الوليد بن طلال أمير ملياردير ومتهم حاليا.. قصة حفيد الرئيس والملك الذي حصد الثروة والألقاب

لم يكن يتصور أحد أن تخرج أخبار الملياردير السعودي الوليد بن طلال من صفحات المال والأعمال والمجتمع إلى صفحات الجريمة والمحاكم، فالرجل الذي تلقى تعليمًا غربيا وصاهر عائلة سياسية لبنانية واستثمر في عدة دول عربية كانت أخباره ملء السمع والبصر لكنه قبل يومين أصبح فجأة متهما في قضايا فساد.

فقد شهدت المملكة العربية السعودية انتفاضة لمكافحة الفساد قبل يومين أطاحت بالأمير الوليد بن طلال أحد أكبر رجال الأعمال والأكثر تأثيرًا وثقلا في الاقتصاد السعودي، والذي بلغت ثروته بحسب آخر إحصائية لمجلة فوربس الأمريكية نحو 17.2 مليار دولار.

ويرأس "بن طلال" مجلس إدارة شركة المملكة القابضة التي تأسست عام 1980، وبدأت مشاريعها في مجال البناء والمقاولات، حتى أصبحت الآن أحد أنجح الشركات العالمية في هذا المجال.

وقد تدهورت أسهم شركة المملكة القابضة وخسر الوليد بن طلال ما قيمته 750 مليون دولار، بعدما اُوقف السبت، من بين 17 أميرًا سعوديًا على الأقل وكبار المسؤولين السعوديين، في إطار إجراءات جديدة لمكافحة الفساد في المملكة.

وأصدرت شركة المملكة القابضة بياناً جاء فيه، أنها على علم بأنباء إيقاف الأمير وليد بن طلال، مشيرة إلى أنها مستمرة بنشاطها بالشكل الاعتيادي.

وانخفضت أسهم شركة المملكة القابضة في المملكة بنسبة 9.9% قبل أن تغلق على انخفاض نسبته 7.6% في الرياض، ويمتلك الأمير وليد نسبة 95% من الشركة التي يقع مقرها في الرياض، ولديها سلسلة عقارات وفنادق وأسهم حول العالم وتملك حصصًا بشركات عالمية مثل مجموعة "سيتي" وتويتر، وآبل، وفندق بلازا في نيويورك.

أما نسبة الـ5% المتبقية من الشركة، فهي مطروحة في السوق السعودية، ويُذكر، أن قيمة شركة المملكة القابضة بلغت حوالي 10 مليارات دولار، قبل هبوط سعر الأسهم، الأحد.

وقد تم توقيف 17 أميراً سعودياً على الأقل وكبار المسئولين السعوديين، في إطار عملية مكافحة الفساد في المملكة بتوجيهات من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بعد تشكيله لجنة لمكافحة الفساد ترأسها نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ووصف مراقبون انتفاضة مكافحة الفساد بالأمر الجلل غير المسبوق، فمنذ سنوات عدة لم تشهد المملكة السعودية مثل هذه الإجراءات التي أطاحت بعشرات من الوزراء السابقين في حملة وصفت بالتطهير.

وقد ثار جدل بعد توقيف الأمير الوليد بن طلال، بتهم تتعلق بالفساد في السعودية، لما له من مكانة بارزة في أسواق المال والأعمال، وما يمتكله الملياردير من نفوذ اقتصادي واسع وقلق على مصير استثماراته في السعودية وخارجها.

ولد الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود في الرياض والذي يبلغ 62 عامًا، في 7 مارس 1955، وهو الابن الثاني للأمير طلال بن عبد العزيز، وأمه هي منى الصلح ابنة رياض الصلح أول رئيس وزراء للبنان بعد الاستقلال في سنة 1943.

ويعتبر رجل الأعمال السعودي من أكبر المستثمرين في العالم، وفي العام 2004، أدرجت مجلة فوربس الوليد كرابع أغنى رجل بالعالم بثروة تقدر بـ 21 مليار دولار بعد ذلك بسنوات صنفته المجلة الأمريكية عام 2009 في الترتيب 22 من أغنياء العالم بثروة تقدر بـ 13.3 مليار دولار وفي عام 2010 ارتفع ترتيبه إلى 19 من أغنى أغنياء العالم بثروة تقدر بـ 19.4 مليار دولار.

