رجل السيديهات وقذافي مصر.. مرتضى منصور يبحث عن الرئاسة بعد 30 عامًا من الصدامات والسباب  

مواقف مرتضى منصور المثيرة للجدل، تجعله رجل خارج التوقعات، فبين الفينة والأخرى يخرج علينا الرجل بتصريحات تكون حديث الرأي العام بعد لحظات من إطلاقها، لتكون مادة دسمة للنكات وإطلاق الضحكات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى درجة تشبيهه بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي الذي اشتهر بتعليقاته المثيرة للسخرية.

بات رئيس النادي الزمالك المصري، واحدًا من أهم الشخصيات التي استطاعت أن تفرض نفسها وبقوة في السنوات الأخيرة رغم ماله من تاريخ يعيق الصخر عن التقدم، فوجودة على رأس أكبر الأندية المصرية وعضوًا في المجلس النيابي ومحاميًا لأشهر الشخصيات على الساحة المصرية، تدفع بضرورة الخوض في أعماق تلك الشخصية.

انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية المصرية المقررة مارس المقبل، دخل مرحلة العد التنازلي، مع اقتراب التصويت عليها مارس المقبل، وبعد إعلان أربعة مرشحين محتملين للرئاسة خوض غمار المنافسة، فإن الأمور سرعان ما تتضح معالمها بمرور الوقت.

فبالرغم من عدم إعلان الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، ترشحه رسميًا وخوض السباق، إلا أنه ترددت أنباء عن إرجاء الإعلان للخميس المقبل، وسط غياب حقيقي لمرشحين أقوياء منافسين له.

وبالرغم من الإعلان المفاجئ للفريق سامي عنان، الرئيس الأسبق لهيئة أركان الجيش المصري، بالترشح للانتخابات الرئاسية، وكذلك النائب البرلماني السابق محمد أنور السادات، الذي تراجع لاحقًا، ورئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، واستبقهم في الإعلان المحامي الحقوقي خالد علي، إلا أن مراقبون يرونها انتخابات أحادية الجانب لغياب الظهير الشعبي والحزبي لمنافسي السيسي.

وبينما مثّل إعلان المستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك الرياضي في مصر، دهشة للمصريين أنفسهم، لاسيما وأنه يعتبر من أشد مؤيدي الرئيس الحالي والذي سيصبح منافسًا له في الانتخابات المقبلة، كما أنه رجل احترف إثارة الجدل لتصريحاته الملفتة للأنظار من وقت لآخر.

وفي الوقت الذي يترقب فيه متابعون للشأن المصري أجواء سير الانتخابات الرئاسية، إذ تتدلى أمامهم ذكرى انتخابات 2012 الرئاسية، حيث قام مرتضى منصور بالتقدم للترشح رسميًا للانتخابات وقدم أوراقه للجنة الانتخابات وقتها ثم قبيل إغلاق بابا الترشح أعلن انسحابه بمبررات لم تلق صدقًا من أحد.

مشهد 2012 ربما يتكرر في 2018 وهو الأقرب، مع رجل اعتاد لفت الأنظار إليه مهما كان الجدل الذي يثار حوله، وأينما كان الصراع الذي سيكون عقبى أحاديثه على شاشات التلفاز أو المسطر على أوراق الصحف.

وبينما أعلن مرتضى منصور خوضه انتخابات الرئاسة في تصريحات متلفزة، إلا وهبت عواصف من النقد وسيل من الضحكات والنكات على مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمين بعض الألفاظ التي يستخدمها على الشاشات، وكتب أحدهم على "فيسبوك" "الخيل والليل والبيداء وأمك تعرفني".

استعراض للقوة

وفي أول رد فعل في أعقاب إعلان ترشح "منصور"، عزز نقده لزملائه في مجلس النواب الذين منحت الأغلبية العظمى منهم تزكيتهم لترشيح الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالقول: إن هذا بمثابة استعراض للقوة وأمر لا يقبله الرئيس.

ويشترط الدستور المصري، بأن يحصل المرشح الرئاسي على نحو 25 ألف توكيل من المواطنين أو تزكية من 20 نائبًا بمجلس النواب، كشرط لخوض المنافسة الانتخابية.

لكن "منصور"، عول على دعم أعضاء حزب النور السلفي الإسلامي داخل مجلس النواب، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن، فكار رد الحزب صادمًا للمرشح الرئاسي، وأصدر بيان، قال فيه "إن الحزب لن يمنح توكيلات لمرتضى منصور".

