أظهر تقرير صادر عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن تجربة دول المجلس في الحماية الاجتماعية تشكل نموذجًا متقدمًا إقليميًا ودوليًا، يجمع بين العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية، ويؤكد أن الاستثمار في الإنسان هو السبيل الأضمن لتحقيق الاستقرار والازدهار والتنمية المستدامة، وترسيخ مجتمع خليجي شامل ومتماسك في الحاضر والمستقبل.
وأشار تقرير "واقع وسياسات الحماية الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي" إلى تفوق دول المجلس في مختلف المؤشرات الدولية المتعلقة بالحماية الاجتماعية، حيث صُنفت جميع الدول ضمن فئة التنمية البشرية المرتفعة جدًا وفق تقرير مؤشر التنمية البشرية لعام 2025، مع تقدمها في مؤشرات محورية تشمل الصحة والتعليم وجودة الحياة.
كما تتفوق دول المجلس على المتوسط العالمي في مؤشر التقدم الاجتماعي لعام 2025، ما يعكس ريادتها في تعزيز رفاه الإنسان والتنمية الشاملة.
وبلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في دول المجلس عام 2024 نحو ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي، فيما احتلت جميع دول المجلس المراكز الستة الأولى على مستوى غرب آسيا وأفريقيا في مؤشر التنافسية العالمية، ما يدل على قوة اقتصاداتها وقدرتها على تمويل شبكات حماية اجتماعية واسعة وبمستويات إنفاق مرتفعة نسبيًا.
ووفق التقرير، يحصل 100% من سكان دول المجلس على خدمات التعليم والصحة والمياه النظيفة والكهرباء، فيما تخلو دول المجلس من الأحياء الفقيرة أو المساكن غير اللائقة، مقارنة بنسبة 24.7% عالميًا، ما يعكس شمولية السياسات الاجتماعية وفاعلية البنية الأساسية للخدمات.
وسجلت نسبة الإنفاق الحكومي على الحماية الاجتماعية في دول المجلس بين 19.2% و22.9% من إجمالي الإنفاق الحكومي لعام 2022، ما يؤكد أولوية الاستثمار في الإنسان كرافعة للنمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.
وتغطي أنظمة الحماية الاجتماعية جميع مراحل الحياة، بدءًا من الطفولة بنسبة تسجيل 100% للأطفال دون الخامسة، مرورًا بسن العمل عبر برامج التأمين ضد التعطل وإصابات العمل ومنافع الأمومة والأبوة، وصولًا إلى الشيخوخة من خلال أنظمة تقاعدية إلزامية سخية، تصل فيها معدلات الاستبدال عند التقاعد إلى 100% من الراتب الخاضع للاشتراك في بعض الدول.
ويبلغ إجمالي المؤمن عليهم في أنظمة التقاعد بدول المجلس أكثر من 15 مليون شخص، بينما يتجاوز عدد المتقاعدين 985 ألف متقاعد، ويستفيد أكثر من 497 ألف وريث، بإجمالي منافع تأمينية سنوية تتجاوز 31 مليار دولار، ما يعكس التأثير الاقتصادي والاجتماعي الكبير لهذه الأنظمة.
كما أبرز التقرير نجاح مبادرة مدّ الحماية التأمينية التي شملت نحو 34 ألف مواطن في دول غير دولهم الأصلية خلال 2023، بنسبة نمو تجاوزت 330% مقارنة بعام 2007، ما يعكس نجاح السوق الخليجية المشتركة في تعزيز الحقوق الاجتماعية للمواطنين.
ورغم هذا التقدم، حدد التقرير عددًا من التحديات، أبرزها التغيرات الديموغرافية، وضمان الاستدامة المالية للأنظمة، وسد فجوات التغطية لبعض الفئات، وتحسين كفاية المنافع، وتعزيز التنسيق المؤسسي وتكامل البيانات.
وأوصى التقرير بتطوير أنظمة حماية اجتماعية أكثر شمولية واستدامة، وتنويع مصادر التمويل، وبناء منظومة معلومات موحدة على مستوى دول المجلس لدعم قياس الأثر وصناعة القرار المبني على الأدلة.
ويستند التقرير إلى إطار استراتيجية التنمية الشاملة المطورة (2010–2025)، التي تهدف إلى بناء مجتمع خليجي مزدهر وآمن ومتماسك، تُصان فيه كرامة الإنسان وتُوفَّر له مقومات العيش الكريم، مدعومة بعدد من الاستراتيجيات الخليجية المشتركة، مثل استراتيجية العمل والقوى العاملة، واستراتيجية الخدمة المدنية وتنمية الموارد البشرية، والاستراتيجية السكانية الموحدة، واستراتيجية العمل الخليجي المشترك لشؤون المرأة.
التعليقات