الإمارات تواصل شق طريقها نحو المستقبل بكل عزم.. والمريخ هدفها المقبل

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة شق طريقها نحو المستقبل بكل عزم لتكون في الريادة في جميع المجالات معززة تجربتها الوحدوية الناجحة بخطوات جديدة تبهر العالم كل يوم.

وستتحول دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الـسنوات الثلاث المقبلة إلى ورشة عمل عالمية لا تهدأ في مجال الفضاء لتكون في مصاف الدول الرائدة عالمية في هذا المجال بحسب وكالة أنباء الإمارات "وام".

وتطمح الدولة - حسب الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 - إلى جعل عام 2020 علامة فارقة من خلال انجازاتها الفضائية وذلك عبر إطلاقها مسبار "الأمل" والمخطط وصوله إلى المريخ في العام 2021 تزامنا مع ذكرى مرور خمسين عاما على قيام اتحاد دولة الإمارات فضلا عن استضافة الدورة الـ 71 للمؤتمر الدولي للفضاء عام 2020 وهو الأكبر من نوعه على مستوى العالم.

والبرنامج الفضائي الإماراتي ليس نوعا من الرفاه و لا عملا روتينيا وإنما يمثل برنامجا طموحا ينتظر أن يؤتي ثماره بدعم من القيادة الرشيدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة .

حلم الشيخ زايد الفضائي أصبح حقيقة

و كان مجلس الوزراء قد اعتمد خلال جلسته صباح 4 سبتمبر 2016 برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" في قصر الرئاسة بأبوظبي مشروع السياسة الوطنية للفضاء لدولة الإمارات، وهي المناسبة التي أكد بشأنها أن دولة الإمارات ومنذ قيام الاتحاد خطت خطوات سباقة بفضل رؤية مؤسسيها للانضمام إلى مجتمع الفضاء الدولي وتسعى اليوم لتسابق دول العالم في هذا المجال وتكون الريادة لها قبل حلول اليوبيل الذهبي لقيام الدولة.

وكشف محمد بن راشد آل مكتوم، حينها عن معلومات مهمة ربما غابت عن كثير من الباحثين والمتخصصين في الشأن الاماراتي وهي أنه " كان للقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" نظرة ثاقبة خلال استقباله وفد وكالة الفضاء الأميركية " ناسا" في عام 1976 ليوصل رسالة إلى شعبه وإلى شعوب المنطقة والعالم بأن طموحاتنا الإماراتية والعربية لا تعرف حدودا وليرسم لدولة الإمارات طريقا لمواصلة أمجاد أجدادنا في معارف الفلك والملاحة والفضاء" .

وهذه المعلومات تعكس قدر طموحات القائد المؤسس والذي سعى منذ أربعة عقود ونيف للتعرف هذا الحلم والسعي لتنفيذه .

و غزو الفضاء الخارجي ليست مهمة مستحيلة على الإمارات التي قام على بنائها رجال آمنوا بأهمية العلم وقداسة الفرد ونهلوا من مدرسة القائد المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" الذي ما انفك خلال كل سني عمره يبشر بالعلم ويدعو له ويؤكد أهمية بناء الانسان .. رجل امتلك رجاحة العقل و الذكاء والاخلاص ليكون على الدوام قدوة لمن بعده لتواصل الإمارات طريقها نحو مستقبل زاهر .

ومن هذا المنطلق الإمارات ليست غريبة و لا بعيدة عن استكشاف الفضاء .. ولم تنطلق من فراغ في التطلع لاستكمال طموحات بدأتها بالفعل منذ سنوات مضت عبر سلسلة متواصلة من الخطوات التي كان يخطط لها أن تبلغ منتهاها في يوم من الأيام.

عام 2020 المريخ وجهتنا

وطموح الإمارات لاستكشاف الفضاء ليس حلما على ورق ولا شعارا تدغدغ به المشاعر لكنه حلم مشروع لدولة نجحت في أن تكون في مصاف النخبة قادرة على ترجمة الحلم إلى واقع في ضوء انجازاتها ومؤشراتها العالمية الحالية.