رئيس ضد الحريات والمناظرات

بشكل أو بآخر يعزز مرتضى منصور ما هو معهود عنه من إثارة للجدل، وكذا الصورة الذهنية له لدى المواطنين، فبمجرد إعلانه الترشح أدلى بالعديد من التصريحات التي واجهت نقدًا لاذعًا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما بعدما قال إنه فور فوزه بالمقعد الرئاسي سيقوم بغلق موقع التواصل "فيس بوك"وكذلك رفضه لإجراء أي مناظرة مع أي مرشح منافس له.

تصريحات منصور دفعت لتفسيرات أهمها أن خوضه الانتخابات مسرحية هزلية يخوضها كمسرحياته السابقة مع آخرين بغرض مزيد من الشهرة، وليست المنافسة، وهو ما جعل البعض يطالب بضرورة وضع مزيد من الشروط للمرشحين للانتخابات بحيث تكون أسماءً تليق وحجم الدولة الكبيرة.

سوابق المرشح الرئاسي

رغم أن مرتضى منصور، رجل قانون بالأساس، دراسة ومهنة، إلا أنه في كثير من الأحيان يستخدم القانون كسلاح يسلط على رقاب كل معارضيه، ليدخل معهم في سلسلة من الصراعات والاشتباكات.

لكن أبرز تلك الصراعات هو قيامه باقتحام مكتب المستشار السيد نوفل، الرئيس الأسبق لمجلس الدولة (هيئة قضائية)، في العام 2007، برفقة مجموعة من أنصاره وانهال عليه داخل مكتبه بالسباب والشتائم، بعد الحكم الصادر بتأييد قرار وزير الرياضة وقتها بحل مجلس إدارة نادي الزمالك الذي كان يرأسه "مرتضى" في العام 2005.

وعلى إثر هذه الواقعة عاقبت محكمة مصرية "مرتضى منصور" بالسجن 3 سنوات مع الشغل في قضية سب وقذف رئيس مجلس الدولة.

رياضيًا، دخل في معارك طاحنة مع أبرز نجوم كرة القدم المصرية، بينهم أحمد شوبير والتوأمان حسام وإبراهيم حسن و ميدو، وممدوح عباس، وأخيرًا أحمد حسن ومقدم البرامج الرياضية إبراهيم فائق اللذين اتهماه مؤخرًا بالسب والقذف والتطاول عليهما.

سياسيًا، يذكر مراقبون أنه لم يستطع صد تطاول مرتضى منصور سوى كمال الشاذلي زعيم الأغلبية النيابية بالحزب الوطني الحاكم قبيل ثورة 25 يناير، فكان يقف له بالمرصاد داخل مجلس النواب، وانتشر فيديو شهير حاول خلاله مرتضى أن يوقف حديث الشاذلي إلا أن الأخير بادره بالقول "اسكت هوا انت فاهم حاجة".

كذلك طرح اسم مرتضى منصور من بين المتهمين في محاكمة القرن الشهيرة التي اتهم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه في أعقاب الثورة، لاسيما في موقعة الجمل الشهيرة والمسئولية عن قتل عدد من المتظاهرين، لكنه سرعان ما حصل على البراءة وجميع المتهمين كذلك.

كان مرتضى من أشد المعارضين لثورة يناير، لدرجة أنه رفض أداء اليمين الدستوري كعضو في مجلس النواب سنة 2015 لأن ديباجة الدستور تعترف بثورة يناير التي يكرهها مرتضى بشدة.

كان منصور أكثر تأييدًا للرئيس الأسبق حسني مبارك، ولفت في تصريح سابق أن مبارك طلبه للدفاع عنه لكنه رفض ورشح له المحاميان فريد الديب وبهاء أبو شقة.

السياسة والرياضة بعد القضاء

"يعرف من أين تؤكل الكتف"، فيما يبدو هذه الحكمة الشهيرة جاءت لتنطبق على مرتضى منصور، الذي ما طرق بابًا يؤدي به إلى طريقي الشهرة والنفوذ إلا وطرقهما، فكانت الرياضة والسياسة الطرق المفتوحة أمامه ليسلكهما لتحقيق ما يألوا إليه وقد تحقق.