جده لوالده هو الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، وجده لأمه هو رياض الصلح رئيس أول حكومة استقلالية في لبنان، وحصل الأمير الوليد على درجة البكالوريوس في العلوم الإدارية والاقتصادية بامتياز وتخرج من كلية مينلو Menlo College في ولاية كاليفورنيا 1979.

ويرأس الوليد بن طلال مجموعة شركات روتانا، والتي تعتبر الذراع الإعلامي للأمير، والتي تتخصص أيضًا في مختلف المجالات الإعلامية حيث تشمل 12 قناة تلفزيونية ومحطات إذاعية.

حصل الوليد بن طلال على 173 لقبا عالميا من مجلات وشركات بحثية معتمدة، كان آخرها عام 2014، عندما دخل اسمه ضمن مؤشر بلموبيرج لأصحاب المليارات، وتم تصنيفه في صدارة قائمة أقوى 100 اقتصادي عربي، وفي عام 2013صنفته مجلة فورن بوليسي ضمن أقوى 500 شخصية في العالم.

حصل الوليد بن طلال على 23 دكتوراه فخرية من مختلف جامعات العالم، وفي مختلف المجالات ما بين الآداب وإدارة الأعمال والقانون والعلوم الإنسانية والتجارية وغيرها، كما حصل على 72 وسامًا وميدالية من عدد من زعماء ومنظمات العالم، كان أولها وسام رئيس الجمهورية الإيطالية عام 1997، نظيرًا لإنجازاته الاقتصادية والإنسانية، وآخرها عام 2014 وهو وسام نجمة الشرف من الدرجة العليا منحه إياه الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

كان في السابعة، عندما انفصل والداه وذهب للعيش مع أمه في بيروت، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة غابة الصنوبر في بيروت، وبدت طبيعة الأمير المتمردة تتضح في المدرسة عندما كان يعتاد الفرار والتغيب بدون إذن، وبحلول عام 1968، أجبره والده على الالتحاق بكلية الملك عبد العزيز الحربية في المملكة، وفي عام 1974 عاد الأمير ثانية إلى بيروت، والتحق بمدرسة الشويفات.

بدأ الوليد بن طـلال مزاولة نشاطاته الاستثمارية والتجارية عند عودته إلى السعودية بعد حصوله على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1979 وأسس في حينها العديد من المشاريع تحت مظلة "مؤسسة المملكة للتجارة والمقاولات" التي حققت نمواً سـريعاً بالتركيز على أعمال الإنشاء وتطوير البنية التحتية والمشاريع العقارية، وتنوعت أعمال المؤسسة فأصبحت تمتلك استثمارات في قطاعات متعددة.

وفي عام 1996 تم تحويل المؤسسة إلى شركة المملكة القابضة التي تقوم بإدارة استثمارات متنوعة في مجالات البنوك المحلية والعالمية، والإنتاج الإعلامي ومحطات التلفزيون الفضائية، وصناعة الفنادق والترفيه والسياحة، وأعمال تطوير العقارات والمشاريع الإنشائية، وصناعة الإلكترونيات، وصناعة معدات الكومبيوتر وإنتاج برامجه، ومجال الإنترنت والتجارة الإلكترونية، وقطاع التجارة والمتاجر الفاخرة، والأسواق المركزية، وتصنيع السيارات والمعدات الثقيلة، والمشاريع الزراعية.

يمتلك الوليد بن طلال مؤسسة خيرية باسم "مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية والإنسانية"، تنطوي تحت هذه التسمية ثلاث مؤسسات في المملكة العربية السعودية ولبنان وأخرى تشمل جميع أنحاء العالم.

يمتلك الوليد بن طلال سجلا حافلا من الإنجازات الاقتصادية والاستثمارات لكن أحدًا لا يمكنه الجزم ما إذا كان الأمير الملياردير سيخرج حرًا طليقًا لتزداد ثروته، أم أن نهايتة قصة صعودة ستتوقف طويلًا خلف أسوار السجن.

التعليقات