لذا لحقت الإمارات بركب الفضاء بناء على معطيات واقعية وعبر اعتماد سياسة وطنية تترجم الطموح إلى خطط وبرامج عمل تنفيذية لاسيما على صعيد مأسسة هذا العمل منذ بداياته كركيزة أساسية يتكئ عليها هذا المشروع المستقبلي الواعد.

و منذ أن أعلنت دولة الإمارات عن خططها الاستراتيجية الطموحة لإطلاق مشروع استكشاف المريخ أصبح استكشاف الفضاء محور اهتمام ومصدر إلهام للجميع وتقع مسؤولية تحقيق هذا الهدف السامي الآن على وكالة الامارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء الذي يتولى عملية تصميم وتصنيع وإطلاق "مسبار الأمل" تحت إشراف وكالة الإمارات للفضاء وبتمويل مباشر منها.

ومن المقرر انطلاق المسبار في عام 2020 على أن يقطع 60 مليون كيلو متر في رحلة تستغرق تسعة أشهر للوصول إلى المريخ عام 2021 تزامنا مع الذكرى الخمسين لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

وبذلك تواصل الإمارات سعيها لأن تكون بوابة العالم العربي والإسلامي في عالم استكشاف الفضاء من خلال إطلاق أول مسبار عربي إسلامي إلى المريخ خلال ثلاث سنوات وطموحها قد يجعلها الدولة الرابعة في العالم وصولا إلى المريخ والأولى عربيا.

.خليفة سات.

ويعمل " مركز محمد بن راشد للفضاء " حاليا على تطوير قمر اصطناعي هو " خليفة سات" تمهيدا لإطلاقه في العام 2018 ليكون أول قمر صناعي يتم تصنيعه وتطويره بأيد إماراتية بنسبة 100 بالمائة داخل مختبراته.

و من المقرر أن يصبح "خليفة سات" القمر الصناعي الأكثر تطورا في العالم بفضل التقنيات والابتكارات المعقدة والمتطورة التي توفر خدمات التصوير الفضائي عالي الجودة لقطاع كبير من العملاء حول العالم .

وستشمل مهامه اكتشاف التغيرات المناخية وإدارة الإغاثة في حالات الكوارث وتقديم معلومات جغرافية إضافة إلى رسم خرائط وتضاريس للاماكن المطلوبة.

وكان محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي قد أطلق في 29 ديسمبر عام 2013 من مقر مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنيات المتقدمة في دبي المراحل التنفيذية لبناء القمر الاصطناعي "خليفة سات" ليكون بذلك أول قمر اصطناعي بإنتاج عربي خالص يطلق مرحلة جديدة لدخول المنطقة العربية عصر التصنيع الفضائي والمنافسة في مجال علوم الفضاء وارتيادها.

و أكد أنه بهذه المناسبة حينئذ أن المشروع الجديد "خليفة سات" رسالة لكل العرب بأن لحاقنا بعصر الفضاء ليس بعيدا ولا مستحيلا وأن دولتنا ستكون رائدة في هذا المجال ولدينا الثقة والشجاعة للدخول في منافسة الدول الكبرى في هذا الميدان.. و أهدى هذا الإنجاز العالمي للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" وقال :" يغمرنا جميعا الفخر حين نرى أبناء وبنات الإمارات يشكلون أول فريق عربي يتمكن من بناء قمر اصطناعي بنسبة 100 بالمائة وإطلاقه للفضاء في العام 2018 بإذن الله".

ولم تكتف الإمارات بتنويع أحلامها الفضائية بل وضعت أهدافا استراتيجية وخططا دقيقة لتحقيق هذا الإنجاز بفضل تأسيس وكالة الإمارات للفضاء والعديد من المؤسسات وإبرام شراكات مع أبرز العلماء والاختصاصيين العالميين والبحث عن تعاون مع دول العالم لتكون في الصف الأول مع الدول العاملة بعلوم الفضاء بحلول عام 2021 حسبما أكد الدكتور محمد الأحبابي مدير عام الوكالة.

