لبنانيون يترنحون تحت وطأة ضرائب جديدة

يدخل لبنان مرحلة اقتصادية جديدة بعد أن أقر البرلمان سلسلة ضرائب مثيرة للجدل يقول خبراء اقتصاديون إنها ستؤثر على الوضع المعيشي لغالبية اللبنانيين.

وبعد يوم واحد من إقرار الضرائب بدا المواطنون في شوارع بيروت أقرب إلى النقمة بسبب ما سيتراكم عليهم من ضريبة ستأكل جزءا من زيادة في الرواتب التي طالت الموظفين في القطاع العام في سبتمبر.

وقال قاسم ديب العامل في القطاع العام إنه على ما يرام في دفع بعض الزيادة التي حصل عليها لكنه لا يزال يعتقد أنه كان على الدولة أن تبحث عن وسيلة أخرى للتمويل لاسيما وأن هناك ”صعوبة في الوضع المعيشي في البلاد“.

وأضاف قائلا ”هناك عائدات يمكن للدولة أن تستحصل عليها دون أن ترهق المواطن من الممتلكات البحرية والبنوك والشركات المالية الكبيرة. لقد فرضت ضرائب عليها لكن مع نسبة مئوية ضئيلة جدا. المفروض أن تكون الضرائب التي زادوها أكثر من ذلك بكثير لكي يغطوا السلسلة ويريحوا المواطن الفقير“.

وقالت باميلا، وهي مواطنة لبنانية أخرى من بين الذين يعارضون تماما الضرائب المتزايدة ”أجد أنه من الغلط جدا كيف يزيدون الضرائب علينا. إذا كانوا يريدون أن يفعلوا شيئا بهم (ضرائب) هذه نص مصيبة لكن هم يأخذون المصاري (المال) ويبقون يطلبون زيادة ولا شيء يتغير“.

وتنتظر البنية التحتية للبلاد الإصلاح منذ انتهاء الحرب الأهلية التي دامت 15 عاما وانتهت في 1990 حيث اكتظت الطرق بالسيارات وامتلأت الشواطئ بالنفايات وما زال التقنين في المياه والكهرباء فيما الانترنت ووسائل الاتصالات تسير ببطء شديد.

وفي حين ينعم موظفو القطاع العام بحوافز مالية بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب فإن القطاع الخاص بدا كمن أصيب بالنكبة بحيث بات على الموظفين أن يدفعوا الضريبة بدون أن يحصلوا على أي زيادة.

وقالت خديجة العبد ”عندي ثلاثة أولاد في المدرسة وكل شيء ارتفع سعره من حولي ومعاش زوجي لا زال كما هو. زوجي يتقاضى راتب 600 دولار وعلينا أن نعتاش منه طوال الشهر في ظل هذا الغلاء الفاحش. هل هذا عدل؟“

وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يوم الاثنين إن زيادات الضرائب التي أقرها البرلمان لتمويل سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام كانت ضرورية لتفادي انهيار الليرة اللبنانية.

ويبلغ معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 148 في المئة، وهو من أعلى المعدلات في العالم. وسجل لبنان عجزا في الموازنة بلغ 4.9 مليار دولار العام الماضي.

وفي يوليو وافق البرلمان على زيادة قدرها 917 مليون دولار في رواتب العاملين بالقطاع العام إضافة إلى سلسلة من الزيادات الضريبية لتمويلها.

وعلى الرغم من معارضة بعض رجال الأعمال وجماعات سياسية صدق الرئيس ميشال عون على القوانين في أواخر أغسطس وبدأ الناس منذ ذلك الحين يتقاضون رواتبهم وفقا للزيادات.

لكن في سبتمبر، ألغى المجلس الدستوري قانون الضرائب بعد طعن قانوني من حزب سياسي وأحاله مجددا إلى البرلمان لإجراء تعديلات.

ووافق البرلمان يوم الاثنين على النسخة المعدلة والتي تتضمن زيادة ضريبة القيمة المضافة من 10 إلى 11 بالمئة بالاضافة إلى ضريبة أرباح الشركات والخمور ومنتجات التبغ وجوائز اليانصيب والفائدة على الودائع المصرفية وكذلك زيادات في الرسوم والغرامات.

