعات في التقدم العلمى تاريخيا كان بسبب القيود التى كبلت بها عقود زمنية مضت حرية البحث العلمى وحرية أستاذ الجامعة.

واختتم الدكتور محمد خفاجى كلمته أمام علماء مصر بقوله أننى أشكر كل من علمنى حرفاً طوال حياتى التعليمية كما أشكر كل من علمنى أيضا في حياتى المهنية على منصة القاضى. وأنه إذا أراد المجتمع تحقيق التقدم والتنمية فعليه الاهتمام بالعلم والعلماء كما أننى بدأت بقول شهير لعميد الأدب العربي طه حسين فإننى اختتم قولى أيضاً بقول شهير له حينما ذهب بعد ثورة يوليو 1952 إلى أحد الحقول وأمسك بالسنابل وقال ببصيرته وليس ببصره هذه ثمار يجتنيها من يعملون ودرسا للذين لا يريدون لغيرهم ألا يعملوا.

وقد حضر الحفل لفيف كبير من علماء مصر وعدد من رؤساء الجامعات ونوابهم والعمداء والشخصيات العامة والدكتور محمد حسن عويضة رئيس نادى أعضاء هيئة بجامعة الأزهر والعالمة الكبيرة الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة التى أشادت في كلمة لها بكلمة الدكتور خفاجى وحضر المستشار إسلام الشحات عضو مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة وبعد انتهاء مراسم التصفيق العادية دعا أحد الأساتذة الحضور إلى الوقوف تحية واحتراما لاختيار هذه الشخصية ضمن الثلاثة المكرمين وهو ما قوبل بالترحيب والإجماع.


التعليقات