الإمارات.. إعمار و استيطان الكوكب الأحمر

وتدخل الإمارات مجال الفضاء برؤية عالمية وتتبنى خططا طموحة في هذا المجال وتمضي في طريقها نحو المريخ .. وأعلنت سعيها لبناء أول مدينة متكاملة عليه لتكون بذلك أول دولة عربية تفكر في استغلال " الكوكب الأحمر".

و يستهدف مشروع " المريخ 2117" في مراحله النهائية "بناء أول مستوطنة بشرية على المريخ خلال مائة عام من خلال قيادة تحالفات علمية بحثية دولية لتسريع العمل على الحلم البشري القديم في الوصول لكواكب أخرى.

وعمل على هذا المشروع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "حفظه الله" مع أخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة "رعاه الله".

وشدد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في هذا الصدد أن المشروع يستهدف بالدرجة الأولى بناء قدرات علمية ومعرفية إماراتية وتحويل الجامعات الإماراتية إلى مراكز بحثية.

ومن المقرر أن يبدأ المشروع بفريق علمي إماراتي يتوسع خلال الفترة القادمة لضم علماء وباحثين دوليين لتسريع الخطوات البحثية لإيصال البشر للكوكب الأحمر خلال العقود القادمة.

كما يستهدف المشروع استكشاف وسائل التنقل والسكن والطاقة والغذاء على كوكب المريخ والسعي لتطوير وسائل نقل أسرع للوصول والعودة من الكوكب خلال مدة أقصر من المدة المستغرقة في الوقت الحالي.

و من المنتظر أن يجعل هذا المشروع من دولة الإمارات واحدة من أهم 9 دول في العالم تستثمر في علوم الفضاء.. وهو ما أكد عليه الشيخ محمد بن راشد في هذا الشأن وقال : "نسعى من خلال المشروع الجديد لتقديم إسهامات علمية للمعرفة البشرية .. ودولة الإمارات أصبحت جزءا من حراك بشري لاستكشاف الفضاء".. وأضاف: "لا حدود لطموحات البشر إلا خيال البشر.. والذي ينظر للقفزات العلمية في القرن الحالي يؤمن بأن قدراتنا البشرية يمكن أن تحقق أهم حلم بشري".

محمد بن راشد ومحمد بن زايد يطلقان "برنامج الإمارات الوطني للفضاء"

وفي هذا المضمار تواصلت الخطوات العملية والعلمية لتحقيق هذا الحلم بعدما اعتمد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم  والشيخ محمد بن زايد آل نهيان في شهر أبريل الماضي استراتيجية "البرنامج الوطني للفضاء" التي تعد أكبر خطة علمية متكاملة في المنطقة تتضمن إنشاء أول مدينة علمية لمحاكاة الحياة على المريخ وتضم متحفا ومختبرات متخصصة إضافة إلى مختبر تجارب انعدام الجاذبية والبرنامج العربي لاستكشاف الفضاء وإطلاق أكبر منتدى لعلماء المريخ في العالم.

كما أطلقا مجمع تصنيع الأقمار الصناعية ضمن مركز محمد بن راشد للفضاء لتكون الإمارات بذلك أول دولة عربية تقوم بتصنيع الأقمار الصناعية بشكل كامل وتصل كوكب المريخ في عام 2021 وتنشئ مستوطنة دائمة على الكوكب الأحمر بحلول العام 2117.

وقال الشيخ محمد بن راشد في تصريحات له بهذه المناسبة حينئذ إن "برنامجنا الوطني للفضاء يشكل أرضية صلبة لبناء كوادر إماراتية تخصصية في علوم الفضاء ويهدف إلى تأهيل أجيال قادرة على عمل إضافات نوعية للمعرفة الإنسانية.. وأضاف " نهدف لإرسال أول رائد فضاء إماراتي للفضاء خلال السنوات المقبلة لأن الإمارات هي الأسرع والأقدر على هذا التحدي وسنعمل من اليوم على تدريب وإعداد أول رائد فضاء إماراتي وعربي ينضم إلى فريق العلماء في محطة الفضاء الدولية".

فيما اعتبر الشيخ محمد بن زايد أن " الاستثمار في الفضاء استثمار في عقول إماراتية وكوادر عربية وعلوم تخصصية تصل بدولة الإمارات لنجاحات جديدة.. وقال : "نخطط للعقود القادمة من الآن.. لأن أجيال المستقبل الإماراتية تستحق الأفضل.. وأن شبابنا قادرون على تقديم إضافة علمية نوعية في التخصصات كافة ".