خاض مرتضى منصور العمل السياسي مبكرًا بعد استقالته من عمله بالقضاء، قبل نحو 28 عامًا، وكانت نقطة البدء هي خوض المنافسات النيابية منذ العام 1990، حيث رشح عضوًا بمجلس الشعب وقتها "مجلس النواب حاليًا"، لكنه خسر، وذاق مرارة الخسارة ثانيًا في العام 1995 في مسقط رأسه بمحافظة الدقهلية لكنه استطاع أن يقتنص اللقب فيما تلته من دورات نيابية.

يعد مرتضى منصور عضوًا عاملًا في ناديين غريمين وهما الأشهر بمصر "الأهلي والزمالك" في ظاهرة نادرة التكرار، وهو ما يدفع معارضيه في النادي الذي يرأسه حاليًا "الزمالك" لتوجيه النقد إليه باستمرار.

اتخذ منصور طريق الإدارة كعضو في مجلس إدارة الزمالك باكرًا في العام 1992، تحت راية محاربة الفساد ما جعله يكتسب نفوذًا وشعبية داخل النادي.

لكن إدارة الدولة تختلف عن إدارة ناد رياضي، هكذا يشير مرتضى منصور في تصريحات أخيرة له في أعقاب الترشح، فبالرغم من أنه يرى أنه حقق نجاحات كبيرة في إدارته للنادي الشهير إلا أن مقاييس الحكم تختلف. 

رجل الـ" CD "

يعرف مرتضى منصور برجل الـ" CD "، فسرعان ما يلوح لمعارضيه على الهواء بأنه يمتلك خزائن أسرارهم ولا يخشاهم وأنه يمتلك "CD" لكل مناوئيه، وهو ما يدفع بخصومه للابتعاد عن الصدام معه من آن لآخر، وفي بعض الأحيان يقدمون اعتذارًا له بعد تطاوله تجاههم.

بدأ "منصور" الصدام مبكرًا مع المشاهير وقتما كان يجلس على منصة القضاء، لعل أبرزهم الفنان عادل إمام الذي أصدر بحقه حكمًا بالسجن 6 أشهر وتطبيق غرامة مالية تقدر بمليون جنيه مصري (نحو 58 ألف دولار)، بتهمة السب والقذف، لكنه سرعان ما تصالح مع الفنان الشهير بعد تدخل أطراف مسئولة على خط الصلح بينهما.

يعد "منصور" واحدًا من أشهر محاميي مصر، لا سيما وأنه محامٍ لكثير من المشاهير في الأوساط السياسية والاقتصادية والفنية والرياضية، على حد سواء.

لكن مرتضى رغم شهرته الواسعة، إلا أن خصوماته المتعددة وتطاوله على عدد كبير من المعارضين له عكست انطباعًا سلبيًا لدى كثير من متابعيه، ووضع الرجل الذي بلغ من العمر 66 عامًا نفسه في أزمة من الصعب تداركها مع جمهور الرأي العام المصري، وهو ما يعيقه في طريقه السياسي نحو الترشح لانتخابات الرئاسة إذا ما استمر في طريقه.

يظل مرتضى منصور، حالة فريدة في مكوناتها الشخصية، تقدمها رغم مشاكلها الكثيرة يضفي فرضية التساؤل عن طبيعة شخصية مثيرة للجدل تستدعي ضرورة البحث الدقيق عن الحياة المثيرة التي يعيشها رئيس الزمالك، فالرجل الذي تطاول على الجميع حقق كل ما كان يألوا إليه وكأن القانون صنع ليحميه، هكذا يتحدث خصومه.

وتبدوا شخصية الرجل حديدًا احمَّر لونه من شدة اللهب يخشى الجميع الاقتراب منها، بل دعمها إن اقتضت الظروف، وكأن المحيطين بالرجل ومن يدخلون معه في صراع على رؤوسهم جروح غائرة تستدعي التوقف عن المجابهة، ليتحول إلى "فتوة الحارة" الذي يخشاه الجميع.

لكن حالة التقلب المزاجي التي تظهرها شخصيته من آن لآخر، وإثارته الدائم للجدل، ربما تتوقف إذا ما صدق وعده وانطلق في السباق الرئاسي دون توقف، فلعل الدبلوماسية السياسية تطغى عليه في أثناء ترشحه، وإن كان ذلك مستبعدًا، إلا أن أحلام مؤيديه تظل يقظة متأملة لتحقيق ذلك واقعيًا في مقبل الأيام.

التعليقات