ضغوط قوية تسبب تراجعا ملحوظا في العملة الهندية

انخفضت العملة الهندية نهاية الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى على الإطلاق مقابل نظيرتها الأمريكية عند مستوى يتجاوز 69 روبية لكل دولار بعد أن أنهت الجلسة السابقة عند أدنى مستوى في 19 شهراً.

ومنذ بداية العام الحالي وحتى الآن، بلغت خسائر الروبية الهندية مقابل الدولار الأمريكي حوالي 7.4% لتكون العملة الأسوأ أداءً في آسيا خلال 2018

وتتوقع مجموعة "دي.بي.إس" الاستثمارية أن تتراجع الروبية الهندية إلى 71 لكل دولار بحلول يونيو من العام المقبل، بسبب اتساع عجز الحساب الجاري (بنحو 2% نسبة للناتج المحلي الإجمالي) جراء أسعار النفط الآخذة في الارتفاع، حسبما نقلت شبكة "بلومبرج".

كما يتوقع بنك "باركليز" أن تواصل الروبية الهندية الهبوط إلى 72 روبية لكل دولار بحلول نهاية العام الحالي.

أسباب الهبوط

يأتي في مقدمة هذه الأسباب؛ أسعار النفط المرتفعة كونها ساهمت في التأثير السلبي على تداولات العملة الهندية، حيث أن "نيودلهي" أحد أكبر مستوردي الخام على الصعيد العالمي.

وأغلق خاما "برنت" و"نايمكس" جلسة الأربعاء (27 يونيو) عند مستويات 77.62 دولار للبرميل و72.76 دولار للبرميل على الترتيب بفعل إشارات حول عدم قدرة أوبك لزيادة إنتاجها النفطي إضافة إلى هبوط حاد في مخزونات النفط الأمريكية.

وواصل النفط ارتفاعها في الأيام التالية، ليتجاوز "نايمكس" أمس الثلاثاء مستوى 75 دولاراً لأول مرة منذ عام 2014.

واتفق أعضاء "أوبك" ومنتجي الخام من خارج المنظمة على زيادة الإنتاج النفطي ليصل مستوى الإلتزام إلى 100% مقابل امتثال المجموعة البالغ 152% في مايو الماضي، لكن تلوح في الأفق عقبات في فنزويلا وإيران بشأن عدم القدرة على تنفيذ القرار.

كما أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط بالولايات المتحدة تراجعت بمقدار 9.9 مليون برميل يومياً في الأسبوع المنتهي في 22 يونيو مع مواصلة الإنتاج الأمريكي من الخام الاستقرار عند مستوى قياسي.

وتستورد الهند 80% تقريباً من احتياجاتها النفطية، حيث أنها ثالث أكبر دولة حول العالم مستهلكة للخام لكن سيصبح الوضع أكثر سوءاً حال إصرار الإدارة الأمريكية على وقف شراء الخام من إيران بفعل العقوبات المفروضة على الأخيرة عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران.

وتدور واردات الهند النفطية من إيران حول 11% من احتياجات نيودلهي من الخام.

ووفقاً لمحلل في شركة "نومورا هولدنجز" بسنغافورة، فإن كل زيادة 10 دولارات في أسعار النفط تزيد عجز الحساب الجاري بنحو 0.4% نسبة للناتج المحلي الإجمالي للبلاد كما تدفع معدلات التضخم إلى أعلى بمقدار 30 إلى 40 نقطة أساس، نقلاً عن شبكة "بلومبرج".

ووفقاً لوزارة النفط الهندية، كل تغيير في سعر صرف الروبية مقابل الدولار الأمريكي سيؤثر سلباً على فاتورة واردات البلاد للخام بمقدار 108.8 مليار روبية (1.58 مليار دولار).

وتقدر فاتورة الواردات النفطية للهند في الموازنة المالية الحالية التي تنتهي في 31 مارس المقبل بـ108.79 مليار دولار استناداً إلى سعر صرف العملة عند 64 روبية لكل دولار وسعر برميل النفط عند 65 دولاراً.

أما العامل الآخر فيتمثل في مستقبل التجارة العالمية على خلفية خطاب التصعيد التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وتتبادل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الجانب الصيني صراعاً بشأن فرض رسوم جمركية والرد بتعريفات انتقامية والذي وصل مؤخراً إلى الاستثمارات الصينية المتعلقة بالتكنولوجيا.

وعلى الصعيد التجاري الأمريكي الهندي، فالتقى مفاوضين من الجانبين في العاصمة الهندية "نيودلهي" في الأسبوع الأخير من يونيو للنظر في القضايا التجارية.

وبلغ حجم الميزان التجاري في السلع والخدمات بين البلدين (الولايات المتحدة والهند) 126 مليار دولار خلال عام 2017.

لكن تُعد الولايات المتحدة هي الوجهة التصديرية الأولى للهند، حيث تتمتع نيودلهي بفائض تجاري قدره 30 مليار دولار تقريباً.

وتتطلع الهند إلى الحصول على استثناء من القرار الأمريكي بشأن تعريفات الصلب والألمونيوم والبالغة 25% و10% على الترتيب في حين ترغب واشنطن في قيام نيودلهي بمزيد من انفتاح الأسواق الهندية لصادرات الولايات المتحدة.

وبعيداً عن العوامل التي شكلت ضغوطاً قوية على العملة المحلية في "نيودلهي"، حيث دفعت أسعار النفط المرتفعة وسياسات الحمائية التجارية المستثمرين للتخلص من عملات الأسواق الناشئة في مقابل حيازة الدولار والذي ينظر إليه كملاذ آمن.

ويفاقم هذا الانخفاض في قمية العملة الهندية المخاوف تجاه إعاقة مسار النمو الاقتصادي المرتفع في البلاد خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وتعتبر الهند واحدة من أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً حول العالم، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بنسبة 7.7% خلال الربع الأول من 2018 على أساس سنوي.

وكان مسح لوكالة "موديز" لخدمات المستثمرين قد أظهر أن ارتفاع أسعار النفط وميزانيات البنوك في الهند أكثر المخاطر الائتمانية التي تهدد اقتصاد البلاد.

وأشار 30.3% من المشاركين في البحث إلى أن ارتفاع أسعار النفط هو أكبر خطر يهدد اقتصاد الهند، بينما 23.1% يعتقدون أن الأزمة تكمن في ارتفاع أسعار الفائدة.

التعليقات