أول و أكبر مدينة فضائية في قلب الامارات

ويشمل مشروع "المريخ 2117" العديد من المشاريع من بينها إنشاء "مدينة المريخ العلمية" أول وأكبر مدينة علمية في الإمارات لمحاكاة واختبار أنماط الحياة على كوكب المريخ .

ويتضمن المشروع مختبرات متطورة تحاكي تضاريس الكوكب الأحمر وبيئته القاسية وسيتم تنفيذه باستخدام تقنيات متطورة للطباعة ثلاثية الأبعاد وعزل الأشعة والحرارة وسيعمل على استقطاب أفضل العلماء والتجارب العلمية من حول العالم.

يأتي هذا المشروع ضمن خطة أكبر أعدتها الإمارات بعنوان "استراتيجية المريخ عام 2117" والتي تتضمن تأسيس قاعدة كاملة قابلة لاستضافة البشر للحياة على كوكب المريخ ويمكنها إيواء نحو 600 ألف إنسان وإمدادهم بالأكسجين الكافي ووسائل المواصلات وسبل الحياة الطبيعية.

و يعتبر " مشروع مدينة المريخ العلمية " آخر المشاريع الإماراتية المتعلقة بالفضاء التي تم الإعلان عنها مؤخرا لتكون المدينة الفضائية الأولى من نوعها التي ستتخذ من داخل حديقة مشرف بدبي مقرا لها بتكلفة 500 مليون درهم على مساحة أرض تبلغ مليونا و900 ألف قدم مربعة لتشكل بذلك أكبر مدينة فضائية يتم بناؤها على الأرض ونموذجا عمليا صالحا للتطبيق على كوكب المريخ.

وها هي انجازات الامارات في مجال الفضاء وعلومه تتوالى ويشهد لها العالم ويأتي التكريم العالمي بالإعلان عن فوز الإمارات باستضافة الدورة الـ 71 للمؤتمر الدولي للفضاء عام 2020 الأكبر من نوعه على مستوى العالم منذ انطلاقه في العام 1950 .

وقد أعلن عن هذا الحدث خلال حفل أقيم ضمن فعاليات الدورة الأخيرة للمؤتمر في أستراليا وهي المرة الأولى الذي يمنح حق استضافة هذا الحدث العالمي لدولة عربية وإسلامية.

و قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهذه المناسبة: " فخور بفوز الإمارات باستضافة مؤتمر الفضاء الدولي 2020 بحضور 5000 من العلماء والرواد والمتخصصين.. إنجاز مستحق لدولة الإمارات في مجال الفضاء"..

ونوه بقيمة هذا الإنجاز وتوقيته الذي يواكب سلسلة من الإنجازات الإماراتية المتميزة في المجال ذاته.

ومن هذا المنطلق فإن دولة الإمارات لديها هدفان أوشكا على التحقق أولهما قمر "خليفة سات" والذي سيتم إطلاقه خلال أقل من عام وسيصبح أول قمر صناعي إماراتي خالص.. وثانيهما " مسبار الأمل" الذي يعد سبقا إماراتيا وعربيا رائدا والمزمع إطلاقه خلال ثلاث سنوات فقط وهما هدفان يكشفان حقيقة أن ثمة مستقبلا هائلا ينتظر دولة الإمارات في ظل استخدامها للتقنيات الحديثة وعلوم الفضاء المتاحة من أجل توفير الدعم لصناعة القرار وتقديم إسهامات علمية إلى البشرية وهو ما سوف يضعها في مرتبة متميزة عالميا وإقليميا في هذا المجال.

إن انطلاق "خليفة سات" العام المقبل "بإذن الله" والوصول إلى المريخ خلال الـسنوات الثلاث المقبلة وفي الأفق القريب تلوح مدينة المريخ العلمية والمؤتمر الدولي للفضاء على الأبواب كلها أهداف سهل تحقيقها من قبل قيادة لا ترضى إلا بالمركز الأول.

التعليقات