كما شملت الضرائب زيادة قدرها 3.5 دولارات على رسوم القادمين إلى لبنان عبر البر من غير اللبنانيين وإقرار رسم على المسافرين جوا في الدرجة الأولى والسياحية والطائرات الخاصة. كما تم إقرار فرض رسوم على معاملات كتاب العدل وإضافة رسم على طن الإسمنت وفرض ضريبة على الهاتف الثابت والبطاقات الهاتفية بنظام الدفع المسبق.

وكان رجال أعمال قد حذروا من أن الضرائب المرتفعة قد تضر باقتصاد لبنان الهش الذي تعرض لهزة بفعل الصراع في سوريا المجاورة. وانخفض النمو من 8-9 بالمئة إلى أقل من 2 بالمئة بعد بدء الحرب في سوريا في 2011.

ويقول رجال الأعمال إن لبنان يحتاج بدلا عن ذلك إلى تحصيل ضريبي أفضل وخطة للنمو الاقتصادي ذات مصداقية وإقرار ميزانية لأول مرة منذ عام 2005.

وقال الخبير الاقتصادي اللبناني غازي وزني إنه تم اصدار 17 مادة ضريبية في جلسة البرلمان يوم الاثنين 10 منها تؤثر بشكل مباشر على المواطنين في حياتهم اليومية.

وأبلغ رويترز في مكتبه في وسط بيروت ”فيما يتعلق بمداخيل هذه الإجراءات الضريبية 55 بالمئة منها تطال المواطنين مباشرة 26 بالمئة من هذه المداخيل للقطاع المصرفي و18 بالمئة إلى القطاع العقاري“.

وأضاف قائلا ”حاليا فيما يتعلق بالليرة اللبنانية يمكن القول إن الليرة آمنة ومستقرة وقوية، لكن عدم إقرار هذه الموارد الضريبية تجعل الوضع المالي العام متأزم والعجز فيها مرتفع جدا وخاصة أنه يوجد نوع من التحذيرات من قبل المؤسسات المالية الدولية“.

وكانت وكالة موديز قد خفضت التصنيف الائتماني للديون السيادية للبنان في أغسطس وعزت ذلك إلى عبء الدين الذي يثقل كاهل البلاد. بيد أن وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش أكدتا تصنيفهما الحالي للبلاد.

وشكك وزني في محاولة بعض القوى السياسية الطعن مجددا في قانون الموارد الضريبية قائلا إن ”توقيف هذه الموارد الضريبية يؤدي مباشرة إلى توقيف دفع سلسلة الرتب والرواتب. ونحن في ظل هذه الظروف السياسية والانتخابات النيابية القادمة أشك أن أي قوى سياسية تحاول ايقاف دفع سلسلة الرتب والرواتب“.

ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في العام القادم ولهذا اعتبر البعض زيادة الرواتب في القطاع العام خطوة شعبية.

وقال وزني ”كلفة السلسلة هي تقريبا مليار ومئتي مليون دولار، وكان بالإمكان توفير هذه المداخيل من 3 أو4 مداخيل استثنائية. مثلا معالجة الأملاك العمومية البحرية المعتدى عليها، كان بإمكانها أن توفر تقريبا 800 مليون دولار. القطاع المصرفي اللبناني كان يستطيع أن يوفر تقريبا 700 مليون دولار، هذان البندان كانا باستطاعتهما بسهولة تغطية سلسلة الرتب والرواتب بدل التوجه إلى سلة واسعة متشعبة تطال المواطنين والقطاعات الاقتصادية عامة“.

وكان القطاع المصرفي، الذي يعد حجر الزاوية في الاقتصاد اللبناني، قد اعترض بشدة على القانون.

وأدت التغييرات إلى رفع الضريبة على أرباح الشركات إلى 17 بالمئة من 15 المئة كما فرضت ضرائب على المعاملات المصرفية بطريقة يقول مصرفيون إنها تجعل البنوك تدفع الضريبة مرتين.

ويبلغ معدل الضريبة الفعلية على البنوك حاليا نحو 15 بالمئة لكنه سيرتفع إلى نحو 50 بالمئة إذا ما تم إدخال التغييرات الضريبية المقترحة حسب فريدي باز مدير استراتيجية المجموعة ببنك عوده وعضو مجلس إدارة جمعية المصارف.

التعليقات